ARTICLE AD BOX

<p>نقل صاروخ فالكون 9 من "سبيس إكس" مركبة الهبوط القمرية إلى الفضاء (أ ف ب)</p>
مع احتدام المنافسة بين وكالات الفضاء الأميركية الخاصة والحكومية هذه الأيام يتبادر للذهن سؤال، وهو هل تتمكن وكالات الفضاء الآسيوية من استغلال هذا الحدث لتصل إلى القمر قبل وصول "ناسا" و"سبيس إكس" إلى المريخ؟ إذ كان من الممكن أن تتزايد وتيرة النجاحات التي يحققها الفضاء الآسيوي وصولاً إلى سطح القمر لولا تحطم مسبار ياباني أثناء محاولة الهبوط مرة ثانية قبل أيام على سطح القمر.
مشهد عام يأتي في ظل انشغال الفضاء الأميركي بخلافات إيلون ماسك و"ناسا" من جهة، وخلافات الملياردير الأميركي مع الرئيس دونالد ترمب من جهة ثانية. وذلك بسبب تخلي قطاع الفضاء الخاص الأميركي عن فكرة العودة إلى سطح القمر التي تؤيدها "ناسا" بشدة والتوجه فجأة إلى فكرة ماسك لاستعمار المريخ الخيالية. وفي هذا السياق كان مقرراً في الخامس من يونيو (حزيران) أن يهبط مسبار شركة الفضاء الخاصة "آي سبيس" المسمى "ريزيلينس" الياباني على سطح القمر بنجاح لولا حدوث عطل فني غير متوقع.
آمال تحطمت
لكن آمالاً كبيرة للفضاء الآسيوي تحطمت مع تحطم المركبة اليابانية. وعلى رغم ذلك أكد أحد مؤسسي الشركة الخاصة المالكة للمركبة اليابانية التي فشلت في مهمتها للصحافيين أن هذا الوقت "ليس وقت البكاء، بل استمرار العمل". فمشروع استعمار المريخ الأميركي الطموح والحالم مستمر ولم يتوقف حتى هذه اللحظة. لدرجة أن علماء أميركيين يحذرون باستمرار من استغلال وكالات الفضاء الآسيوية هذا المشروع للفوز في سباق الفضاء من خلال الوصول إلى القمر واستثمار إمكاناته قبل الولايات المتحدة.
إلا أن بعض المشاريع الفضائية الآسيوية تعثرت أخيراً. فالصين لم تعلن مهام كبيرة أخيراً، بينما وكالة الفضاء اليابانية الحكومية صامتة أمام فشل شركة فضاء خاصة هي "آي سبيس" في إنزال مركبتها "ريزيلينس" على سطح القمر للمرة الثانية.
إنجاز تاريخي لم يتحقق
كانت مواقع إخبارية وعلمية نقلت قبل موعد هذا الهبوط أمل شركة "آي سبيس" اليابانية في تحقيق إنجاز تاريخي في مجال الفضاء الخميس الماضي (الخامس من يونيو)، وكان ذلك عندما حاولت إنزال مركبة فضائية خاصة على سطح القمر.
ومسبار "ريزيلينس" هو ثاني مسبار قمري خاص من "آي سبيس" كان في طريقه للهبوط ظهراً في المناطق الشمالية من القمر، إذ أعلنت شركة الفضاء اليابانية الخاصة الرائدة أنها تطلق "ريزيلينس" في مهمة تعويضية لـ"آي سبيس" التي فشلت في محاولة هبوط مماثلة على سطح القمر في محاولتها الأولى المسماة "هاكوتو-آر 1" في أبريل (نيسان) 2023.
تفاصيل خطة "آي سبيس"
كان من المقرر أن تهبط "ريزيلينس" التابعة لشركة "آي سبيس" الخميس الماضي، الساعة 3:24 مساءً بتوقيت شرق الولايات المتحدة (18:24 بتوقيت غرينيتش)، على رغم أن موعد الهبوط هو 4:24 صباحاً بتوقيت اليابان الجمعة السادس من يونيو الجاري، إذ يتبع هذا الموعد جدولاً زمنياً محدداً للأحداث التي وضعتها "آي سبيس" لإيصال مركبة "ريزيلينس" إلى سطح القمر.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
أطلق صاروخ "فالكون 9" التابع لشركة "سبيس إكس" مركبة "ريزيلينس" باتجاه القمر في الـ15 من يناير (كانون الثاني) الماضي، إلى جانب مركبة الهبوط القمرية الخاصة "بلو جوست" التي بنتها شركة "فايرفلاي إيروسبيس". وهبطت مركبة "بلو جوست" بنجاح في منطقة بحر الأزمات على سطح القمر في الثاني من مارس (آذار) الماضي. وعلى عكس مركبة "بلو جوست"، اتبعت مركبة "ريزيلينس" مسار نقل طاقة منخفضاً للوصول إلى القمر، مما أضاف أشهراً إلى الرحلة. ووصلت المركبة إلى مدارها القمري في السادس من مايو (أيار) الماضي، وبهذا كانت جاهزة أخيراً لمحاولة الهبوط. يقع موقع الهبوط الرئيس على الجانب القريب من نصف الكرة الشمالي للقمر.
اصطدام سريع بالقمر
في هذا الصدد كتب محرر موقع "سبيس دوت كوم" المتخصص في شؤون الفضاء مايك وول قبل أيام عدة يقول، "انطفأت المركبة الفضائية (ريزيلينس) أثناء محاولتها الهبوط الخميس الماضي، ومن المرجح أنها اصطدمت بالقمر بسرعة كبيرة. ستحاول الشركة مرة أخرى عام 2027. وهذه هي أول محاولة هبوط خاص لمركبة فضائية يابانية على سطح القمر، لكنها تحطمت، في ثاني فشل مخيب للآمال لمصنعي "آي سبيس".
كانت مركبة "ريزيلينس" الفضائية التابعة للشركة اليابانية تهدف إلى الهبوط السلس في منطقة "بحر البرد"، لكن بيانات القياس من بعد من المركبة توقفت قبل دقيقة و45 ثانية من موعد الهبوط المقرر، وحدث ذلك على ما يبدو بسبب عطل في المعدات.
لم نتمكن من الهبوط
بدوره قال تاكيشي هاكامادا مؤسس "آي سبيس" ورئيسها التنفيذي للصحافيين في مؤتمر عقد بعد ساعات قليلة من محاولة الهبوط، "أردنا إنجاح المهمة الثانية، لكننا للأسف لم نتمكن من الهبوط".
ونشرت مواقع علمية رسماً توضيحياً لمركبة فضائية على شكل صندوق تحاول الهبوط على سطح القمر، وهو لمركبة الهبوط "ريزيلينس". وتشير البيانات الأولية المستندة إلى القياس من بعد من اللحظات الأخيرة للمركبة إلى أن جهاز تحديد المدى بالليزر الخاص بها واجه بعض التأخير أثناء قياس مسافة المسبار عن سطح القمر. ونتيجة لذلك، لم تتمكن من التباطؤ بما يكفي للوصول إلى السرعة المطلوبة للهبوط القمري المخطط له.
هبوط عنيف
وفقاً لمسؤولي "آي سبيس" في تحديث نشروه فإنه "بناءً على هذه الظروف، يفترض حالياً أن المركبة هبطت بعنف على سطح القمر على الأرجح". ويعني الهبوط العنيف أن المركبة "ريزيلينس" ارتطمت بسطح القمر أسرع مما كان مخططاً له. ومن غير المرجح أن تصمد المركبة في أي ظروف لمواصلة مهمتها التي تستغرق أسبوعين، أو لإطلاق المركبة الصغيرة "تيناشيوس" التي بنتها وكالة الفضاء الأوروبية.
يشار أيضاً إلى أن مركبة "ريزيلينس" حملت خمس حمولات، ثلاث منها تمثل معدات علمية تهدف إلى مساعدة البشر في استكشاف القمر كمسبار إشعاعات الفضاء السحيق الذي طورته الجامعة الوطنية المركزية في تايوان. ومشروع تقني من شركة "تاكاساغو ثيرمال إنجينيرينغ" اليابانية مصمم لإنتاج الهيدروجين والأوكسجين من مياه القمر، وتجربة زراعة الطحالب التي قدمتها شركة "يوجلينا" الماليزية.
أما الحمولتان الأخريان فهما لوحة تذكارية مستوحاة من "ميثاق القرن العالمي" من سلسلة أفلام الخيال العلمي اليابانية "غاندام"، ومركبة جوالة صغيرة تدعى "تيناشيوس"، بنتها شركة "آي سبيس" الفرعية في لوكسمبورغ. وصممت "تيناشيوس" لتتدحرج على سطح القمر وتجمع كمية صغيرة من تراب القمر بموجب عقد وقعته "آي سبيس" مع ناسا عام 2020.
أهداف قمرية كبيرة
على رغم فشل هبوط "ريزيلينس" فإن لدى "آي سبيس" أهدافاً قمرية كبيرة. وتخطط الشركة لإطلاق مهمتين قمريتين عام 2027، المهمة 3 والمهمة 4، باستخدام مركبة هبوط أكبر وأكثر قدرة تسمى "أبيكس 1.0". وسيبلغ وزن هذه المركبة طنين، أي إنها أكبر بكثير من "ريزيلينس".
تعليقات على الحدث
يعلق أحد المتخصصين في أمور الفضاء نينو أرزون على هذه الأحداث التي نشرتها مواقع علمية قائلاً "في ستينيات وسبعينيات القرن الـ20، كانت الولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي يُنزلان مسابر وبشراً على سطح القمر باستخدام معدات شبه بدائية. لا أفهم، في ظل حالنا التكنولوجية الحالية، كيف لا نستطيع الهبوط على القمر بنجاح؟!".
أما المحلل كريس ألبرتسون فيقول، "لا يمكن للهبوط من بعد أن ينجح على القمر بسبب تأخر سرعة الضوء. يستغرق بث الفيديو من القمر نحو 2.5 ثانية للوصول إلى الأرض، ثم تستغرق الأوامر 2.5 ثانية للوصول إلى القمر. ثم يستغرق فيديو عمل هذه الأوامر 2.5 ثانية للوصول إلى الأرض. حاول فقط الطيران بمركبة فضائية بسرعة 1600 كيلومتر في الساعة مع تأخر يراوح بين 5 و7 ثوانٍ!".