ARTICLE AD BOX
مع اقتراب موسم امتحانات نهاية العام في المغرب، تنتشر إعلانات الدروس الخصوصية على مواقع التواصل الاجتماعي، لجذب المزيد من الطلاب الساعين لحصد الدرجات العليا في عدد من المواد ذات الثقل التقويمي.
تخصص العديد من الأسر المغربية منذ بداية الموسم الدراسي ميزانيات للدروس الخصوصية، خصوصاً خلال موسم الامتحانات النهائية، حيث يلاحق مدرسون وطلاب جامعيون ومتقاعدون آلاف التلاميذ من خلال الإعلانات للالتحاق بدروس الدعم والتقوية. ولا يقتصر سوق الدروس الخصوصية أو ما يعرف بـ"المراجعة" أو "الساعات الإضافية"، على ما يقدمه الأساتذة في منازلهم أو أماكنهم الخاصة أو في بيوت التلاميذ، إذ فتحت مؤسسات التعليم الخاص أبوابها للراغبين في دروس الدعم، فضلاً عن انتشار المئات من مراكز الدعم خلال السنوات الأخيرة. وعلى امتداد تلك السنوات تحولت الدروس الخصوصية في المغرب إلى وسيلة لا غنى عنها لشرائح واسعة من المتعلمين، بمن فيهم المتفوقون الذين أصبحوا الأحرص عليها من غيرهم متى توفرت لديهم الإمكانات.
يقول رئيس الفيدرالية الوطنية لجمعيات آباء وأمهات وأولياء التلاميذ، نور الدين عكوري، لـ"العربي الجديد"، إن الدروس الخصوصية أصبحت ضرورة لعدد كبير من التلاميذ في مختلف الأسلاك التعليمية، موضحاً أن العديد من الأسر تضطر إلى البحث عن حلول لتعزيز التحصيل الأكاديمي لأبنائها جراء صعوبة متابعة المناهج الدراسية في الحصص العادية.
ويبدي عكوري قلقه الشديد إزاء استفحال ظاهرة الدروس الخصوصية، خصوصاً خلال الفترة الحالية التي يستعد فيها التلاميذ لاجتياز الامتحانات، مؤكداً أنها ترهق كاهل الأسر مادياً ونفسياً. ويلفت عكوري إلى أن من أبرز الأسباب التي تساهم في انتعاش الدروس الخصوصية، الضغط الذي يواجهه التلاميذ من أجل الحصول على معدلات مرتفعة، ولا سيما في المواد العلمية، استعداداً لاجتياز امتحانات البكالوريا، خصوصاً في التخصصات التي تتطلب معدلات عالية للالتحاق بكليات الطب والهندسة.
ويوضح أن الإقبال على الدروس الخصوصية لا يقتصر على التلاميذ في المدارس العمومية فقط، بل يشمل أيضاً طلاب التعليم الخاص، سواء عبر أساتذة خصوصيين أو من خلال مراكز تعليمية أصبحت تروج لخدماتها بشكل متزايد عبر وسائل التواصل الاجتماعي مع اقتراب الامتحانات. ويذهب عكوري إلى أن ازدهار سوق الدروس الخصوصية خلق حالة من الضغط على الأسر التي تجد نفسها مضطرة إلى دفع مبالغ مرتفعة للحصول على هذه الخدمات، مشيراً إلى أن أسعار الساعات الإضافية شهدت ارتفاعاً ملحوظاً خلال السنوات الاخيرة، إذ تبدأ غالباً من 300 درهم للحصة الواحدة، ما يشكل عبئاً مالياً كبيراً.
وترى عضو المجلس الوطني للجامعة الوطنية لموظفي التعليم، حليمة شويكة، أن ظاهرة الدروس الخصوصية كانت دائماً موجودة بشكل موازٍ للتعليم منذ عقود، غير أنها كانت استثنائية، وفي الغالب خاصة ببعض الحالات المتعثرة دراسياً، مضيفة لـ"العربي الجديد": "منذ عقدين تقريباً صارت الدروس الخصوصية ظاهرة مقلقة بسبب انتشارها الواسع واتخاذها طابعاً تجارياً، إذ أصبح عدد كبير من الأساتذة، وغيرهم من خريجي الجامعات، يجعلون من الدروس الخصوصية مصدراً للدخل المادي. وأغلب الأسر أصبحت تعتمد عليها لرفع المستوى الدراسي للأبناء قصد الحصول على معدلات عليا".
وتلفت شويكة إلى أن من الانعكاسات السلبية الخطيرة للدروس الخصوصية، أنها أصبحت بديلاً للدرس المدرسي، إذ إن معظم التلاميذ يكتفون بما يتلقونه في حصص الدعم والدروس الخاصة، ويعتقدون أنها أكثر جودة من الحصص المدرسية التي فقدوا الثقة بها. تضيف: "هذا ليس مجرد انطباع، بل واقع يعيشه أغلب الأساتذة الذين يواجهون أسئلة من تلاميذهم عن مدى احترامهم للإطار المرجعي في التدريس، ومدى جدوى بعض الدروس وأهميتها بالنسبة إلى الامتحان النهائي. ويرجع ذلك إلى عملية الاستقطاب وإصدار الأحكام السلبية بحق أساتذة الحصص المدرسية، التي يلجأ إليها أساتذة الدروس الخصوصية لإقناع التلاميذ بالتسجيل لديهم في مراكز الدعم والدروس المكثفة. مع العلم أن أغلب الممتهنين لهذه العملية اللاتربوية غير ملمّين بقواعد التدريس، وتنقصهم المعرفة الكافية، ويرتكبون الكثير من الأخطاء المعرفية".
وتوضح شويكة أن هذا الاختلال في التوازن بين المدرسة ودروس الدعم أثر كثيراً في المستوى المعرفي للتلاميذ، وحوّلهم إلى مجرد "روبوتات" تُبرمَج على أسئلة الامتحان النهائي بكيفية شكلية، مؤكدة أن هذه الوضعية تؤثر خصوصاً في المنظومة التعليمية، لكنها "بشكل عام تؤثر بتوازن الأدوار الاجتماعية بين الأسرة والمدرسة ومختلف المتدخلين في العملية التربوية".
