الجزائر... إجراءات تقشفية على مسؤولي شركات حكومية

20 hours ago 2
ARTICLE AD BOX

شرعت الحكومة الجزائرية في فرض قيود صارمة على كتلة الأجور والتعويضات التي يستفيد منها مسؤولو الشركات العمومية المملوكة للدولة، ذات الطابع الصناعي والتجاري، في خطوة تهدف إلى ترشيد النفقات وتحقيق توازن أفضل بين حجم المسؤوليات والأجور، بالتزامن مع التراجع الحاد في أسعار النفط، مصدر الدخل الرئيسي للبلاد من النقد الأجنبي.

القيود الجديدة تشمل وضع سقف صارم للأجور والامتيازات، مع ربط الجزء المتغير من الأجر بأداء المؤسسة ونتائجها المالية، بما يضمن نجاعة أكبر في التسيير وتفادي الإنفاق غير المبرر الذي لطالما أثقل كاهل الخزينة العمومية.

الجزائر تسقف الأجور

في هذا السياق، جاء في وثيقة رسمية صادرة عن وزارة العمل والتشغيل والضمان الاجتماعي، تحمل تاريخ 15 مايو/أيار 2025، حصلت عليها "العربي الجديد"، أن الحكومة قررت تحديد الجزء الثابت من أجر المسير الرئيسي للشركة العمومية، بما لا يتجاوز عشرة أضعاف الأجر المرجعي البالغ 17 ألف دينار جزائري، أي ما يعادل 170 ألف دينار شهرياً (1288 دولاراً)، على أن يحتسب الجزء المتغير بناء على مؤشرات أداء فعلية، من دون أن يتجاوز في كل الأحوال الأجر السنوي الثابت، مع إمكانية الزيادة بنسبة 10% فقط في بعض الحالات الاستثنائية.

كما تلزم الوثيقة الشركات الحكومية بإبرام عقود نجاعة مع مسيريها، تحدد فيها الأهداف ومؤشرات الأداء، وتربط المكافآت بتحقيق نتائج ملموسة. وتضيف الوثيقة أن الشركات ستصنف حسب سلّم من ستة إلى عشرة مستويات بناء على رقم الأعمال (المداخيل الإجمالية)، والنتيجة المالية وعدد العمال، وهو ما يحدد سقف الأجور الممكن منحه.

تقييد امتيازات عينية

تقيد الإجراءات الجديدة كذلك الامتيازات العينية التي كانت تُمنح بسخاء، حيث تم تسقيف تعويضات السكن بنسبة 35% من الأجر الثابت، والهاتف بـ8%، والوجبات بـ30%، مع تحديد منحة الوقود بثمانية آلاف دينار شهرياً ومنع الجمع بين الامتيازات المتشابهة.
وتنص الوثيقة على أن تعويضات نهاية الخدمة لن تتجاوز 12 شهراً من الأجر الصافي، سواء في حالة إنهاء المهام أو الإحالة على التقاعد، مع منح شهر واحد عن كل سنة عمل كمنحة تقاعدية، بحد أقصى 12 شهراً.
وتمنح الحكومة مهلة ثلاثة أشهر للقطاعات الوزارية من أجل تصنيف المؤسسات التابعة لها وفق المعايير المحددة، على أن تدخل هذه الإجراءات حيز التنفيذ بعد صدور القرار الوزاري المشترك لذات الغرض.
وتأتي هذه الخطوة في إطار سياسة أشمل لخفض الإنفاق وتحسين تسيير الشركات العمومية، التي تواجه انتقادات متزايدة بسبب ضعف الأداء وهدر مستمر للموارد المالية منذ سنوات.

كما أن ضغط الحكومة على مسيّري الشركات العمومية يأتي بالتزامن مع تراجع حاد في أسعار النفط في السوق الدولية، ما يضع الحكومة في مواجهة تحديات جدية ووضعية غير مسبوقة منذ 2022، مع بلوغ أسعار الخام سقف 60 دولاراً للبرميل في الأسابيع الماضية، وهو نفس السعر المرجعي المعتمد في قانون الموازنة للجزائر لهذا العام، قبل صعودها إلى 65 دولاراً.

زيادة الإنفاق الحكومي

منذ ثلاث سنوات، زاد الإنفاق الحكومي في الجزائر بشكل كبير وبلغ مستويات قياسية وتحقق عجز موازنة تاريخياً هو الأكبر في تاريخ البلد العربي، الذي قد يلجأ إلى إقرار قانون مالية (موازنة) تصحيحي في النصف الثاني من السنة.
في موازنة 2025، بلغت النفقات العامة نحو 126 مليار دولار، وهي الأعلى في تاريخ الجزائر منذ استقلالها عام 1962، مقابل إيرادات لا تتجاوز 64 مليار دولار، ما تسبب في عجز موازنة قياسي بلغ 62 مليار دولار، مقارنة بـ44 مليار دولار في 2024، أي بزيادة تقارب 18 مليار دولار خلال سنة واحدة فقط.
ومع ذلك، فإن البلاد تتوفر على احتياطات نقدية لا بأس بها من النقد الأجنبي تفوق 72 مليار دولار، بدون احتساب الذهب.
ورغم محاولات الحكومة الجزائرية تنويع الاقتصاد وتقليص الاعتماد على صادرات النفط والغاز، لا تزال المحروقات تشكل نحو من 90% من إيرادات البلاد من النقد الأجنبي، حسب بيانات رسمية.
وبلغت الصادرات غير النفطية في عهد الرئيس الحالي عبد المجيد تبون مستويات تاريخية لم تبلغها منذ الاستقلال، إذ وصلت إلى سبعة مليارات دولار عام 2022، ثم تراجعت إلى نحو خمسة مليارات في العامين الماضيين.
وتسعى السلطات إلى زيادة صادرات البلاد خارج المحروقات، خصوصاً من منتجات زراعية مختلفة (تمور وخضر وفواكه) ومعادن خام وأسمدة ومخصبات زراعية ومواد بناء منها الإسمنت والحديد.

Read Entire Article