ارتفاع درجات الحرارة يفاقم سرطانات النساء في 6 دول عربية

1 day ago 6
ARTICLE AD BOX

كشفت دراسة جديدة عن وجود علاقة مقلقة بين ارتفاع درجات الحرارة وتزايد معدلات الإصابة والوفاة بسرطانات الثدي والمبيض والرحم وعنق الرحم في بلدان الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، ما يضيف بعداً جديداً للتأثيرات الصحية لتغير المناخ.

وفي الدراسة التي نُشرت يوم 27 مايو/أيار في مجلة Frontiers in Public Health، حلّل باحثون من الجامعة الأميركية في القاهرة بيانات من 17 دولة خلال الفترة ما بين 1998 و2019. وأظهرت النتائج أن كل زيادة بدرجة مئوية واحدة في درجة الحرارة ارتبطت بارتفاع في معدلات الإصابة والوفيات بسرطانات النساء، بنسب راوحت بين 173 إلى 280 حالة إصابة، و171 إلى 332 حالة وفاة، لكل 100 ألف امرأة.

تقول الباحثة الرئيسية في الدراسة، وفاء أبو الخير مطرية، وهي زميلة أبحاث ما بعد الدكتوراه في معهد الصحة العالمية والبيئة البشرية في الجامعة الأميركية في القاهرة: "مع كل ارتفاع في درجات الحرارة نشهد زيادة في معدلات وفيات السرطان، خصوصاً في سرطان المبيض والثدي. ورغم أن الزيادات لكل درجة تبدو بسيطة، فإن تأثيرها التراكمي في الصحة العامة هائل".

ورغم أن الدراسة لم تُصمَّم لإثبات علاقة سببية مباشرة، فإنها تقدم إشارات قوية حول الروابط المحتملة بين تغير المناخ وارتفاع عبء السرطان في الإقليم. ويشير الباحثون إلى أن هذه العلاقة قد تكون ناتجة من عوامل عدة، من بينها: التعرض طويل الأمد للملوثات والمواد الكيميائية المُسببة للسرطان، اضطراب وظائف المناعة، وتأثر استقرار الخلايا بفعل الحرارة.

تشرح أبو الخير، في تصريحات لـ"العربي الجديد"، أن "الحرارة المرتفعة قد تزيد من التعرض للأشعة فوق البنفسجية، والملوثات، والمواد التي تؤثر في النظام الهرموني. كذلك بيّنت دراسات سابقة أن درجات الحرارة قد تؤثر في الخلايا، وتجعلها أكثر عرضة للتغيرات السرطانية، خصوصاً في أنسجة الثدي".

تضيف الباحثة أنه رغم استخدام الفريق نماذج إحصائية مع الناتج المحلي الإجمالي للفرد لكونه عامل تحكم للحد من تأثير الفروقات الاقتصادية، فإن المؤلفين يقرّون بأن الدراسة استكشافية بطبيعتها، ولا تستطيع استبعاد تأثير عوامل أخرى لم تتوفر عنها بيانات دقيقة.

لم تكن جميع دول المنطقة متأثرة بالقدر نفسه؛ إذ سجلت الدراسة زيادات ذات دلالة إحصائية في ست دول فقط هي: قطر، والبحرين، والسعودية، والإمارات، والأردن، وسورية. تقول أبو الخير: "أربع من هذه الدول خليجية، وتُعرف بارتفاع درجات الحرارة الشديدة فيها، ما قد يفسر ارتباط الحرارة بارتفاع معدلات السرطان. أما في الأردن وسورية، فقد يكون الأمر مرتبطاً بتغير المناخ، وتردي البنية التحتية الصحية، نتيجة أزمات سياسية واقتصادية".

وسجلت قطر أعلى زيادة في معدل الإصابة بسرطان الثدي، إذ ارتفعت الحالات بنحو 560 إصابة لكل 100 ألف امرأة لكل درجة مئوية، مقارنة بـ 330 حالة في البحرين. أما الوفيات، فكانت الزيادة الأعلى مرتبطة بسرطان المبيض، بينما كانت الأقل في سرطان عنق الرحم.

يشير الفريق إلى أن هذه الفروقات بين الدول توحي بأن الحرارة ليست العامل الوحيد، بل قد تكون مرتبطة بعوامل أخرى، مثل التلوث، أو ضعف خدمات التشخيص والعلاج، أو الفوارق في برامج الفحص المبكر. لكن ارتفاع معدلات الوفاة، رغم احتمال تحسن الكشف المبكر في بعض الدول، يدعم فرضية أن السبب يعود إلى زيادة التعرض لعوامل الخطر البيئية، وليس فقط تطور أدوات التشخيص.

وتشدد الباحثة على أهمية دمج تغير المناخ ضمن سياسات الصحة العامة، خصوصاً تلك المتعلقة بمكافحة السرطان، مشددة على أنه "ينبغي لحكومات المنطقة إدماج التكيف المناخي في خطط مكافحة السرطان الوطنية، وتوسيع نطاق الفحص المبكر للنساء الأكثر هشاشة، وتطوير البنية التحتية الصحية لتكون أكثر قدرة على مواجهة تغير المناخ، ورفع الوعي العام بمخاطر البيئة على الصحة".

وتدعو الدراسة إلى نهج متعدد التخصصات، يربط بين سياسات المناخ والصحة والعدالة الاجتماعية، معتبرة أن التعامل مع هذه التحديات المعقدة يتطلب تكاملًا بين العلوم البيئية والطبية والاجتماعية. وتقول أبو الخير: "نتائجنا لا تعني أن ارتفاع الحرارة وحده يسبب السرطان، لكن الأدلة المتكررة عبر أنواع متعددة من السرطان ودول مختلفة تدق ناقوس الخطر. إذا لم نتصرف الآن، فإن عبء السرطان المرتبط بالمناخ سيستمر في التصاعد، وخصوصاً في أوساط الفئات المهمشة من النساء".

Read Entire Article