ARTICLE AD BOX
الأخ جورج أبو ملهب
جماعة أبناء الله الرهبانية - الفاتيكان
من خلال إعادة صرف منحة الـ٥٠٠ يورو لموظفي الفاتيكان بمناسبة انتخابه، وجّه قداسة البابا لاوون الرابع عشر رسالة قوية وواضحة: العمل يستحق الاحترام، التقدير والعدالة. هذا الإجراء، الذي يتجاوز البُعد المالي البحت، يُعيد التأكيد على قيمة الخدمة اليومية لأولئك الذين يُبقون على مؤسّسات الكنيسة، وغالبًا ما يظلّون غير مرئيين بنظر الرأي العام.
خلال لقائه الأول مع الموظفين، صرّح لاوون الرابع عشر بوضوح: "الباباوات يأتون ويذهبون، أما الكوريا فتبقى"، معترفاً بمركزية من يعملون خلف الكواليس. هذا الموقف يُمثل قطيعة واضحة مع عهد البابا فرنسيس، الذي كان قد أوقف هذه المنحة عام ٢٠١٣ وخصّص الأموال للفقراء.
لكنّ دعم الموظفين ومساعدة الفقراء ليسا هدفين متعارضين. لقد أثبت لاوون الرابع عشر أن الإدارة العادلة والذكيّة للموارد قادرة على تحقيق الأمرين معًا: من جهة، تقدير العاملين في الكنيسة، ومن جهة أخرى، الحفاظ على الالتزام تجاه الأعمال الخيرية، كما ظهر جلياً في توزيعه الرمزيّ لخمسة آلاف كرواسون على المشرّدين في شوارع روما.
ولا ننسى أنه في عهد البابا فرنسيس، بين ١ نيسان ٢٠٢١ و٣١ آذار ٢٠٢٣، تم تعليق زيادات الأقدمية كل سنتين، مما تسبّب بخسائر ملموسة في معاشات التقاعد والمكافآت النهائية، وترك العديد من الموظفين في ضائقة. خفض الرواتب أو تعليق الحقوق المكتسبة لا يعني بالضرورة المزيد من الصدقة؛ بل قد يتحوّل أحياناً إلى ظلم داخلي، يُضعف الانتماء ويخلق انقسامات.
إذن، يُمثل تصرف البابا لاوون الرابع عشر عودة إلى رؤية أكثر توازنًا: كنيسة لا تنسى الفقراء لكنها تدرك أيضًا أن العدالة والكرامة تبدأ من داخل أسوارها.
في زمن أصبحت فيه العدالة الاجتماعية محور النقاش العالمي، يُوجه لاوون الرابع عشر رسالة قوية: الإصلاح الحقيقي لا يمرّ فقط عبر الإيماءات الرمزية الكبرى، بل أيضاً عبر القدرة على الإصغاء واحترام من يعملون إلى جانبه.
إنها إشارة للتجدّد والنضج والعدالة، تُمثل نقطة تحول مقارنةً بتصلّب الماضي، وتفتح الباب أمام حبريّة أكثر إنسانية وشمولية.