ARTICLE AD BOX
انتهت رحلة المدرب الإيطالي المخضرم، كارلو أنشيلوتي (65 عاماً)، في العاصمة الإسبانية مدريد، بعد سنوات من التألق مع "الميرنغي" وتحقيق الألقاب، لتبدأ مغامرته الجديدة والأولى من نوعها على صعيد المنتخبات مع البرازيل، بعد مسيرة طويلة أشرف فيها على العديد من الأندية، وكان له أثرٌ أينما حلّ، سواء بفضل شخصيته المميزة أو التتويجات التي رافقته في العديد من المحطات.
وودّع النادي الملكي أنشيلوتي في بيان عاطفي، الجمعة، جاء فيه: توصل نادي ريال مدريد والإيطالي كارلو أنشيلوتي مدرب ريال مدريد الإسباني إلى اتفاق لإنهاء فترة عمله مدرباً للفريق. يود نادينا أن يُعرب عن امتنانه ومودته لواحد من أعظم أساطير ريال مدريد وكرة القدم العالمية. قاد كارلو أنشيلوتي فريقنا خلال واحدة من أنجح الفترات في تاريخنا الممتد على مدار 123 عاماً وأصبح المدرب الذي حقق أكبر عدد من الألقاب في تاريخنا؛ ثلاث كؤوس أوروبية، وثلاث كؤوس عالم للأندية، وثلاث كؤوس سوبر أوروبية، ولقبين في الدوري الإسباني، ولقبين في كأس ملك إسبانيا، ولقبين في كأس السوبر الإسباني. وفي المجمل، حقق 15 لقبًا خلال المواسم الستة التي قضاها مع نادينا".
وتابع البيان الرسمي لنادي ريال مدريد ناشراً كلمة للرئيس، فلورنتينو بيريز، قال فيها: "كارلو أنشيلوتي أصبح الآن جزءًا لا يتجزأ من عائلة ريال مدريد العظيمة. نحن فخورون بمدرب ساعدنا على تحقيق كل هذا النجاح، ومثّل قيم نادينا على أكمل وجه"، وذلك البيان أيضاً "غداً، سيحيي ملعب سانتياغو برنابيو ذكرى اللاعب في المباراة الأخيرة لكارلو أنشيلوتي مديراً فنياً لريال مدريد، ويتمنى ريال مدريد له ولجميع أفراد عائلته كل التوفيق في هذه المرحلة الجديدة من حياته".
كارلو مدرب الملكي الأفضل
رغم أنّ موسمه الأخير مع ريال مدريد كان صعباً للغاية، بخروج الفريق من ربع نهائي دوري أبطال أوروبا أمام أرسنال، وخسارة كأس الملك أمام برشلونة، وفقدان فرصة المنافسة على لقب الدوري الإسباني بعد السقوط أيضاً أمام الغريم التقليدي في الكلاسيكو يوم السبت الماضي، استطاع أنشيلوتي أن يترك بصمة تاريخية في النادي الملكي، إذ يُعتبر المدير الفني الأنجح على الإطلاق بحصده 15 لقباً، متفوقاً على الإسباني ميغيل مونيوز (14)، الذي برز خلال فترة ستينيات وسبعينيات القرن الماضي، ويليه الفرنسي زين الدين زيدان برصيد 11 لقباً.
كان أنشيلوتي طوال مسيرته صاحب رؤية خاصة لكرة القدم التي خبرها لاعباً مميزاً، مع بارما وروما وميلان، قبل أن يتجه إلى عالم التدريب ويشرف على العديد من الأندية: ريجينا، وبارما، ويوفنتوس، وميلان، وتشلسي، وباريس سان جيرمان، وريال مدريد (2013-2015)، وبايرن ميونخ، ونابولي، وإيفرتون، ثم ريال مدريد منذ 2021 حتى عام 2025، وهو الذي يمتلك العديد من التصريحات المثيرة، من بينها ما قاله في موسم 2023-2024 قبل مباراة بايرن ميونخ الألماني في مؤتمر صحافي: "الدور الأهم ليس دور المدرب. أنا واضح تماماً أن هناك نوعين من المدربين: من لا يفعل شيئًا، ومن يُسببون الكثير من الضرر. أحاول أن أكون من النوع الأول. اللعبة ملكٌ للاعبين، ويمكنك أن تُملي عليهم استراتيجية معينة وتُقنعهم بها، لكن العامل الحاسم هو جودتهم والتزامهم. على المدرب أن يُركّز على جعل المجموعة تُدرك أهمية العمل الجماعي".
هذا الأمر لا يعني أن أنشيلوتي لم يكن مدرباً صاحب فكر تكتيكي وفلسفة كروية خاصة، فخلال العديد من المناسبات كانت له بصمة فريدة؛ فعلى سبيل المثال، عدّل تشكيلة الفريق من 4-2-3-1 التي كان يستخدمها البرتغالي جوزيه مورينيو، إلى 4-4-2 ثم 4-3-3، وحوّل الجناح الأرجنتيني السابق أنخيل دي ماريا إلى لاعب وسط أيسر، وأعطى دوراً أكبر لكريستيانو رونالدو في مركز الجناح الأيسر بدلاً من رأس الحربة، وحوّل بنزيمة إلى مهاجم وهمي "رقم 9 في الوسط"، فيما لعب الويلزي غاريث بيل جناحاً مقلوباً على الجهة المقابلة لكريستيانو. وبعدما كان يسعى في البداية إلى اعتماد أسلوب هجومي قائم على الاستحواذ، تبنّى طريقة اللعب السريعة للهجمات المرتدة، بعدما لاحظ أن لاعبيه كانوا أكثر قدرة على التكيّف معها.
أنشيلوتي الرجل المحبوب والنهاية الصعبة
بالإضافة إلى براعته التكتيكية وقدرته على التأقلم، امتاز أنشيلوتي بروح الدعابة ونهجه الهادئ والمتوازن مديراً فنياً، بالإضافة إلى قدرته على تحفيز لاعبيه وبناء علاقة مميزة معهم، وخلق بيئة فريق موحدة بعقلية رابحة، وهو الذي يُعتبر أول مدرب يفوز بلقب الدوري في الدوريات الأوروبية الخمسة الكبرى، لكن نجاحاته الكبرى كانت على مستوى الكؤوس، حتى أن محلل قنوات "ESPN" الأميركية، ميغيل ديلاني، اعتبر أن أسلوبه في إدارة الفريق مرنٌ للغاية ويُناسب أكثر الفوز بالمسابقات المعروفة بنظام خروج المغلوب، مع العلم أنّ هذا الأمر سيكون مفيداً للبرازيل، خاصة أن أسماء عديدة اعتبرته قادراً على مساعدة السامبا، مثل الظاهرة رونالدو، ومواطنه ريفالدو.
في موسمه الأخير مع ريال مدريد، عانى أنشيلوتي من الانتقادات والضغوطات التي تزامنت مع العديد من الإصابات، وظهرت نقاط ضعف واضحة في طريقة اللعب 4-3-3، خاصة حين كان يواجه ضغطاً عالياً بكثافة من لاعبي الخصم، وهو ما كان جلياً خلال مواجهته برشلونة، والمدرب الألماني هانسي فليك، الذي استثمر المساحات خلف الظهيرين المتقدمين، من خلال زيادة عدد الكرات على الأطراف والتبديلات السريعة لعزل المدافعين، وانكشف دفاع الملكي في الكثير من الأوقات، تحديداً حين كان يتعرض لهجومٍ عالٍ عن طريق لامين يامال ورافينيا، وهو ما أدّى إلى التشكيك في قدرته على التكيّف التكتيكي، لتكون هذه الهزائم الأربع أمام برشلونة في الموسم الحالي، ضربة موجعة له بصفته مدرباً من الصف الأول، لكنه من دون شك سيبقى في قلوب المدريديين، فهو رجل "لا ديسيما" التي انتظرتها الجماهير لسنوات طويلة، وذلك حين حقق الريال لقب دوري الأبطال العاشر في تاريخه عام 2014 على حساب أتلتيكو مدريد، فيما كان آخر تتويج له قبلها في عام 2002 أمام باير ليفركوزن.
Comunicado Oficial: Ancelotti#RealMadrid | #GraciasCarlo
— Real Madrid C.F. (@realmadrid) May 23, 2025