أيّ عيد لغزّة في زمن المجاعة والإبادة

5 days ago 5
ARTICLE AD BOX

تغيب في قطاع غزة مظاهر الاستعداد لعيد الأضحى الذي يحل يوم الجمعة المقبل، السادس من يونيو/حزيران الجاري، فشوارع المدن المدمرة تحولت إلى مخيمات للنازحين، والقمامة تكدست في الزوايا، والبهجة غابت خلف وجوه جائعة ومنهكة. كل ذلك تحت وطأة حرب إبادة جماعية ترتكبها إسرائيل منذ 20 شهراً بدعم أميركي، بحق نحو 2.4 مليون فلسطيني في القطاع المحاصر.

يستقبل الفلسطينيون عيد الأضحى هذا العام أيضاً وسط استمرار حرب الإبادة. ومعظم العائلات باتت مشردة بعدما دمرت إسرائيل منازلها، وأصبحت تقيم في خيام مهترئة لا تقي حر الصيف ولا برد الشتاء ولا توفر خصوصية أو كرامة. وبتجويع متعمد يمهد لتهجير قسري، دفعت إسرائيل، وفقا للأمم المتحدة، الفلسطينيين نحو المجاعة، من خلال إغلاقها المعابر أمام المساعدات الإنسانية، ولا سيّما المواد الغذائية.

وقال المقرر الخاص للأمم المتحدة المعني بالحق في الغذاء مايكل فخري، الخميس، لـ"الأناضول"، إن إسرائيل أوصلت غزة إلى "أخطر مراحل التجويع"، محذراً من أن آثار التجويع ستستمر لأجيال، مؤكدا أن ما يحدث في القطاع هو "إبادة جماعية وتجويع وجريمة ضد الإنسانية وانتهاك جسيم لحقوق الإنسان".

وتغيب زينة العيد عن طرقات غزة المدمرة، وتحل محلها أنقاض المنازل وآثار الصواريخ الإسرائيلية. فبعد أن كان الأهالي يزينون مداخل الحارات والمنازل ويخطون على الجدران عبارات الاحتفاء بالعيد، تحولت الجدران إلى ركام، واختفت معها مظاهر الفرح.

قبل الحرب، كانت الأضاحي تنتشر في الشوارع، وتغمر فرحة العيد الأجواء، فيما كانت الأسواق تعج بالمتسوقين لشراء الملابس والهدايا. أما اليوم، فقد تلاشت تلك المظاهر تحت وطأة الانهيار الاقتصادي والمعيشي غير المسبوق، لتبقى غزة غارقة في الحصار والدمار والدماء، حيث حولت إسرائيل غزة إلى أكبر سجن في العالم، إذ تحاصرها منذ 18 عاما، وأجبرت حرب الإبادة نحو مليونين من مواطنيها على النزوح في أوضاع مأساوية، مع شح شديد متعمد في الغذاء والماء والدواء.

يحل العيد على غزة في وقت يكافح فيه المواطنون يومياً لتأمين الحد الأدنى من وسائل البقاء، مع قصف متواصل ودمار واسع

تقول نهاد أبو عمشة، وهي فلسطينية تعيل سبعة أفراد، إنها نزحت من منزلها بمخيم جباليا (شمال) عدة مرات، وقبيل العيد لا تجد حتى حذاء لطفلها، مضيفة حيث تعيش مع أطفالها في خيمة: "العيد فرحة، لكن أي فرحة؟ الحرب خطفت فرحة الأطفال". وتتابع: "طوال النهار طفلي يقول إنه جائع، غير قادر على الوقوف، يعاني من دوار"، وأردفت: "لا فرحة في غزة، في كل بيت شهيد أو جريح، وآخرون يعانون الجوع والألم والمعاناة، منهم من فقد أبناءه، ومنهم من هدم منزله"، وزادت: "هذا العيد صرخة ونكبة، نحن شعب منكوب، لا يوجد لا عيد ولا فرحة، لا ماء ولا طعام، هناك من يتسول رغيف الخبز"، وأشارت إلى أنها منذ سبعة أشهر لم تطبخ طعاما أساسيا، كما أن العيد يحل بدون حلوى أو ملابس أو لحوم كما كان سابقا، وقالت إنها تعيش في خيمة تفتقر لأبسط مقومات الحياة، في ظل القصف وإطلاق النار والكلاب الضالة والجوع: "لا نعرف النوم فيها".

الجوع يقتل أطفال غزة

الفلسطيني عادل شامية (79 عاما)، يقول: "نحن في أسوأ وضع مر علينا، لم أشهده في حياتي، حيث انعدام المواد الغذائية والماء". وأضاف شامية، وهو نازح من بيت حانون (شمال): "الأطفال يموتون من الجوع، هذا أسوأ عيد نمر به في ظل الحرب"، متابعا "أجواء العيد كئيبة، قبل الحرب كنا نُفرّح الأطفال، لكن اليوم لا فرحة"، واستطرد: "لا نجد طعاما ولا أضاحي، كيلوغرام الطحين بـ80 شيكلا (نحو 23 دولارا)، كيف يكون العيد؟".

ولا يختلف الحال بالنسبة للنازحة عايشة أبو صلاح (72 عاما)، إذ تعيش داخل خيمة تفتقر لأبسط مقومات الحياة في ظل وضع صحي صعب، وقالت إن الوضع الاقتصادي سيئ، حيث لا توجد أضاحي أو مظاهر عيد في ظل الإبادة الإسرائيلية، وأضافت: "في الماضي كنا نقدم العيدية ونذبح الأضاحي، أما اليوم فلا أجد حتى طبق حساء آكله"، متمنيةً العودة إلى بيتها حتى "لو سكنت على ترابه".

ويحل العيد على غزة في وقت يكافح فيه المواطنون يوميا لتأمين الحد الأدنى من وسائل البقاء، مع قصف متواصل ودمار واسع، وانعدام مصادر الدخل، وغياب المساعدات الإنسانية. ومنذ السابع من أكتوبر/ تشرين الأول 2023 توفي 60 طفلا فلسطينيا نتيجة سوء التغذية الناجم عن الحصار الإسرائيلي المستمر، حسب أحدث حصيلة لوزارة الصحة.  

ومنذ السابع من أكتوبر/ تشرين الأول 2023 تشن إسرائيل حرب إبادة جماعية على غزة، تشمل القتل والتجويع والتدمير والتهجير القسري، متجاهلة النداءات الدولية كافة وأوامر لمحكمة العدل الدولية بوقفها. وخلفت الإبادة أكثر من 178 ألف شهيد وجريح فلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 11 ألف مفقود، إضافة إلى مئات آلاف النازحين ومجاعة قتلت كثيرين بينهم أطفال. ومنذ عقود تحتل إسرائيل فلسطين وأراضي في سورية ولبنان، وترفض الانسحاب منها وترفض قيام دولة فلسطينية مستقلة، وعاصمتها القدس الشرقية، على حدود ما قبل حرب 1967.

(الأناضول، العربي الجديد)

Read Entire Article