الإيفاد الخارجي يثير أزمة في جامعات ليبيا

2 weeks ago 6
ARTICLE AD BOX

تسود حالة من الغضب أوساط أساتذة الجامعات الليبية ضد قرار رئيس حكومة الوحدة الوطنية الليبية، عبد الحميد الدبيبة، بتعليق برنامج الإيفاد للدراسة بالخارج اعتبارا من الشهر الجاري، ما جدد الجدل القديم حول ملف الدراسة بالخارج، الذي يشكل أحد أبرز أوجه الأزمة التعليمية المتفاقمة في البلاد.
وجاء قرار الحكومة ضمن حزمة قرارات تتصل بالإصلاحات الاقتصادية وضبط الإنفاق الحكومي، حيث قررت إنفاق ميزانية الإيفاد للدراسة بالخارج، المقدرة بنصف مليار دينار سنويا، على برامج توطين الدراسة بالخارج وإنشاء المكتبة الإلكترونية الوطنية بهدف دعم عمليات البحث العلمي في البلاد.

في المقابل، نظمت "تنسيقية معيدي ليبيا" بمختلف الجامعات، وقفة احتجاجية رفضا للقرار، بعد سنوات من الانتظار لتنفيذ وعود الحكومة بإيفادهم للدراسة بالخارج، واصفة القرار "حرمانا للمتفوقين من حقوقهم". وطالبت التنسيقية مكتب النائب العام بالتدخل العاجل وإيقاف المتسببين في تعثر برامج الإيفاد، مؤكدة أن الإيفاد "حق أصيل من حقوقهم وفقا للقانون والتشريعات المعمول بها في الدولة الليبية"، متهمة الحكومة بالمحسوبية في تنفيذ برامج الايفاد، وأن "جميع الموفدين بالخارج حاليا من أبناء مسؤولين وغيرهم يوفدون بالواسطة والمحسوبية".
ووصفت التنسيقية قرار الحكومة بأنه جعل ليبيا "الدولة العربية الوحيدة التي تمنع الإيفاد الخارجي على أبنائها المتفوقين وتقدمه لأبناء المسؤولين"، مؤكدة أن "معظم الجامعات ومؤسسات التعليم العالي والتقني الليبية تفتقر لعديد من التخصصات العلمية وذلك لعدم توفر أعضاء هيئة التدريس".
وحول قرار الحكومة بشأن توطين الدراسات العليا بالداخل، قالت التنسيقية إن "مشروع الإيفاد الداخلي الحالي يحتاج إلى إعادة هيكلة كاملة وتنظيم عبر توفير أساتذة بكافة التخصصات وصرف مستحقاتهم بانتظام وكذلك صرف مستحقات الموفدين بالداخل، حيث يوجد عدد كبير من المعيدين لم تقم الحكومة بالإفراج عن مرتباتهم منذ سنوات".

40 ألف خريج جامعي ليبي ينتظرون التوظيف منذ عام 2020

ومنذ سنوات يسود الغضب أوساط المعيدين في الجامعات الليبية حيال تعاطي الحكومة مع حقوقهم في الدراسة بالخارج، واتهموا السلطات بــ"الفساد" في إدارة ملف التعليم بالخارج والداخل، وابتعاث أقارب مسؤولين للدراسة خارج البلاد. وسبق وأن اعتبرت هيئة الرقابة الإدارية، أن ملف الإيفاد تحول إلى "وسيلة لترقية نفوذ المسؤولين"، إذ كشفت في تقرير لها في يناير الماضي، عن وقائع فساد مثل "إيفاد 7 أفراد من عائلة واحدة، ورجل مع زوجاته الأربع للدراسة على حساب الدولة". وأكدت الهيئة أن ملف الإيفاد شهد "تضخماً كبيراً"، ما "أنهك الموازنة، بينما 40 ألف خريج جامعي ينتظرون التوظيف منذ 2020".
ويرى أستاذ مناهج التعليم علي الفقيه، أن "القرار جاء محاولة لوقف نزيف الفساد، لكنه يعكس فشلاً كبيراً في إصلاح النظام من الداخل"، قائلاً إن: "الجامعات الليبية تعيش في دوامة، فمن ناحية نحتاج إلى تأهيل الكوادر، ومن ناحية أخرى يتم تهميش الكفاءات الحقيقية لصالح محاسيب المسؤولين". مضيفاً: "لو كانت برامج الدراسات العليا المحلية ذات جودة، لما احتجنا إلى إيفاد عشرات الآلاف، ولهذا فالقرارات العشوائية ستظل تهدم أكثر مما تبني، إذا لم تتضمن البرامج الوطنية خطين متوازيين يكفلان تحقيق الإصلاح الداخلي، والإيفاد وفقا لاحتياجات تطوير الجامعات".

تراجع التصنيف العالمي لـ100 جامعة حكومية وخاصة في ليبيا

وتظهر الأرقام الرسمية اتساع الهوة في منظومة التعليم، إذ وصل عدد الجامعات الليبية إلى 100 جامعة بين حكومية وخاصة، لكن تصنيفاتها العالمية في تراجع مستمر، إذ جاءت في المرتبة 167 بحسب مؤشر جودة التعليم الدولية. ووفقا لرأي الفقيه فإن ذلك يرجع، في أحد أسبابه، إلى تضخم أعداد الخريجين دون وجود استراتيجية لتوظيفهم أو تأهيلهم، ما خلق أعدادا كبيرة من العاطلين.
ويوضح نوح البيوضي، الحاصل على قرار إيفاد في تخصص الطب إلى الخارج، أن "وقف الإيفاد لا يعالج فساد الملف"، قائلا لـ"العربي الجديد": "رضينا بأن ندرس حصصا طويلة وعلى مدار سنوات دون أي حقوق مالية، وتسرب من بين أيدينا وقت طويل، ثم أصبحنا ضحية الفساد الذي لم نكن سببا فيه". ويتساءل عن برامج توطين الدراسة بالخارج، قائلاً: "كيف سيتم استيعاب تخصصي والبلاد تفتقر لبرامج الدراسات العليا في الطب، وهذا أول مواطن خلل قرارات الحكومة بوقف الإيفاد وتوجيهنا للدراسة بالداخل".

ويعلق البيوضي على قرار الحكومة بشأن تحويل مخصصات الإيفاد إلى مشروع المكتبة الإلكترونية، قائلا "الطلاب والجامعات والأساتذة يعانون نقصا حادا في كل الإمكانات، ولو تم التغاضي عن شبه الفساد في مشروع إنشاء المكتبة، وتم إنشاؤها بالفعل، فكيف يمكن تجاوز الهوة بين واقع الجامعات المتردي والتقنيات التي ستعمل بها المكتبة الإلكترونية، ربما الحكومة لا تعلم أن أكثر الجامعات تفتقر إلى وجود خدمة الإنترنت فيها".

Read Entire Article