ARTICLE AD BOX
في وقت لا يزال فيه وفد المفاوضات الإسرائيلي في الدوحة، تواصل إسرائيل تهديداتها بتوسيع الإبادة في إطار ما أسمته عملية "عربات جدعون" التي باتت تقريباً في مرحلتها الثانية، مستندةً إلى قصف واسع النطاق هدفه تهجير الفلسطينيين جنوباً، بموازاته، تستعد حكومة الاحتلال لاتخاذ قرار حاسم بشأن المفاوضات في وقت لاحق من اليوم الأحد.
وفي السياق، أفادت صحيفة "يديعوت أحرونوت" بأن المجلس الوزاري للشؤون الأمنية - السياسية (الكابينت) سيعقد اليوم مداولات أمنية سيحسم إثرها موقفه في ظل "ضغوط دولية" للتوصل إلى اتفاق بين إسرائيل وحركة حماس؛ إذ نقلت الصحيفة عن مسؤولين إسرائيليين قولهم إن "تل أبيب تواجه ضغوطاً دولية متزايدة لتليين مواقفها"، مشيرين إلى أنها "منفتحة على إدخال تعديلات طفيفة على مقترح المبعوث الأميركي ستيف ويتكوف، لكنها في المقابل ترفض إدخال أي تعديلات جوهرية". وأكدّت المصادر أن رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو "يتمسك بالإفراج عن جميع المحتجزين الإسرائيليين من دون أن يكون ذلك منوطاً بوقف الحرب".
بموازاة ما سبق، أفادت صحيفة "صنداي تايمز" البريطانية، أمس السبت، بأنه "في حال لم يتم التوصل إلى اتفاق في الأيام القريبة، فإن جيش الاحتلال عازم على تقسيم قطاع غزة إلى ثلاث قطاعات". وأتى التقرير متسقاً مع قصف جنوني تشنه الطائرات والمدافع الإسرائيلية جواً وبراً على أنحاء متفرقة من القطاع، ما أسفر عن سقوط مئات الشهداء والجرحى، في ظل جحيم التجويع الذي تستخدمة إسرائيل سلاحَ حرب، يتفاقم الوضع إثره سوءاً، بالغاً مستويات غير معهودة في ظل موجات نزوح جماعيّة من موت إلى موت.
كما تزامن تقرير الصحيفة البريطانية عشيّة "يوم دراماتيكي" بحسب وصف "يديعوت أحرونوت"؛ حيث على إسرائيل حسم موقفها، فيما ادعت تقارير عربية نقلاً عن "مسؤول فلسطيني" لم تحدده قوله إن "حماس وافقت على إطلاق سراح نصف المحتجزين الأحياء والقتلى، مقابل وقف إطلاق نار مدته شهرين". لكن مسؤولين إسرائيليين نفوا ما تقدم في حديث مع الصحيفة العبرية.
وبالعودة إلى تقرير "صنداي تايمز"، أوردت الأخيرة خريطة سيُقسم بحسبها جيش الاحتلال سكان قطاع غزة على أربعة مناطق تفصل بينها ثلاث قطاعات تسيطر عليها إسرائيل. الخريطة التي استندت إليها الصحيفة سرّبها دبلوماسيون لم تحدد هويتهم، ولكنها قالت إنهم تلقوا إحاطة حولها بالتفصيل، وهي تستعرض القطاعات العسكرية المُحتلة في شمال ووسط وجنوب القطاع، على أن تضم المناطق الواقعة بينها السكان الفلسطينيين.
وبناءً لما تستعرضه الخريطة، سيسيطر الجيش على ثلاث مناطق؛ أوّلها:المنطقة الشمالية الممتدة من أقصى شمال القطاع وصولاً إلى مدينة غزة. وثانيها: من الجنوب حتى محور "نتساريم"، وثالثها من محور "موراج" في منطقة رفح. ولفتت الصحيفة إلى أن هذه الخريطة تأتي ضمن خطة أُطلق عليها اسم "مرحلة 3: احتلال كامل لغزة" وبحسبها، فإن المواطنين الفلسطينيين لن يتنقلوا بين المناطق المقسمة إلا بموافقة أمنية، على ألا تنقل المساعدات الإنسانية هي الأخرى إلا بعد فحص أمني يوضع في نهايته على كل طرد صورة أو "بار كود" يشير إلى أنه يُسمح بإدخالها إلى القطاع.
وعلى الرغم من أن المنطقة الجديدة في "نتساريم" تبدو وفقاً للخريطة أضيق قليلاً من المحور الحالي الذي يبلغ عرضه حوالي أربعة كيلومترات؛ أشارت مصادر الصحيفة البريطانية إلى أن "الجرافات الإسرائيلية ستسطح الممر بأكمله خلال الأسابيع المقبلة، على أن تُنشأ بنية تحتية عسكرية ستفصل المناطق المدنية شمال رفح وجنوب نتساريم".
وتظهر الخريطة أن المنطقة العسكرية الواقعة شمالاً، وتحديداً شمالي بيت لاهيا وبيت حانون، ستوسّع أكثر لإفساح المجال أمام الطرق ومناطق تجمعات الجيش. وقد كُتب أن إخلاء المناطق الجديدة "سيستغرق ثلاثة أسابيع على الأقل ــ على أن يمثل ذلك المرحلة الأولى في استراتيجية طويلة الأمد للاستيلاء على غزة والسيطرة عليها، مع ترسيخ وجود القوات الإسرائيلية داخل الأراضي الفلسطينية".
وعدا المناطق العسكرية المخططة، تستعرض الخريطة 12 منطقة موزعة بين المناطق السكانية، ستكون هذه الأماكن المحددة التي ستوّزع فيها المساعدات الإنسانية، وهو ما يشير إلى العزم على تنفيذ الخطة الأميركية التي بموجبها حصل "صندوق إغاثة غزة"، الذي أنشئ الأسبوع الماضي، على موافقة إسرائيل لبدء عمله في القطاع مع نهاية الشهر الجاري.
وبالعودة إلى اجتماع الكابينت المقرر اليوم للإقرار بمصير المفاوضات، نقل موقع "والاه" عن مصدر أميركي قوله إن "مفاوضات الدوحة شهدت بعض التقدم"، مستدركاً بأن "التوصل إلى اتفاق نهائي قد يتطلب عدة أيام". وشدد الموقع على أن الوفد الإسرائيلي الموجود في الدوحة لا يملك صلاحيات كافية لاتخاذ قرارات نهائية، وهو ما يعيق البت في القضايا العالقة. وبموازاة ذلك، ذكر موقع "أكسيوس" الأميركي أن الوفد المفاوض أوصى نتنياهو بـ"بالمضي قدماً في المحادثات"، باعتبار أن هناك "فرصة حقيقة لاتفاق".
إلى ذلك، احتج آلاف الإسرائيليين في تل أبيب ومناطق إسرائيلية أخرى، مساء أمس السبت، مطالبين بوقف الحرب والتوصل إلى صفقة تبادل أسرى بين حكومتهم وحماس. وفي خضم التظاهرات، اتهمت عائلات الأسرى الإسرائيليين نتنياهو بإطالة أمد الحرب لدوافع البقاء السياسي، محذّرة في مؤتمر صحافي من أن "استمرار القتال يعرّض حياة المختطفين للخطر". وبموازاة ذلك، اندلعت شجارات في رحوفوت، جنوبي تل أبيب، بين أنصار حكومة نتنياهو والمحتجين الإسرائيليين؛ حيث وثّقت مقاطع مصوّرة اعتداءات وضرباً وشتائم، ما دفع المعارضة الإسرائيلية إلى تحميل الحكومة مسؤولية التحريض والعنف بين الإسرائيليين.
