ARTICLE AD BOX
لسنوات اعتُبرت الفنانة أمل عرفة أحد أعمدة الدراما السورية، وواحدة من أبرز الفنانات العربيات تنوعاً وشمولاً. فمنذ بداياتها، وضعت مشروعاً فنياً متماسكاً لم يستند فقط إلى موهبة فطرية، بل إلى اجتهاد دائم وحرص مستمر على صقل تجربتها. تنقّلت بثقة بين التمثيل الكوميدي والتراجيدي، والغناء، والكتابة، ما جعلها نموذجاً نادراً للفنانة المتعددة والمتمكنة.
توجت عرفة هذا المسار مؤخراً بمشاركتها يوصفها عضوَ لجنة تحكيم في مهرجان روتردام السينمائي، ما يمثل حضوراً نوعياً جديداً لها على الساحة العالمية، ويمنح مسيرتها بعداً إضافياً يعكس مكانتها الراسخة.
رغم ذلك، لم تكن مشاركاتها الرمضانية الأخيرة على قدر التوقعات، إذ ظهرت في أربعة أعمال دفعة واحدة هي: "يا أنا يا هي"، و"السبع"، و"بدم بارد"، و"كذب أبيض". هذا التعدد في المشاريع لم يُترجم إلى تعدد في النجاحات، بل بدا أقرب إلى توزيع مشتت لطاقة فنية كان من الممكن توظيفها بصورة أكثر فاعلية.
في "السبع"، قدّمت عرفة شخصية ذات عمق درامي لافت، أدّتها باحترافية معروفة عنها، إلا أن إيقاع الشخصية ظل ساكناً لفترة طويلة، ولم تتحرك درامياً إلا في الحلقات الأخيرة، ما خفف من وقعها لدى المشاهدين. كما لم يحظَ العمل بتغطية إعلامية كافية، ما أثر سلباً على حضوره الجماهيري.
أما في "كذب أبيض"، فقد أثار ملصق المسلسل جدلاً واسعاً، بعد أن ظهرت صورتها بشكل بارز، بينما اقتصر ظهورها الفعلي على حلقتين فقط. اعتُبر هذا التناقض نوعاً من استغلال اسمها وشعبيتها، رغم أن حضورها أضفى قيمة حتى لو كان مقتضباً. غير أن العمل لم يُعد من الأعمال التي يمكن الرهان عليها فنياً.
في مسلسل "بدم بارد"، جسدت عرفة شخصية هادئة ومتوازنة ضمن حبكة درامية تمحورت حول اضطرابات نفسية وجرائم قتل. وعلى الرغم من تمايز أدائها عن الأسلوب الدرامي المكثف لباقي الشخصيات، لم يحظَ العمل بالانتشار المتوقع، مما قلّل من صدى مشاركتها فيه.
في المقابل، حاولت خوض تجربة كوميدية جديدة من خلال مسلسل "يا أنا يا هي"، لكن النتيجة جاءت دون الطموح، إذ بدت الكوميديا مفتعلة، تفتقر إلى ذلك الحس التلقائي الذي ميّز تجاربها الكوميدية السابقة، فلم ينجح المسلسل في استقطاب جمهور واسع أو في خلق حالة تفاعل حقيقية.
ورغم هذا التراجع في موسم رمضان 2025، تظل أمل عرفة واحدة من أبرز نجمات الدراما العربية، بما تملكه من رصيد فني وتجارب ناجحة. وكانت قد استعادت ألقها في رمضان 2024 من خلال مسلسل "أغمض عينيك"، الذي حقق صدى جماهيرياً وفنياً لافتاً.
اليوم، ينتظر جمهورها مشروعاً درامياً يليق بها، يعيد تأكيد مكانتها فنانةً متجددة، تعرف كيف تتجاوز العثرات، وتبقى دائماً قادرة على الإدهاش، والاستمرار في تقديم فنّ متقن يستحق المتابعة.
