الجيش يستعيد مواقع في جنوب كردفان وتبادل للقصف المدفعي بالفاشر

19 hours ago 2
ARTICLE AD BOX

<p class="rteright">حذرت منسقية النازحين واللاجئين في دارفور من انتشار الأوبئة والأمراض بين النازحين داخل المعسكرات (أ ف ب/ غيتي)</p>

تتصاعد وتيرة التصعيد والعمليات الحربية والتحشيد المتبادل بين الجيش وقوات "الدعم السريع" في محاور وجبهات القتال الأكثر سخونة بولايات إقليم كردفان الثلاث، شمال وجنوب وغرب. وأكدت مصادر عسكرية أن قوات الجيش حققت تقدماً جديداً باستعادة السيطرة على منطقتي الدكا وكرفارة بجنوب كردفان واقتربت من مدينة كاودا مقر رئاسة الحركة الشعبية - شمال المتحالفة مع "الدعم السريع"، وأوضحت المصادر أن طيران الجيش المسير استهدف تجمعاً لـ"الدعم السريع" في منطقة الدبيبات جنوب كردفان أسفر عن تحييد عدد كبير من مسلحيها بينهم ضباط كبار.

طريق كاودا

تشكل استعادة منطقتي الدكا وكرفارة خطوة لتأمين محيط مدينة كادوقلي عاصمة الولاية والقرى المجاورة لها، إلى جانب توسيع نطاق سيطرة الجيش ومنع عمليات الإمداد والتسلل، وفتح الطريق نحو كاودا التي ظلت، سنوات، من أبرز المعاقل التاريخية للحركة الشعبية.

وتشهد جنوب كردفان معارك عنيفة بين الجيش من جهة، وقوات "الدعم السريع" والحركة الشعبية من جهة أخرى، حيث سيطر الجيش على منطقتي الدبيبات والحمادي بهدف فك الحصار عن مدينتي الدلنج وكادوقلي قبل أن تستعيدهما "الدعم السريع".

تهديد الأبيض

تزامناً مع تزايد حدة المواجهات والمعارك جددت "الدعم السريع" هجماتها بالطائرات المسيرة مستهدفة عدداً من المواقع داخل مدينة الأبيض عاصمة ولاية شمال كردفان. وقالت على منصاتها بمواقع التواصل الاجتماعي إن مسيراتها قصفت مخزناً للذخيرة بالمدينة، مهددة باجتياحها انطلاقاً من مناطق سيطرتها في منطقة كازقيل ومحلية بارا إلى الشمال منها. ويعد هذا الهجوم الثاني من نوعه على المدينة الاستراتيجية خلال الأيام الأربعة الماضية، حيث يتخذها الجيش منطلقاً لفك الحصار عن ولاية جنوب كردفان.

الكوليرا تتفشى

في غرب كردفان تواجه مدينة النهود، كبرى مدن الولاية، أخطاراً صحية متفاقمة بتزايد ملحوظ في حالات الإصابة بالكوليرا في ظل عقبات حقيقية تمنع جهود الاستجابة وتهدد بتفشٍّ أوسع للوباء. ويزيد الوضع تعقيداً التدهور الكبير في الصحة البيئية بالمدينة وتراجع خدمات المياه والنظافة، وتعطل بعض شبكات الصرف الصحي، فضلاً عن انتشار الجثث التي لم تدفن في الطرقات ببعض المناطق. وقالت غرفة طوارئ دار حمر إن "الدعم السريع" أغلقت مصادر المياه في المدينة، مما أدى إلى شح وارتفاع في أسعار المياه داخل المدينة والقرى المتاخمة لها.

وكشف منشور للغرفة على منصة "فيسبوك" عن ارتفاع سعر برميل مياه الشرب إلى أكثر من 50 ألف جنيه، ما يعادل 18 دولاراً بالسوق الموازية، في المدينة والقرى المتاخمة لها جراء الإغلاق. كما تشكو الغرفة من انتشار جثث وأشلاء القتلى على طرقات المدينة بسبب منع "الدعم السريع" ذوي الضحايا من دفنها.

حملات الاستجابة

مواكبة للتحسن المستمر في الوضع الصحي مع انحسار وباء الكوليرا في ولاية الخرطوم، أعلنت وزارة الصحة الاتحادية انطلاق حملة الاستجابة للوباء بالتعاون مع ولاية الخرطوم اليوم الثلاثاء في محليات جبل أولياء وأم درمان وأم بدة وكرري وشرق النيل، ضمن المرحلة الأولى التي ستستمر 10 أيام. وأوضحت الوزارة أن الحملة تستهدف أكثر من مليونين و611 ألفاً من عمر سنة فما فوق، وأكدت الوزارة أن الأسابيع الماضية شهدت تراجعاً ملحوظاً في معدلات الإصابة بالكوليرا، محذرة في الوقت ذاته من أن الأوضاع في مناطق أخرى، مثل مدينة النهود بغرب كردفان، قد تتدهور بسرعة ما لم تتخذ إجراءات عاجلة.

تدخلات إنسانية

من جهة أخرى ابتدرت جمعية الهلال الأحمر السوداني، بدعم من الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب والهلال الأحمر، خطة للتدخلات الإنسانية بولاية الخرطوم لدعم التكايا والمطابخ الخيرية بالولاية. وتحدث مدير الجمعية في الخرطوم أسامة مصطفى عن انطلاق برنامج "فرحة عيد الأضحى" الذي يركز على دعم التكايا في المناطق الطرفية بمحليتي جبل أولياء وأم درمان.

قصف متبادل

في شمال دارفور شهدت العاصمة الفاشر تبادلاً للقصف المدفعي الثقيل بين قوات الجيش و"الدعم السريع" في وقت تعصف فيه الأزمة الإنسانية المتفاقمة بسبب الندرة المتزايدة في المواد الغذائية والأدوية. وأكد قائد الفرقة السادسة - مشاة بالفاشر اللواء محمد أحمد الخضر أن الجيش والقوات المساندة له يتصديان لهجمات "الدعم السريع"، متعهداً "المضي قدماً في القتال حتى آخر قطرة دم لتحقيق النصر القريب القادم".

أوضاع مأسوية

وكشف ناشطون عن أن الوضع الإنساني بشمال دارفور تجاوز كل الحدود، إذ تواجه عشرات آلاف الأسر أوضاعاً إنسانية مأسوية، بسبب المعارك والحصار المستمر على مدينة الفاشر، وبات الناس يصطفون في طوابير طويلة للحصول على علف الحيوان "الأمباز" ويقتاتون ثمار أشجار النيم لمقاومة الجوع. ووفق ناشطين، فإن المواد الغذائية والسلع الأساسية باتت شبه معدومة وتشهد ارتفاعاً غير مسبوق في أسعارها، مما اضطر المواطنين إلى استهلاك مواد غير صالحة للبشر.

من جانبها حذرت منسقية النازحين واللاجئين في دارفور من انتشار الأوبئة والأمراض بين النازحين داخل المعسكرات، التي باتت تفتقر إلى أبسط مقومات الحياة ومواد الإيواء والغذاء والدواء، مع دخول موسم الأمطار الذي سيفاقم تردي الأوضاع الإنسانية، في وقت يعيش فيه النازحون في العراء، من دون غذاء أو مياه شرب أو حتى أغطية. وفر آلاف النازحين إلى منطقة طويلة بشمال دارفور إثر اجتياح "الدعم السريع" معسكر زمزم للنازحين، وأوضح المتحدث باسم المنسقية آدم رجال أن المساعدات التي وصلت ووزعت على النازحين لا تمثل نسبة 10 في المئة من الحاجات.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

مواجهة الموت

بدورها أعلنت منظمة "أطباء بلا حدود" أن مئات آلاف المدنيين السودانيين الذين عانوا من المجاعة، اضطروا إلى الفرار في ظروف كارثية بعدما اجتاح مسلحون مخيمهم في دارفور. وكشفت منسقة مشروع المنظمة بدارفور ماريون رامشتاين، من داخل بلدة طويلة 60 كيلومتراً عن معسكر زمزم بالفاشر، عن أن أطباء المنظمة يعالجون أطفالاً واجهوا الموت عطشاً بصورة فعلي خلال تنقلهم في رحلات النزوح المتكررة.

انفلات أمني

في شرق دارفور تعيش مدينة الضعين عاصمة الولاية توترات أمنية ومجتمعية وانفلاتاً أمنياً، وعرضت "الدعم السريع" مجموعة من الأسلحة قالت إنها ضبطتها وصادرتها مما سمتهم "المندسين والمتفلتين بالمدينة"، وكانت "الدعم السريع" قد شنت حملة اعتقالات واسعة بالمدينة التي تمثل أبرز معاقلها بدارفور، استهدفت عمالاً وموظفين بتهمة موالاة الجيش والنظام السابق.

المحور الاستراتيجي

في السياق أوضح الباحث السياسي والأمني إسماعيل يوسف أن إقليم كردفان بات الآن هو المحور الاستراتيجي ضمن المسرح الجديد للحرب الذي يشهد معارك ومواجهات مفصلية، وأشار إلى أن المشهد العام يؤكد أن الجيش حقق تقدماً مهماً بنقل المعركة من الوسط إلى مناطق استراتيجية في الإقليم وضعته على أعتاب دارفور، بما في ذلك مناطق سيطرة الحركة الشعبية التي تحالفت في الآونة الأخيرة مع "الدعم السريع" في جنوب كردفان. ولفت يوسف إلى أن الجيش وحلفاءه يخوضون مواجهات نوعية "في مواجهة حشود متزايدة من قوات العدو، وعلى رغم ذلك يحققون تقدماً في مناطق استراتيجية بكردفان"، مبيناً أنه، ومنذ فك الجيش الحصار عن مدينة الأبيض في شمال كردفان في مارس (آذار) الماضي، أصبح الطريق مفتوحاً أمام إمداداته، وكذلك الوصول إلى دارفور، وفي الوقت نفسه اعتراض خطوط إمداد "الدعم السريع"، مما يعني أن دارفور ستتحول خلال الأيام المقبلة إلى ساحة قتال متعددة الجبهات من الشمال والجنوب والغرب انطلاقاً من جبهات كردفان الثلاث، مما دفع بـ"الدعم السريع" إلى محاولة إغلاق منفذ كردفان.

المعادلة الصعبة

وتابع الباحث السياسي والأمني أن هناك "معادلة عسكرية صعبة ومعقدة تواجه (الدعم السريع)، فإذا لجأت لسحب بعض قواتها من الفاشر لتعزيزها في محاور أخرى، فإن ذلك سيعني انكشاف الجبهة، مما يمهد بصورة تلقائية لفك الحصار عن المدينة، أما إذا احتفظت بكامل قواتها حول المدينة فربما تخسر ما حققته في غرب كردفان، وتصبح أهم حواضنها، في الضعين بشرق دارفور ونيالا جنوبها، مهددة بالسقوط، واعتبر يوسف أن هجمات المسيرات المتكررة على مدينة الأبيض هدفها وقف تحرك قوات الجيش الضخمة المحتشدة في المدينة بعدما أصبحت مركزاً لإدارة العمليات العسكرية، "مما يشير إلى مأزق عسكري حقيقي تعيشه (الدعم السريع) في مواصلة حصار الفاشر، وفي الوقت نفسه المحافظة على مناطق سيطرتها في دارفور وكردفان، بخاصة مع بروز الدور الفعال لسلاح الطيران في تلك المناطق".

دعم الانتقال

في الأثناء أكد السكرتير التنفيذي للجنة الأمم المتحدة الاقتصادية لأفريقيا كلافير قاتيتي دعم اللجنة للسودان عبر حزمة من البرامج سيتفق عليها مع الوزارات ونقاط الارتكاز في البلاد بهدف إسناد العملية الانتقالية.

وكان سفير السودان لدى إثيوبيا المندوب الدائم لدى الاتحاد الأفريقي الزين إبراهيم قدم تنويراً للجنة حول الأوضاع بالسودان مؤكداً أن "عمليات حرب الكرامة ضد ميليشيات (الدعم السريع) نجحت في تحرير غالبية الرقعة الجغرافية بالبلاد وستستمر في بسط هيبة الدولة في كامل أرجاء البلاد، بخاصة بعد التطورات الدستورية التي شهدتها البلاد بتسمية رئيس وزراء مدني وشروعه في مشاورات تشكيل حكومة تقود الانتقال".

برقية تهنئة

وفي برقية تعد الأولى من نوعها منذ توتر العلاقات بين البلدين واتهام السودان تشاد بدعم "الدعم السريع"، تلقى رئيس مجلس السيادة الانتقالي عبدالفتاح البرهان برقية تهنئة من الرئيس التشادي محمد إدريس ديبي بمناسبة عيد الأضحى.

subtitle: 
وضع إنساني مخيف شمال دارفور وانحسار وباء الكوليرا في الخرطوم
publication date: 
الثلاثاء, يونيو 10, 2025 - 09:30
Read Entire Article