ARTICLE AD BOX
مع نهاية مباريات الجولة السادسة من لقاءات المرحلة الحاسمة من التصفيات الآسيوية المؤهلة إلى بطولة كأس العالم 2026، احتلّ منتخب فلسطين المركز السادس والأخير في المجموعة الثانية، برصيد ثلاث نقاط، من دون أن يتذوّق طعم الانتصار، وبآمال شبه منتهية في الوصول إلى هدفه المُعلن: الملحق المؤهل إلى بطولة كأس العالم، بعد وصوله الأول تاريخيّاً إلى الدور الحاسم، لكن الأمور تبدلّت لاحقاً وتغيّرت الصورة مع المدرب إيهاب أبو جزر (44 عاماً).
في الوقت الذي اختتم فيه منتخب فلسطين 60% من مشواره في التصفيّات، قرّر الاتحاد الفلسطيني لكرة القدم أن يُجري تغييره الأول، بحثاً عن بطاقة الوصول إلى الملحق؛ فأعلن في الثالث من ديسمبر/ كانون الأول الماضي استبدال مديره الفنّي التونسي مكرم دبّوب (52 عاماً) الذي قاد الفدائي إلى المرحلة الحاسمة، وإلى التأهل لأول مرة في تاريخ منتخب فلسطين إلى دور الستّة عشر من بطولة كأس آسيا 2024، بالمدير الفنّي الوطني إيهاب أبو جزر، الذي أشرف في السابق على منتخب فلسطين الأولمبي. ومنذ ذلك التاريخ تغيّر كل شيء، بعدما اعتمد في تجربته على ثلاث عناصر، من أجل الحفاظ على آمال منتخب فلسطين -رغم صعوبتها- بالوصول إلى دور الملحق المؤهل إلى بطولة كأس العالم:
التنوع على الدكّة
استعان المدرب بطاقم فنّي متنوّع، يتكون من صاحب التجربة الواسعة مع المنتخبات الوطنية الفلسطينيّة، المدير الفنّي فراس أبو رضوان (43 عاماً)، الذي سبق له العمل مع منتخب فلسطين للأشبال، والناشئين، والشباب، والأولمبي، وعمل مساعداً للمدير الفنّي السابق لمنتخب فلسطين، الأردني جمال محمود، وحصد معه لقب البطولة الرسميّة الوحيدة في تاريخ الفدائي (كأس التحدي 2014). ويمتاز أبو رضوان بقدرته الاستثنائية على تطويع مجموعة اللاعبين لخدمة الفريق، إذ يعمل مدير مدرسة، إلى جانب شخصيّته الملتزمة دينياً، حيث يلقّب بـ"الشيخ"، ما يجعله يحظى باحترامٍ بالغٍ لدى مجموعة اللاعبين، بالإضافة إلى قدراته الفنيّة الجيّدة، بعدما قاد نادي الخضر إلى وصافة دوري المحترفين الفلسطيني لكرة القدم، موسم 2013-2014.
بالإضافة إلى أبو رضوان، ضمّ أبو جزر مساعده في منتخب فلسطين الأولمبي، إبراهيم أبو ماضي (35 عاماً)، وهو الذي تسلّم أخيراً قيادة الأولمبي، من أجل تعزيز العلاقة بين المنتخب الأول والرّديف؛ في إشارة واضحة إلى الطريقة التي سيعمل بهما أبو جزر على تقليل أعمار اللاعبين في الفدائي، وتوسيع رقعة اختياراته للمباريات المختلفة. وانسجاماً مع رغبة الجماهير الفلسطينية، استعان أبو جزر بالمدرب الفلسطيني الشابّ، الذي كان سابقاً في الطاقم الفنّي لفريق أياكس أمستردام الهولندي، والمدير الفنّي في الملاعب النّرويجية لمدّة تزيد على سبع سنوات، محمد الدجاني (33 عاماً)، الذي أبدى رغبة واضحة في العمل داخل فلسطين خلال مقابلة أجراها معه "العربي الجديد".
كذلك أضاف عنصراً من التواصل المهنيّ مع اللاعبين الفلسطينيين المحترفين في الخارج، من أجل إقناعهم بالانضمام إلى المنتخب، وتقديم الأمر على أنه مشروع كامل-متكامل، من حيث الهدف، والخطّة الموضوعة، ودور اللاعب في هذا المشروع في حال موافقته على ارتداء قميص الفدائي. ويُحسب للدجاني قدرته العالية على العمل في أعلى المستويات الاحترافيّة؛ إذ تلقّى عدداً من الدورات التدريبيّة على يد المدرب البرتغالي الأسطوري جوزيه مورينيو، وكان زميلاً لمدرب مانشستر يونايتد الإنكليزي الحالي، البرتغالي روبين أموريم.
أبو جزر وسياسة اللاعبين الشباب
استعاد مدافع منتخب فلسطين السابق الثقة باللاعبين الشبّاب، خصوصاً أولئك الذين مثّلوا المنتخبات الوطنيّة الفلسطينية، وعلى رأسهم لاعبي المنتخب الفلسطيني الأولمبي، إذ لم يتأخر أبو جزر في استدعاء عدد من اللاعبين الجُدد لتشكيلة منتخب فلسطين، سعياً منه لإعطاء كلّ مجتهدٍ فرصة الحضور مع "الفدائي" كما صرّح في وقت سابق لموقع "العربي الجديد"، ورغبة منه في ضخّ دماءٍ جديدة لجسد منتخب فلسطين الذي توقّف عن السّعي بعد خيبة الأمل التي تلقّاها في الجولة الخامسة بخسارته أمام عُمان، ثم تعادله مع منتخب كوريا الجنوبيّة في الجولة السادسة بعد أن كان متقدّماً.
واستدعى أبو جزر إلى قائمة منتخب فلسطين التي واجهت الأردن في الجولة السابعة، والعراق في الجولة الثامنة، إلى جانب القائمة التي واجهت الكويت في الجولة التاسعة، وتستعدّ لمواجهة عُمان في الجولة العاشر، اثني عشر اسماً جديداً، مقارنة بالأسماء التي خاضت اللقاءات الستّة الأولى في التصفيات، وهذه الأسماء، هي: رامي جبّارين (20 عاماً)، ووجدي نبهان (23 عاماً)، وأحمد طه (24 عاماً)، وحامد حمدان (25 عاماً)، وبدر موسى (26 عاماً)، وأسد حملاوي (24 عاماً)، وآدم كايد (23 عاماً)، ومحمد حبوس (23 عاماً)، وخالد النبريص (22 عاماً)، وحمزة حسين (23 عاماً)، وأحمد القاق (23 عاماً)، وآخرهم أغوستين منصور (24 عاماً). وشاركت ثمانية من هذه الأسماء بصورة أساسيّة، أو بديلة في انتصاري منتخب فلسطين المفاجئين على العراق في الجولة الثامنة، ثم على الكويت في الجولة التاسعة، حيث تذوّق فيهما منتخب فلسطين طعم الانتصار للمرّة الأولى خلال تصفيات المرحلة الحاسمة.
قدرة على التحفيز
امتلك أبو جزر خلال مشواره الذي لم يتعدّ ستة أشهر قدرة كبيرة على تحفيز لاعبي منتخب فلسطين، وتذكيرهم بالأهداف التي يلعب لأجلها هذا المنتخب الحالم. وأكد المدرب في حديث خصّ به "العربي الجديد"، أنّه لم يجد صعوبة كبيرة في إقناع لاعبي منتخب فلسطين بفكرة القتال على أمل الوصول إلى الملحق المؤهّل إلى كأس العالم 2026، مضيفاً: "لم نتأهل إلى دور الملحق إلى الآن، ولكننا قاتلنا من أجل ذلك، وسنفعل ذات الأمر في مباراتنا الأخيرة أمام عُمان؛ إذ لا يمكن لمنتخب يحمل اسم فلسطين ألا يقاتل على آماله حتى الرمّق الأخير".
وعبّر المدير الفنّي لمنتخب فلسطين عن اعتزازه بلاعبيه، وبالأداء القوي الذي قدّموه في المباراتين الأخيرتين، مؤكداً: "نحن سفراء لفلسطين، وتحديداً لأولئك الموجودين في خيام النزوح داخل قطاع غزّة، أو الذين يواجهون قطعان المستوطنين في الضفّة الغربيّة، ومدينة القدس، وقبل كل مباراة أؤكد للاعبين أن هدفنا الأول والأخير إسعاد أبناء شعب فلسطين المكلومين، والذين ينتظرون الفرحة من كل مكان، بما في ذلك ملاعب كرة القدم".
وأظهر أبو جزر شخصيّة ماهرة في استخدام عديد العبارات المباشرة التي تستهدف جمهور منتخب فلسطين، أو اللاعبين، وتترك لديهم أثراً بالغاً، وتشحنهم قبل المباريات، ولا سيّما في تصريحاته الإعلامية، أو داخل غرفة المؤتمرات الصحافيّة التي تسبق أو تعقب المباريات، مستفيداً من كونه وُلد في غزّة ولعب لأحد أهم الأندية التاريّخية فيها (شباب رفح)، ثم انتقل للعب في عدد من الأندية التي تنشط في الضفّة الغربيّة، واستقرّ فيها بعد ذلك، وتمكّن بفضل هذه المسيرة من فهم عقليّة اللاعب، والمشجّع الفلسطيني؛ فبات كلامه مسموعاً، وحديث يتردّد في الأصداء.
ولم يتمالك المدير الفنّي لمنتخب فسطين نفسه بعد انتصار منتخب فلسطين التارّيخي الأول في المرحلة الحاسمة من التصفيات على العراق في الجولة قبل الماضية، فركض على الخطّ الجانبي معانقاً صاحب هدف الانتصار، عميد محاجنة في الدقيقة الـ97، ثم صرّح بعد المباراة بأنّه حفّز اللاعبين بين شوطي اللقاء -بينما كان منتخب فلسطين متأخراً- بالحديث عن معاناة الأهل في غزّة، مُكرّراً خطابه أمام الصحافيين بعد المباراة: "قلت للاعبين: تذكّروا أنكم تلعبون باسم فلسطين، وأنكم تمثّلون أناساً موجودين في خيام النزوح، وأناساً غير قادرين على إيجاد رغيف الخبز، وعندما تعودون لخوض الشوط الثاني من المباراة تذكّروا جيّداً أنكم تمثّلون فعلاً هؤلاء الناس".
ومن غير المعلوم إن كانت "ريمونتادا منتخب فلسطين" ستحظى بنهاية سعيدة، يُتوّج فيها منتخب فلسطين بالتأهل إلى دور الملحق المؤهل إلى كأس العالم مع الجولة الأخير أو لا، لكن يُحسب للجهاز الفنّي الجديد لمنتخب فلسطين أنه أحيا آمالاً شبه ميّتة، وضخّ دماءً جديدة لتشكيلة الفدائي يمكن لها مساعدته على تحقيق هدفه الحالي، أو هدف الوصول إلى بطولة كأس العرب مع نهاية العام الجاري.
