الثقة بسوق السندات الأميركية تواجه اختباراً قاسياً بسبب العجز المالي

1 day ago 4
ARTICLE AD BOX

تشهد سوق السندات الأميركية اضطرابات متزايدة في ظل ارتفاع العوائد على السندات طويلة الأجل، ما يعكس مشكلات حقيقية تتمثل في زيادة المعروض وتراجع الطلب الأجنبي. ومع تفاقم العجز المالي وتباطؤ الإنتاجية، تواجه ثقة المستثمرين العالميين بالولايات المتحدة اختباراً صعباً، قد يتطلب تدخلاً سياسياً صارماً لكبح جماح الأزمة. وبحسب ما أوردته وكالة بلومبيرغ الأميركية، تبعث سوق السندات الأميركية الحكومية بإشارات مقلقة بشكل متزايد.

فبحسب بيانات الأسبوع الماضي، بات المستثمرون يطالبون بعائد إضافي يبلغ نحو 90 نقطة أساس لتعويض المخاطر المرتبطة بإقراض الحكومة الأميركية على المدى الطويل. وللمقارنة، كان ما يُعرف بـ"علاوة الأجل" لسندات العشر سنوات قريباً من الصفر في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، قبل انتخاب الرئيس دونالد ترامب.

والرسالة هنا واضحة، وفقاً لـ"بلومبيرغ"، التي أشارت في تقرير لها، اليوم الجمعة، إلى أنّ أميركا لم تعد جذابة للمستثمرين العالميين كما كانت، في وقت أصبحت فيه الحكومة في أمسّ الحاجة إلى تدفق رؤوس الأموال. فما الذي يُفسّر هذا التراجع في شهية المستثمرين تجاه السندات الأميركية؟ تشير "بلومبيرغ" إلى أن أحد العوامل يتمثل في ارتفاع عوائد السندات الحكومية المنافسة.

فعلى سبيل المثال، ارتفع العائد على السندات اليابانية لأجل عشر سنوات إلى 1.5%، بعد أن كان أقل من 1% في أكتوبر الماضي. ثم هناك تأثير الحرب التجارية التي أطلقها ترامب. فعلى عكس التوقعات التي تفترض ارتفاع الدولار مع زيادة الرسوم الجمركية، تراجع مؤشر الدولار المرجّح بالتجارة بنحو 5% منذ تولي الرئيس منصبه في يناير/ كانون الثاني، ما يشير إلى فتور الطلب الأجنبي على الأصول المالية الأميركية.

ولا يقلّ خطورة عن ذلك بالنسبة لسوق السندات الأميركية الوضع المالي المتدهور لحكومة الولايات المتحدة. فقد ارتفع العجز في الموازنة بنسبة 23% خلال الأشهر السبعة الأولى من هذا العام، مقارنةً بالفترة نفسها من العام الماضي. وتشير تقديرات مكتب الموازنة في الكونغرس إلى أن قانون "فاتورة ترامب الجميلة الكبيرة الواحدة" سيضيف 2.3 تريليون دولار إلى العجز خلال عشر سنوات، وهذا بناءً على افتراضات متفائلة يصعب تحققها.

وإذا حدث ركود اقتصادي، أو استمرت تكاليف الاقتراض في الارتفاع، أو جرى تمديد التخفيضات الضريبية (مثل تلك المفروضة على الإكراميات والعمل الإضافي) لما بعد 2029، أو أثّرت السياسات التجارية سلباً على الإنتاجية، أو أدت قيود الهجرة إلى تقليص المعروض من العمالة، فإنّ العجز سيكون أكبر بكثير.

على سبيل المثال، فإن ارتفاعاً طفيفاً بمقدار عشر نقاط أساس في معدل الفائدة على ديون الحكومة الأميركية سيضيف 351 مليار دولار إلى العجز خلال عشر سنوات. كما أن تباطؤاً مماثلاً في معدل نمو الإنتاجية أو نمو قوة العمل سيضيف 388 مليار دولار أو 184 مليار دولار على التوالي. وقد يؤدي هذا العجز المزمن، بحسب "بلومبيرغ"، إلى حلقة تغذية راجعة سلبية خطيرة، حيث يدفع العجز وتكاليف الاقتراض بعضهما بعضاً إلى مستويات أعلى في حلقة مفرغة يصعب كسرها. وكما حدث في عهد الرئيس الأسبق بيل كلينتون في التسعينيات، فإن كبح هذه الدورة قد يتطلب انضباطاً مالياً صارماً تفرضه الأسواق نفسها.

وقد تكون لحظة التحوّل المقبلة هي مواجهة محتملة بين مجلسي النواب والشيوخ حول خطط الإنفاق والضرائب التي تتبناها إدارة ترامب. ففي حال عدم التوصل إلى اتفاق لرفع سقف الدين الفيدرالي، تُرجح "بلومبيرغ" أن تنفد أموال وزارة الخزانة الأميركية للوفاء بالتزاماتها بحلول أغسطس/ آب المقبل. أما إذا رُفع السقف، فسوف تتسارع وتيرة إصدار الديون، حيث تسعى الخزانة لتمويل العجز وإعادة بناء احتياطياتها النقدية لدى مجلس الاحتياط الفيدرالي. وفي كلتا الحالتين، ستخضع ثقة سوق السندات الأميركية لاختبار بالغ القسوة.

Read Entire Article