الاحتلال يبدأ تنفيذ "عربات جدعون": المفاوضات مناورة لاستمرار الحرب

2 weeks ago 6
ARTICLE AD BOX

بدأ جيش الاحتلال الإسرائيلي تنفيذ ضربات واسعة وتحريك قوات للسيطرة على مواقع استراتيجية داخل قطاع غزة ضمن المرحلة الأولى لعمليته العسكرية الجديدة "عربات جدعون"، وذلك وفق إعلانات متعددة أصدرها مسؤولون إسرائيليون بالتزامن مع التصعيد الميداني الملحوظ في ظل تعثر الجولة الأخيرة لمفاوضات وقف إطلاق النار.

وخلال اليومين الماضيين صعّد الاحتلال من الكثافة النارية على القطاع، وتركزت في بيت لاهيا شمالي القطاع، والمناطق الشرقية لمخيم جباليا، فضلاً عن استهداف مناطق جديدة في مدينة خانيونس في محيط المستشفى الأوروبي بالإضافة إلى خزاعة وعبسان الكبيرة.

وشهد اليوم السبت تركيزاً إسرائيلياً على محاور جديدة في منطقة القرارة شرق مدينة خانيونس بالإضافة إلى مناطق تقع في المحيط الشرقي الجنوبي لمدينة دير البلح وسط القطاع، وسط إعلان إسرائيلي عن تكثيف العمليات العسكرية بهدف تهيئة الأرض للخطط الإسرائيلية الرامية إلى السيطرة على مناطق استراتيجية داخل القطاع. ويقوم الاحتلال بعمليات نسف وقصف متتالية في عدة مناطق تتركز بدرجة أساسية في مناطق شمال القطاع في مشهد يعيد إلى الأذهان فترة سعي الاحتلال لتنفيذ خطة الجنرالات قبل الوصول إلى اتفاق يناير/كانون الثاني الماضي.

وكانت حركة حماس أعلنت، الخميس الماضي، أن خطوة تسليم الجندي الأميركي الإسرائيلي، عيدان ألكسندر، جاءت "في إطار حرصها على التخفيف عن الشعب الفلسطيني بوقف العدوان وفتح المعابر لإدخال المساعدات الإنسانية". وقالت الحركة: "نتوقّع، بحسب التفاهمات التي جرت مع الطرف الأميركي، وبعلم الوسطاء، أن يبدأ دخول المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة بشكل فوري، والدعوة إلى وقف إطلاق نار دائم، وإجراء مفاوضات شاملة حول جميع القضايا لتحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة، وهو ما نتطلّع إلى الوصول إليه".

وفي المقابل، جاء إعلان جيش الاحتلال الإسرائيلي مؤخراً تحديد عدة أهداف أبرزها حسم الحرب مع حركة حماس وإسقاطها والسيطرة على مناطق داخل القطاع واستعادة الأسرى، ما يعني ضمنياً وقف المفاوضات والذي يُقرأ فلسطينياً على أنه محاولة إسرائيلية للمماطلة وتنفيذ خطط عسكرية جديدة.

وساد التفاؤل خلال الأيام الماضية وسط توقعات بإمكانية أن تفضي جولة المفاوضات الأخيرة عن نتائج توقف الحرب الإسرائيلية على غزة، إلا أن السلوك الإسرائيلي ماطل في جولة المفاوضات ورفض المقترحات التي عرضها المبعوث الأميركي للشرق الأوسط ستيف ويتكوف.

ورغم وجود الرئيس الأميركي دونالد ترامب على مدار 4 أيام في المنطقة، استغل الاحتلال الإسرائيلي وجود ترامب لتصعيد ميداني، حيث سجل القطاع معدلاً مرتفعاً من الشهداء يقترب من نحو 300 شهيد خلال 72 ساعة. ويعيش القطاع ظروفاً معيشية هي الأصعب منذ بداية حرب الإبادة، في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، حيث يفرض حصاراً مشدداً منذ نحو 80 يوماً ويمنع إدخال الوقود والمساعدات الغذائية والأدوية لنحو 2.4 مليون نسمة فيما يعمد على استهداف كل مناطق النزوح.

"المفاوضات واحدة من أدوات الحرب"

في الأثناء، يقول الباحث في الشأن السياسي، ساري عرابي، إن سلوك الاحتلال الإسرائيلي حالياً ينسجم مع سلوكه منذ اليوم الأول للحرب على غزة، حيث إن الاحتلال اتخذ من المفاوضات غطاءً لإسكات الشارع الإسرائيلي. ويضيف عرابي لـ "العربي الجديد" أن "المفاوضات بالنسبة للحكومة الإسرائيلية ليست خريطة طريق لإنهاء الحرب في غزة، بل هي واحدة من أدوات الحرب ومن أجل استمرارها، عبر التنويع من الأدوات الحربية سواء بالقتل الجماعي أو التجويع أو حتى المفاوضات".

ويوضح الباحث في الشأن السياسي أن الاحتلال يقوم بعملية سياسية إلى جانب العمل العسكري للحرب سواء عبر حملة علاقات عامة مع دول أوروبية، إلى جانب الولايات المتحدة ودول عربية، بهدف استمرار الإبادة على غزة. ويرى أن الاحتلال لا يتعامل إطلاقاً مع المفاوضات بوصفها وسيلة لإنهاء الحرب بل لاستمرارها، ودليل ذلك أن المقاومة سبق أن أنجزت اتفاقاً في يناير/كانون الثاني الماضي كان يُفترض أن يفضي إلى وقف إطلاق النار، إلا أن الاحتلال لم يلتزم به.

ويعتقد عرابي أن الاهتمام الإسرائيلي حالياً منصب على استمرار حرب الإبادة على غزة حتى الانتخابات الإسرائيلية المقبلة بالحد الأدنى، وهو أمر يحرص عليه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو مع تحقيق إنجازات عسكرية وسياسية. ويلفت إلى أن أحد أبرز أزمات الاحتلال مع المقاومة الفلسطينية هو عدم إعلانها الاستسلام، فضلاً عن الخطوة الأخيرة التي قامت بها المقاومة بالإفراج عن عيدان ألكسندر، والتي لم تفضِ إلا إلى زيادة الضغط وهو أمر يثبت صحة موقفها بأن الإفراج عن الأسرى الإسرائيليين من دون مقابل سيزيد الاحتلال توحشاً.

ويترافق السلوك الميداني الإسرائيلي مع إلقاء منشورات تحريضية بواسطة الطائرات المسيرة ورسائل نصية قصيرة على الهواتف تصل إلى الفلسطينيين تهددهم بقرب وصول الجيش الإسرائيلي وتحميل حركة حماس المسؤولية.

"عربات جدعون".. استكمال حرب الإبادة

إلى ذلك يقول مدير مركز رؤية للتنمية السياسية، أحمد عطاونة، إن عملية "عربات جدعون" تأتي في سياق حرب الإبادة والتجويع ضد الفلسطينيين في غزة، واستكمالاً للمعركة التي بدأها الاحتلال في إطار ما يعرف بتحقيق أهداف الحرب. ويضيف عطاونة لـ "العربي الجديد" أن العملية "تهدف إلى ممارسة ضغط على وفد المفاوضات التابع للمقاومة للموافقة على التصور الإسرائيلي الأميركي بعقد صفقة جزئية فقط، وهي بمثابة رسالة للداخل الإسرائيلي دون الالتفات للأصوات المعارضة الإسرائيلية".

ويوضح مدير مركز رؤية للتنمية السياسية أن "التداعي الأهم المترتب على هذه العملية هو استمرار الإبادة الجماعية وزيادة عدد الشهداء من المدنيين وزيادة حجم الدمار في القطاع المدمر أصلاً، بالرغم من أنه لا يمكن الجزم بأن هناك أي ترتيب عسكري إسرائيلي يستطيع تحقيق إنجاز". وبحسب عطاونة فإن "عربات جدعون" لن "تشكل أي جديد في البعد العملياتي وإنما تأتي استكمالاً للإبادة والقتل التي تطاول الشيوخ والمدنيين والنساء والأطفال، وهو ما يتطلب حراكاً فلسطينياً وعربياً واسع النطاق".

ويؤكد عطاونة أنه هناك "أهداف تفاوضية يسعى الاحتلال لتحقيقها، حيث إن ما يقوم به نتنياهو يهدف لتعزيز مقولته المعلنة التفاوض تحت النار، والضغط على الفصائل الفلسطينية للقبول بأي صفقة جديدة جزئية فقط". ولا يعتقد عطاونة أن المفاوضات قد وصلت إلى نهايتها أو حائط مسدود ويرى أن الباب سيبقى مفتوحاً خلال الفترة المقبلة "لعقد أي اتفاق من شأنه أن يوقف الإبادة والتجويع اللذين يتعرض لهما الفلسطينيون في غزة".

Read Entire Article