ARTICLE AD BOX
سلط إعلان كل من المملكة العربية السعودية ودولة الكويت، في نهاية مايو/أيار الماضي، عن اكتشاف نفطي جديد في حقل "شمال الوفرة وارة - برقان" الضوء مجددا على تأثير ذلك على المركز النفطي لكلا البلدين، في ضوء النزاع على ثروة الحقل مع إيران.
ويحمل هذا الاكتشاف الواقع على بعد 5 كيلومترات شمال حقل الوفرة، ضمن المنطقة المقسومة بين البلدين، أهمية استراتيجية لكل من السعودية والكويت، إذ يعزز من مكانتهما موردين موثوقين للطاقة على الساحة الدولية، ويؤكد قدرتهما على مواصلة تطوير قطاع التنقيب والإنتاج، حسب مراقبين. والسعودية هي أكبر مصدر للنفط في العالم.
وعلى صعيد التوازنات الإقليمية، فإن الإعلان عن هذا الاكتشاف يأتي في سياق حساس يتداخل فيه ملف النزاع مع إيران حول ثروات المنطقة المقسومة، وبالأخص حقل الدرة البحري، الذي تطلق عليه إيران اسم "آرش"، فبينما أكدت السعودية والكويت مرارا أن الثروات الطبيعية في المنطقة المقسومة، بما فيها الحقول المكتشفة حديثاً، هي ملكية مشتركة حصرية بينهما، تواصل إيران المطالبة بحصة في هذه الموارد، وتدعو إلى ترسيم الحدود البحرية من جديد.
تصعيد بين الأطراف الثلاثة
وشهدت الأشهر الماضية تصعيدا في التصريحات بين الأطراف الثلاثة، حيث شددت الرياض والكويت على سيادتهما المطلقة على الحقول المشتركة، ودعتا طهران إلى الدخول في مفاوضات لترسيم الحدود البحرية وفق القانون الدولي، بينما ترفض إيران التخلي عن مطالبها، ما يضفي على أي اكتشاف جديد في المنطقة أبعادا سياسية واستراتيجية تتجاوز قيمته الاقتصادية المباشرة، وفق تقدير نشره مركز رع للدراسات الاستراتيجية.
وفي ضوء ذلك، يمكن قراءة الإعلان عن الاكتشاف النفطي الأخير كرسالة مزدوجة: فهو من جهة يعزز الثقة الدولية بقدرة السعودية والكويت على تأمين إمدادات الطاقة واستدامة الإنتاج، ومن جهة أخرى يكرس واقع السيطرة المشتركة للبلدين على موارد المنطقة المقسومة، في مواجهة أي محاولات خارجية للتشكيك في حقوقهما السيادية أو فرض أمر واقع جديد، بخاصة مع استمرار الخلاف مع إيران حول حقل الدرة البحري، حسب إفادة خبير في شؤون اقتصادات دول مجلس التعاون الخليجي لـ"العربي الجديد".
أهمية متصاعدة
وفي هذا الإطار، يشير الخبير في شؤون اقتصادات دول مجلس التعاون الخليجي وضاح طه إلى أنّ أهمية المنطقة المحاذية لشمال الكويت وشمال غرب المملكة العربية السعودية وجنوب العراق تتصاعد من حيث الإنتاج النفطي، وهي المنطقة التي كانت تُعرف تاريخيا باسم "المنطقة المحايدة" ودخلت ضمن تفاهمات حدودية سابقة، لافتاً إلى ضرورة حسم هذه التفاهمات حول المنطقة بشكل ودي بين الرياض والكويت، بخاصة مع موقعها الجغرافي المهم واستقلالها نسبياً عن النفوذ الإيراني.
ويرى طه أنّ الاتفاق على إدارة الإنتاج النفطي بالمنطقة يمثل خطوة ضرورية نحو الاستقرار طويل الأمد، ويمكن أن يأخذ نموذجاً من مناطق مشتركة أخرى، مثل الحقل المشترك بين إيران وقطر المعروف بحقل الشمال، الذي تتوزع ملكيته بين قطر وإيران بنسبة ثلثين لقطر وثلث لإيران، وهو ما تم التوافق عليه منذ فترة طويلة.
التأثير على السوق النفطية
ويلفت طه، في هذا الصدد، إلى إمكانية اعتماد نفس الأسلوب في التعامل مع المنطقة السعودية – الكويتية المشتركة، لافتا إلى بعض التصريحات التي تشير إلى وجود مطالبات "عراقية" بالمنطقة أيضا، لكنها تظل حتى اللحظة مجرد آراء فردية أو تصريحات لخبراء، دون دعم رسمي من الحكومة العراقية، ما يجعلها أقل تأثيرا على الساحة السياسية أو الاقتصادية.
أما من ناحية التأثير على السوق النفطية، فيرى طه أن أي إنتاج محتمل من هذه المنطقة لن يكون له تأثير مباشر على حصص السعودية والكويت في إطار سياسة تكتل "أوبك+"، التي تفرض قيودا على الكميات المنتجة، وبالتالي فإن أي زيادة في الإنتاج يجب أن تكون ضمن الحصص المتفق عليها، ولا يمكن أن تؤثر سلبا على استقرار السوق.
غير أنّ الفائدة الحقيقية من استغلال هذه المنطقة ستظهر على المدى الطويل، من خلال تعزيز إيرادات البلدين وتطوير البنية النفطية المشتركة، حسب طه، مؤكدا أن ذلك يتطلب تعاونا مستمرا وحلا شاملا لا يترك مجالا للخلافات المستقبلية.
وأظهرت بيانات رسمية، أن صادرات السعودية من النفط الخام ارتفعت إلى 6.547 ملايين برميل يوميا في فبراير/شباط من 6.073 ملايين برميل يوميا في يناير/كانون الثاني. ووفقا للبيانات، بلغ إنتاج المملكة من النفط الخام 8.947 ملايين برميل يوميا في فبراير/شباط، ارتفاعا من 8.459 ملايين برميل يوميا في يناير.
