الجفاف يهدد سلة غذاء سورية... خسائر باهظة لمزرعي الجزيرة

2 weeks ago 4
ARTICLE AD BOX

شمس حارقة وحر شديد ورياح مغبرة. الحقول الشاسعة خالية من اخضرارها المألوف، والمسافات الممتدة خالية من الشجر، فيما وجوه الفلاحين عابسة. هذا المشهد العام للجزيرة التي لطالما وصفت بالخضراء، وبأنّها سلة غذاء سورية، بعد فصل شتاء كاد يخلو من المطر فنضبت آبار المياه وجفت الأنهار وانخفض مستوى مياه البحيرات.

هكذا، ماتت بذور القمح والشعير في مهدها، وماتت معها أحلام مئات الآلاف من البشر، الذين كانوا ينتظرون موسم الحصاد ليعيشوا حياتهم الطبيعية، فتأجلت كل مشاريعهم العائلية، كما تأجلت المشاريع الصناعية والتجارية المرتبطة بالزراعة.

تقول نورا صالح (53 سنة)، وهي مقيمة في ريف القامشلي، لـ"العربي الجديد": "سوء المواسم الزراعية له تأثير كبير على معيشتنا، تتراجع الاحتفالات كثيراً، ولا سيما الزواج، مع تراجع السيولة المالية لدفع المهر مثلاً أو تجهيزات حفلة الخطوبة أو العرس، فنحن اعتدنا أن ننتظر موسم حصاد محاصيلنا الزراعية من قمح وشعير أو خضروات أو بقوليات أو موسم حصاد العدس حتى نزوج أبناءنا، وكل اعتمادنا على ما نجنيه من المواسم، وهذه السنة تضررنا كثيراً".

تضيف: "لديّ خمسة أبناء وكنت أنتظر الموسم لتزويج ابني البكر، ولدي ابنتان إحداهما في الجامعة والأخرى في الثانوي، واعتمادنا في تقديم مصاريفهم الدراسية على عائدات ما تنتجه الأرض". 

من جانبه، يقول كاميران علي (45 سنة)، وهو صاحب حصّادة زراعية، من ريف ناحية عامودا، شمال محافظة الحسكة، لـ"العربي الجديد": "هذا العام لا يوجد موسم، فجميع مزروعات الحقول البعلية من قمح أو شعير أو عدس أو بقوليات تضررت بنسبة تقارب 100%، أما بالنسبة للحقول المروية فهي قليلة، لهذا لم أُعد هذا العام تعمير الحصّادة. في السنوات الماضية كان يعمل لدي على الحصادة ما يقارب 25 شخصاً بين عمال وسائقين. لكن هذا العام لا يغطي العمل تكاليف الصيانة التي تبلغ ما يقارب 7000 دولار".

ويضيف: "كنا نعمل في المواسم الماضية أكثر من شهر ونصف متواصلة، وكان الدخل يقارب 25 ألف دولار، وهذا مبلغ جيد بالنسبة لأصحاب الحصادات. اشتريت الحصادة قبل سنتين بمبلغ 40 ألف دولار لكي أعمل عليها وأكسب قوت أولادي".

بدوره، يقول فيصل أبو حسن (55 سنة)، المقيم في مدينة الحسكة، وهو صاحب محل تجاري لبيع أكياس القمح ومستلزمات الزراعة، لـ"العربي الجديد": "هذا العام توقفت حركة البيع والشراء بشكل شبه تام بسبب تدني الإنتاج الزراعي، ما يعني توقف عملنا". يضيف: "خسارتنا هذا العام كبيرة ولا بديل، فتضرر الموسم الزراعي يؤثر بشكل كبير في مختلف شرائح المجتمع ليس فقط المزارعين وأصحاب الحقول إنما أصحاب الحصادات والجرارات والعمال وغيرهم".

من جانبها، تحذر المهندسة الزراعية حياة موسى، في حديثها لـ"العربي الجديد"، من أنّ ما نشهده في الجزيرة السورية يتجاوز خطره كونه موسماً زراعياً سيئاً، وترى أنه تحول جذري خطير في مستقبل الأمن الغذائي لسورية برمته، فالجزيرة السورية تعد السلة الغذائية للبلاد.

وتضيف أنّ "أكثر من 90% من السكان في الجزيرة والمنطقة عموماً يعيشون تحت خط الفقر، وفي الوقت ذاته تنهار قدرتهم على إنتاج الغذاء". وتعزو موسى الانهيار لاعتماد نحو 70% من الأراضي الزراعية على كمية مياه الأمطار، ما جعلهم عرضة لمخاطر التغير المناخي.

Read Entire Article