ARTICLE AD BOX
استطاع الاقتصاد العالمي المأزوم أن يلتقط أنفاسه هذا الأسبوع مدعوماً بتطوّرات سياسية واقتصادية عدّة قلصت إلى حد ما درجة المخاطر الجيوسياسية والاقتصادية والأمنية والتجارية حول العالم، وأخرجت الأسواق من حالة الترقّب والقلق والتوتر الذي تعانيه منذ أسابيع، وخفضت منسوب اللايقين والغموض، ورفعت درجة التفاؤل بين المستثمرين، وأنعشت البورصات وأسواق المال، ورفعت قيمة الدولار مقابل العملات الرئيسية، وخفضت إقبال أصحاب الأموال على الأصول والملاذات الآمنة مثل الذهب، وهو ما خفض سعره.
أبرز تلك التطوّرات، توصل الولايات المتحدة والصين اليوم الاثنين إلى اتفاق يُنهي أشرس حرب تجارية عالمية عرفها التاريخ الحديث، إذ جرى الاتفاق في اجتماعات جنيف على خطوات لإجراء خفض مؤقت للرسوم الجمركية المفروضة على سلع البلدَين، وتهدئة التوترات التجارية، ومنح أكبر اقتصادَين في العالم مهلة إضافية قدرها ثلاثة أشهر لحل الخلافات التجارية العالقة. من بين تلك الخطوات خفض الرسوم الأميركية على الواردات الصينية من 145% إلى 30%، بحلول غدٍ الأربعاء، على أن تقوم الصين بخفض رسومها على السلع الأميركية من 125% إلى 10%.
صاحَب تلك الخطوة اللافتة إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب، إنه سيجري تخفيض أسعار الأدوية داخل الأسواق الأميركية بنسبة 59%، بالإضافة إلى خفض أسعار البنزين والطاقة والبقالة، وهو ما قد يُبعد شبح التضخم والركود عن الاقتصاد الأميركي، ويهدئ من مخاوف الأسواق، ويدفع البنك الفيدرالي إلى خفض سعر الفائدة والتخلي عن سياسة التشدّد النقدي، وهو بالطبع خبر سار للاقتصاد العالمي الذي يتأثر بشدة بما يدور داخل الولايات المتحدة.
أبرز تلك التطوّرات، توصل الولايات المتحدة والصين إلى اتفاق يُنهي أشرس حرب تجارية عالمية عرفها التاريخ الحديث، إذ جرى الاتفاق في اجتماعات جنيف على تجميد الحرب التجارية 90 يوماً
ثاني التطوّرات التي تمثل انفراجه للاقتصاد العالمي ما يتعلق بأزمة حرب غزة وتوترات الشرق الأوسط، إذ حدث تقدم خلال الساعات الأخيرة في المفاوضات المباشرة الجارية بين حماس والإدارة الأميركية حول وقف إطلاق النار في القطاع، ووافقت الحركة على إطلاق سراح آخِر أسير يحمل الجنسية الأميركية بين الأسرى الإسرائيليين المحتجزين لدى حماس منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، وهو ما اعتبره ترامب نبأ تاريخياً وبادرة "حسن نيّة" تجاه الولايات المتحدة.
أما ثالث تلك التطوّرات فيتعلق بالترتيبات التي تقوم بها أنقرة بالتعاون مع واشنطن لوقف الحرب في أوكرانيا، وعقد اجتماع ثنائيّ بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ونظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي الذي أعلن أنه سيلتقي بوتين، يوم الخميس في تركيا، ما قد يمثل منعطفاً مهماً في الأزمة الأوكرانية، خاصة مع تأكيد الرئيس الروسي استعداد موسكو لبدء محادثات مباشرة "دون شروط مسبقة" مع كييف. صاحبت تلك الخطوة دعوة الصين أمس إلى "اتفاق مُلزم للسّلام" يُنهي الحرب في أوكرانيا بعدما حضّت كييف وحلفاؤها موسكو على بدء وقف لإطلاق النار مدته 30 يوماً.
رابع التطورات المهمة للاقتصاد العالمي واستقراره هو إعلان حزب العمال الكردستاني، صباح الاثنين، حلّ نفسه وإنهاء الصراع المسلّح مع الدولة التركية بناءً على مقرّرات المؤتمر الذي عقده قبل أيام. هذه خطوة تاريخية ومهمة ليست لتركيا واقتصادها فحسب، لكن للدول المحيطة أيضاً والمنخرطة في الأزمة الكردية المعقّدة.
أما خامس تلك التطوّرات فيتعلق بالحرب في القارة الهندية، إذ نجحت الولايات المتحدة في إخماد نيران مستعرة بين الهند وباكستان بداية هذا الأسبوع، وأزاح هذا التطور قلقاً عالمياً شديداً من استخدام الدولتَين المتحاربتَين السلاحَ النووي لحسم المعركة في وقت مبكّر، كما نزع لغماً كاد أن ينفجرَ في وجه الاقتصاد العالمي خاصّة مع أهمية الاقتصاد الهندي ليس لكونه قوةً صاعدةً في آسيا فحسب، بل لأنه يصنّف أنّه خامس أضخم اقتصاد في العالم لعام 2023. كما أن الهند قد تصبح ثالث أكبر اقتصاد في العالم بحلول عام 2027 مع ناتج محلي إجمالي يبلغ خمسة تريليونات دولار.
نجحت الولايات المتحدة في إخماد نيران مستعرة بين الهند وباكستان بداية، وأزاح التطور قلقاً عالمياً شديداً من استخدام الدولتَين السلاحَ النووي لحسم المعركة، كما نزع لغماً كاد أن ينفجرَ في وجه الاقتصاد العالمي
وإلى جانب تلك التطوّرات فإن هناك تطوّرات أخرى يمكن رصدها في إطار تهدئة الاقتصاد العالمي منها؛ تراجع حدّة التوتر في البحر الأحمر عقب الاتفاق بين الولايات المتحدة وجماعة الحوثي، وانطلاق الجولة الرابعة من المفاوضات الأميركية- الإيرانية في سلطنة عُمان، وتأكيدات وكالة رويترز اليوم أنّ جهوداً تُبذل لترتيب لقاء بين الرئيس السوري أحمد الشرع والأميركي دونالد ترامب هذا الأسبوع على هامش زيارة الأخير إلى السعودية وقطر والإمارات، وأن الشرع قدم خطوات عدّة تجاه إدارة ترامب تعبيراً عن حسن نيّته، وإذا حدث هذا اللقاء فإنه من المتوقع بحث رفع العقوبات الأميركية عن سورية، وإعطاء دفعة لاقتصادها المتهاوي. يدفع في هذا الاتجاه أيضاً تأكيدات ترامب اليوم أن أردوغان طلب منه رفع العقوبات عن سورية، وأنه ينظر في ذلك من أجل منحها بداية جديدة.
