ARTICLE AD BOX

<p>عانى المنتخب الإنجليزي من تراجع شديد في مواجهة أندورا في تصفيات كأس العالم 2026 (أ ف ب)</p>
بعد مباراة خلت بصورة مزرية من أية شرارة أو حيوية، كانت لدى توماس توخيل رسالة واحدة أراد بوضوح تكرارها، وفعل ذلك في ثلاث مقابلات مختلفة "كنا نلعب بالنار".
ويكفي القول إن مدرباً فاز بدوري أبطال أوروبا رأى بصدق أن هناك احتمالاً لأن تتعثر إنجلترا أمام أندورا، وفي تعليق آخر بعد هذا الفوز البائس بنتيجة (1-0) قال أكثر من ذلك.
لقد أقلق توخيل بشدة "أسلوب" لاعبي إنجلترا خلال آخر 30 دقيقة من المباراة، إلى درجة أنه يخطط لعقد اجتماع الأحد المقبل ليبلغ الفريق بـ"ما نريده منهم"، وهذا ما قد يجعل من مباراة قابلة للنسيان تماماً أمراً ذا أهمية. لقد كان توخيل غاضباً بشدة.
ومع ذلك، من الصعب ألا نتذكر كلمات قالها مدرب إنجلترا خلال مارس (آذار) الماضي "نافذة (فيفا) خلال يونيو (حزيران) أعتقد أنها محل نقاش من حيث جدواها".
كان توخيل آنذاك يتحدث عن كيف أن بعض اللاعبين لن يكونوا قد خاضوا أية مباراة منذ أربعة أسابيع، لكن بالنظر إلى كمية النقاش الحالي حول جدول المباريات، من الصعب ألا نضع هذا التصريح في سياق أوسع. ففي ملعب إسبانيول الجديد، بدت إنجلترا على حقيقتها كمجموعة من لاعبي الدوري الممتاز الذين خاضوا مواسم طويلة، ويحتاجون إلى راحة.
بعضهم كان ينبغي عليه، بدلاً من ذلك، أن يذهب إلى كأس العالم للأندية. لقد لعبوا وكأنهم يتمنون أن يكونوا في أي مكان آخر غير هنا.
وهذا بالتحديد ما أثار غضب توخيل أكثر من أي شيء آخر، ولهذا السبب لم يكن مستعداً إطلاقاً لإعادة طرح تحفظاته في شأن نافذة يونيو، وقال "لا أعذار، النافذة هي النافذة".
بمعنى آخر، يمكن للجميع أن يختلفوا حول ما ينبغي أن تكون عليه فترة التوقف الدولي، لكن هذا لا يعني أنه ينبغي لهم أن يسمحوا لأنفسهم بالانهيار كما حدث في نصف الساعة الأخير.
وقال توخيل ببساطة إنه لم يعجبه ما حدث، وأضاف "أعتقد أننا افتقرنا إلى الجدية والإلحاح اللازمين في مباراة تأهيلية لكأس العالم. أعتقد أننا لعبنا بالنار. لم تعجبني العقلية في النهاية، ولم تعجبني لغة الجسد، ولم نكن بالمستوى الذي تتطلبه المناسبة".
وعلى العكس، شبه توخيل الأمر بمباراة في كأس الاتحاد الإنجليزي، إذ يفشل الفريق المرشح للفوز في إدراك الخطر الحقيقي لحدوث مفاجأة، بل إن غيوم لوبيز من أندورا تسببت في حال ذعر متأخرة.
وقال توخيل "المباريات كهذه يمكن أن تصبح محرجة عندما لا تسجل، أو لا تسجل الهدف الثاني. قد تتجمد الأمور. وحتى في هذه الحال، يصبح من الضروري أكثر ألا تصاب بالإحباط وألا تدع طاقتك تنخفض، وأن تقوم بالأشياء الصغيرة بالصورة الصحيحة. وشعرت بعد مرور 25 دقيقة أننا بدأنا نشعر بالإحباط من التفاصيل الصغيرة، ثم بدأ كل لاعب يفعل الأمور بطريقة مختلفة عما كنا نؤديها في أول 25 دقيقة. بدا الأداء أبطأ فأبطأ فأبطأ".
"لم تعد هناك تحركات في الثلث الأخير من الملعب باتجاه منطقة الجزاء. كلٌّ بات يريد الكرة عند قدميه، ولم يعد هناك تسريع في اللعب عبر الركض. تحتاج إلى الركض، وتحتاج إلى تحركات مضادة، وتحتاج إلى حركة دائمة لا تتوقف. إن لم تستثمر في ذلك، تصبح المباراة فجأة عالقة وتشعر بالإحباط".
"أعتقد أننا في النهاية كنا نلعب بالنار، بصراحة. شعرت وكأنها مباراة كأس، إذ لا يشعر الفريق المفضل بوجود خطر. ولم أشعر أننا فريق يدرك أن النتيجة ما زالت (1-0) فقط في تصفيات كأس العالم".
إنها بالفعل خلاصة مثالية لهذا النوع من المباريات، تشرح بدقة نفسية مثل هذه المناسبات. ما وصفه توخيل كان واضحاً تماماً، وصولاً إلى محاولات اللاعبين للمراوغة الفردية أو التسديد من بعيد. كان هناك توتر متصاعد في شأن إنجلترا.
وفي النهاية، كان الحسم ببساطة نتيجة نقص الجودة الطبيعية لفريق يحتل المرتبة الـ173 في تصنيف العالم، وهي مرتبة متدنية للغاية تقل بأكثر من 100 مركز على التوسعة العبثية التي قام بها (فيفا) لكأس العالم.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وفي كلتا الحالتين، مرر كورتيس جونز الكرة وتمكن هاري كين أخيراً من الدخول إلى منطقة الجزاء، لكن محاولته الأولى انحرفت عن المرمى -إذ قدم حارس مرمى أندورا، إيكر، مباراة جيدة بالفعل- ثم أعاد نوني مادويكي الكرة إلى القائد. وكان ذلك الهدف هو الـ72 لكين مع المنتخب الإنجليزي، ليحتل المركز الـ15 بالتشارك في الترتيب العام للهدافين الدوليين.
أما مادويكي نفسه، فأهدر فرصة متأخرة محققة لتسجيل الهدف الثاني، لكن ذلك كان تقريباً كل ما في الأمر.
لم يصنع المنتخب الإنجليزي كثيراً من الفرص، حتى توخيل علق على ذلك قائلاً إنهم "حققوا معدل أهداف متوقعة (xG) يبلغ ثلاثة، وأحرزوا هدفاً واحداً فحسب، وهو أمر غير معتاد في مثل هذه المباريات، التي غالباً ما يتجاوز فيها عدد الأهداف الفعلي المعدل المتوقع".
وكان المدير الفني صرح قبل المباراة بأنه ينظر إليها تقريباً على أنها تمرين تدريبي للتحضير لمواجهة الدفاعات المتكتلة.
إلا أن إنجلترا لم تلعب بالحدة المطلوبة، ولا أحد يجيد تنفيذ خطة دفاعية متراجعة كما تفعل أندورا. فقد كانت هناك فترات طويلة ضمت خمسة لاعبين من أندورا داخل منطقة الست ياردات الخاصة بهم. وجعل ذلك دان بيرن يستحوذ على الكرة كثيراً، حتى تساءل بعض إن كان من الأفضل أن يلعب كول بالمر في ذلك المركز، وربما كان من الأجدى للمنتخب الإنجليزي إرسال تمريرات طويلة متقنة.
لكن الواقع أن الفريق عانى في اختراق دفاع الخصم، فقد نفذت أندورا خطة تكتيكية محكمة، وكانت المباراة ذات قيمة كبيرة بالنسبة إليهم بوضوح. ويمكنهم أن يفخروا بذلك، وأثنى توخيل على صمودهم ومدى "انضباطهم التكتيكي العالي".
وقال "هذه هي المرة الثالثة التي نواجه فيها كتلة دفاعية متراجعة، والمرة الثالثة التي نواجه فيها فريقاً يلعب بخطة (5-4-1)، لقد واجهنا صعوبات كبيرة في نهاية الشوطين الأول والثاني في خلق الفرص وإبراز المهارات الفردية، وصناعة التفوق العددي والفرص الحاسمة لمصلحتنا".
من كل ما سبق، يمكن القول إن إنجلترا فازت في النهاية، وهذه المباراة بالكاد تحمل أية أهمية. ففريق غاريث ساوثغيت اعتاد تحقيق نتائج كبيرة في مثل هذه المباريات، لكنها لم تكن تؤثر في البطولات الحقيقية، والأمر أشبه بمستوى مختلف تماماً من كرة القدم.
لكن كان هناك معنى أعمق. فتوخيل يعلم جيداً أن الفرق الناجحة لا تستطيع ببساطة تشغيل مستواها وإيقافه بهذه الطريقة. إسبانيا بين عامي 2008 و2012 لم تكن كذلك، وألمانيا عام 2014 لم تكن كذلك أيضاً. ما جعلهم ناجحين هو معاييرهم الصارمة للغاية، وتوقعاتهم بأن يقدموا مستواهم العالي في كل لحظة. كانوا يتصرفون كما لو أن أي تراجع سيكون قاتلاً، وهذا بالضبط ما يطالب به توخيل.
وقال في ختام تصريحه "خرجنا من المباراة بالفوز. أعتقد أننا استحققنا الفوز، ولدينا الآن ثلاثة انتصارات وثلاث مباريات بشباك نظيفة. حسناً، لن نتوقف عن تشجيعهم وسنوضح لهم بعدما نراجع المباراة بصورة دقيقة ما الذي نريده منهم".
الأمر ليس مجرد فوز بنتيجة (1-0) على أندورا، بل يتعلق بمعايير الأبطال.