الحرس الثوري يلجأ إلى المساجد ومراكز الباسيج لتعدين العملات الرقمية

2 hours ago 4
ARTICLE AD BOX

<p class="rteright">يُقدر عدد أجهزة التعدين غير القانونية النشطة في إيران بنحو 700 ألف جهاز تستهلك ما بين 1500 و2000 ميغاواط من الكهرباء (رويترز)</p>

مع استمرار انقطاع التيار الكهربائي في إيران، تزيد وتيرة تركيب أجهزة تعدين العملات الرقمية في مقار الباسيج والمدارس، وبعض المصانع، وحتى في أماكن مثل مزارع الأبقار في إيران.

وقد لفتت هذه القضية اهتمام وسائل الإعلام المحلية، خاصة بعد نشر تقارير تكشف وجود أنشطة للتعدين داخل المساجد والمصانع التي تستفيد من تخفيضات الدعم الحكومي لاستهلاك الكهرباء، وغالباً ما تكون هذه المراكز تحت إدارة الحرس الثوري الإيراني أو المؤسسات التابعة له.

ويشير الخبراء إلى أنه، بالنظر إلى الدعم الحكومي البالغ نحو 500 تومان (0.00625 دولار) لكل كيلوواط كهرباء، فإن كل وحدة من عملة "بيتكوين" يتم تعدينها في إيران تستهلك دعماً حكومياً يقدر بنحو 35 مليون تومان (437.5 دولار). لكن ارتفاع سعر البيتكوين والعملات الرقمية المعروفة جعل من تعدين العملات تجارة مربحة للحرس الثوري.

وما يجعل إيران وجهة جذابة لتعدين العملات الرقمية هو انخفاض تكاليف الكهرباء، بخاصة في المناطق الصناعية والزراعية. كما أن القوانين المتعلقة بدعم الكهرباء لمراكز مثل المساجد والباسيج جعلت هذه الأماكن محط اهتمام كبير لتركيب أجهزة التعدين.

الوجود الصيني في إيران

وفقاً لتقديرات مؤسسات دولية، فإن إيران كانت تستحوذ حتى عام 2021 على نحو 4.5 في المئة إلى 7 في المئة من شبكة "بيتكوين" العالمية. كما أظهرت الأدلة انتشار نشاطات شركات وشبكات صينية في إيران، بعد القيود التي فرضتها الصين على التعدين، ما دفع القائمين على هذا القطاع إلى البحث عن وجهات جديدة، فكانت إيران وجهة مثالية بسبب وجود كهرباء رخيصة.

من بين الأدلة على الوجود الصيني في إيران، نُشرت تقارير عن أنشطة لشركة صينية في مدينة رفسنجان الصناعية وسط إيران. ويبدو أن انتشار الشركات الصينية قد توسع ليشمل مدناً أخرى. وأصبحت المدارس والمساجد ومزارع الأبقار المهددة بالإغلاق فرصة مناسبة للاستثمار في هذا المجال.

ومع اختلاف الدعم الكهربائي بحسب المناطق، خصوصاً المناطق الحارة، إذ تخصص لها الحكومة تكاليف أقل مقارنة بباقي المناطق، فقد ظهرت دلائل على وجود صينيين في محافظات مثل يزد وزنجان وسيستان وبلوشستان، وبعض المدن الشمالية.

ووفقاً للخبراء الدوليين، فإن تكلفة الكيلوواط من الكهرباء في إيران تبلغ 0.006 دولار، بينما تصل في جنوب غرب الصين إلى 0.015 دولار في الصيف و0.04 دولار في الشتاء.

ويعني هذا أن تكلفة إنتاج البيتكوين في الصين أعلى من إيران بـ2.5 مرة في الصيف و6.6 مرة في الشتاء. كما أن إغلاق العديد من الأنشطة الصناعية، وانخفاض الاستثمارات الإنتاجية، دفع بعض أصحاب المصانع لتحويلها إلى مزارع تعدين لتعويض الخسائر.

كما أن استخدام مزارع الأبقار - التي تحصل على دعم كهرباء صناعي - يثير التساؤل، خصوصاً أن كثيراً منها غير نشط بعد بيع مواشيها، لكن استهلاك الكهرباء مستمر في هذه المزارع.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

الالتفاف على العقوبات

أكد بعض المسؤولين الحكوميين هذا الأمر مراراً. وفي وقت سابق، كان قد صرح مساعد وزير الطاقة لشؤون الكهرباء، همايون حائري، أن نشاط تعدين العملات الرقمية آخذ في الازدياد، ووصل إلى المساجد والمدارس التي تحظى بتعرفة كهرباء مجانية.

وقد حذر من أن استمرار هذا الوضع قد يجبر الوزارة على تخصيص نحو 250 ميغاواط من القدرة الإنتاجية لتلبية احتياجات مزارع التعدين. ويؤكد الخبراء أن مشاركة كيانات مثل الحرس الثوري ترجع لأهمية تبادل العملات الرقمية في الالتفاف على العقوبات التي يفرضها الغرب على إيران.

غير أن النشاطات يتم إخفاؤها بشكل كبير، وغالبية الأخبار تتحدث فقط عن اكتشاف مزارع تعدين غير قانونية، من دون الإفصاح عن مصير المعدات المصادرة. ويعتقد الخبراء أن تردد مثل هذه الأخبار لا يتعدى كونه للتظاهر الإعلامي بمكافحة الظاهرة.

استهلاكها يعادل إنتاج محطة بوشهر

يُقدر عدد أجهزة التعدين غير القانونية النشطة في إيران بنحو 700 ألف جهاز، تستهلك ما بين 1500 و2000 ميغاواط من الكهرباء، وهي كمية لها تأثير كبير على شبكة الكهرباء الوطنية. لكن بسبب غياب الشفافية وتنوع الأجهزة، من الصعب تحديد استهلاكها بدقة.

ووفقاً للتقارير، فإن الجهاز الواحد يستهلك نحو 3250 واطاً في الساعة (3.25 كيلوواط)، وبعض الأجهزة المتقدمة قد تصل إلى 5 كيلوواط، ما يعادل استهلاك عدة أسر يومياً.

وفي ديسمبر (كانون الأول) الماضي، أعلن نائب مؤسسة "توانير" أن استهلاك مزارع التعدين غير القانونية يعادل إنتاج محطة بوشهر النووية. وأضاف أن هذا النشاط يجري في بعض المنازل والمتاجر ومزارع المواشي.

المساجد وجهة مثالية

وفي هذا السياق، تشكل المساجد الوجهة المثالية لتغطية نشاطات التعدين، نظراً لحصولها على دعم مجاني لاستهلاك الكهرباء، بخاصة أن تعويض هذا النوع من الاستهلاك يتم من بنود ميزانيات مختلفة. كما أن الرقابة على مثل هذا النشاط محدودة، وإذا ما عثرت السلطات على مثل هذا النشاط، يتم التكتم عليه ولا ترد معلومات عنه في الإعلام.

ومع الأخذ بعين الاعتبار حجم استهلاك مزارع تعدين العملات الأجنبية، فقد حذرت الحكومة من أن ذروة الطلب على الكهرباء في منتصف يونيو (حزيران) الجاري قد تصل إلى 68,500 ميغاواط، مع عجز قدره 13,000 ميغاواط.

وقال رئيس مقر إدارة الكهرباء إنه من الضروري الكشف عن مصادر الاستهلاك غير الطبيعي، من أجل سد العجز في الطاقة. هذا الأمر يدل على صعوبة إغلاق هذه المزارع أو إيقافها دون علم الجهات التنفيذية والقضائية.

شخصيات نافذة داخل النظام

ذكرت صحيفة "جمهوري إسلامي" في أواخر مايو (أيار) الماضي، أن نشاط تعدين العملات الرقمية يجري بواسطة شخصيات نافذة داخل النظام، وأن مواجهتهم تتطلب وجود إرادة سياسية، لكن لا توجد مثل هذه الإرادة حتى الآن.

وأما الأمر الآخر الذي يؤدي إلى الإهمال في مواجهة مثل هذا النشاط، فهو أن وزارة الاتصالات تستفيد مالياً من نشاط التعدين بسبب استهلاك الإنترنت، ولذلك فهي لا تبدي تعاوناً في تعقب المزارع.

وتكشف السياسات الحكومية أن المواطنين يتحملون ضغوطاً كبيرة بسبب ارتفاع أسعار الكهرباء، وأن استمرار انقطاع التيار الكهربائي هدفه تأمين الكهرباء لمزارع التعدين التابعة للحرس الثوري والشركات الصينية. ومن أبرز الإجراءات التي تتخذها الحكومة إصدار فواتير الكهرباء على مرحلتين شهرياً، ما يشير إلى أن المواطن هو من يتحمل عبء توفير الطاقة لنشاط تعدين العملات الأجنبية.

نقلا عن "اندبندنت فارسية"

subtitle: 
محاولات للحصول على كهرباء مجانية من المراكز التي تحظى بدعم حكومي والسلطات تتستر على الأنشطة السرية
publication date: 
الاثنين, يونيو 9, 2025 - 05:15
Read Entire Article