الذكاء الاصطناعي 2027: نبوءة مرعبة أم واقع وشيك؟

5 days ago 4
ARTICLE AD BOX

تشهد الساحة العلمية والإعلامية اهتماماً واسعاً بتقرير يحمل عنوان "الذكاء الاصطناعي 2027"، يتناول مستقبلًا قريباً قد يشهد تغيرات كبيرة نتيجة التطورات المتسارعة في الذكاء الاصطناعي. التقرير هو توقع علمي تفصيلي أعده فريق من الباحثين، من بينهم دانيال كوكوتاجلو، الباحث السابق في شركة "أوبن إيه آي"، الذي رفض سابقاً توقيع اتفاقية عدم إفشاء، رغم احتمالية خسارته ملايين الدولارات من حصته في الشركة.

 

بخلاف العبارات العامة المتداولة مثل "الذكاء الاصطناعي يتقدم بسرعة"، يقدم التقرير توقعات دقيقة وقابلة للاختبار لاحقاً، ما يسمح بتقييم مدى تحققها عند توفر الشروط المناسبة.

 

الباحث السابق في أوبن إيه آي ، دانيال كوكوتاجلو

 

تسارع تقني لافت
يشير التقرير إلى أن وتيرة التغيرات في الذكاء الاصطناعي قد تكون أسرع بكثير مما هو متوقع. ففي سنوات قليلة، شهدنا انتقالًا من نماذج تنتج جملًا مفهومة إلى أنظمة تكتب تقارير متكاملة بمستوى مقبول، ومن أدوات لا تجيد البرمجة إلى أخرى تكتب شيفرات قابلة للتنفيذ ولو بمستوى متوسط، ومن صور غير واقعية إلى مقاطع فيديو وصوت مزيفة تبدو مقنعة.

 

تستثمر الشركات مليارات الدولارات في تحسين أداء هذه النماذج. ويتخيل التقرير سيناريو تبدأ فيه إحدى الشركات أواخر هذا العام بالتركيز على استخدام الذكاء الاصطناعي لتحسين أبحاث الذكاء الاصطناعي ذاتها، من خلال تطوير نموذج أوسع وأكثر تخصيصًا لهذه المهمة. ورغم كونها عملية مكلفة، إلا أنها تُعد ذات جدوى اقتصادية كبيرة.

 

الذكاء الاصطناعي كموظف
باستخدام هذا النموذج "المدرِّب"، تتمكن الشركة من التفوق على منافسيها، وتطرح في عام 2026 نماذج قادرة على أداء طيف واسع من المهام، ما يجعلها قابلة لأن تُوظَّف كـ"موظفين" آليين. ويشير التقرير إلى أن الأسواق قد تشهد انتعاشاً مع دخول هذه الأنظمة إلى مجالات عمل متعددة، بما في ذلك وظائف مشابهة لوظائفنا.

 

 

توقعات مقلقة
يصف التقرير كيف يمكن إدراك هذه التغيرات وانعكاسها على الاقتصاد والسياسة العالمية، ويدعم توقعاته بمئات الصفحات من الملاحق. وعلى الرغم من أن التقرير قد لا يصيب في مجمله، إلا أن فحواه قابلة للتقييم الموضوعي مع مرور الوقت.
ورغم وجود شكوك بشأن دقة الجدول الزمني المقترح — والذي يتوقع حدوث تحولات كبيرة خلال الإدارة الأميركية الحالية — إلا أن تسلسل الأحداث المقترح يبدو منسجماً مع ما تشهده الصناعة حالياً. فليس من المستبعد أن تستخدم شركة ما نموذجاً ذكياً لتطوير نماذج أخرى، ما قد يؤدي إلى تسارع يفوق ما حصل بين عامي 2023 و2025. وفي حال تحقق ذلك، قد تواجه اقتصادات العالم تحولات كبيرة مع توفر بدائل آلية للأدوار التي يمكن أداؤها عن بُعد.

 

 

تقلص الإشراف البشري
في هذا السيناريو، توظف الشركة معظم نماذجها داخلياً لتسريع الابتكار، ما يؤدي إلى تسارع تقني يتزامن مع تضاؤل قدرة البشر على الإشراف الفعال. وتبدأ النماذج المتقدمة بإظهار سلوكيات غير متوقعة، فيسعى المطورون إلى تعديلها، لكن هذه التعديلات تكون غالبًا سطحية، ولا تعالج المشكلات الأساسية، إذ يبدو أن بعض هذه الأنظمة بدأت في اتباع أهداف خاصة بها — وهي أهداف قد يصعب علينا فهمها بشكل دقيق. وقد تم تسجيل سلوكيات مماثلة بدرجة محدودة، مثل محاولات اجتياز اختبارات برمجية بطرق ملتوية.

 

خطر محتمل
التقرير لا يكتفي بالتنبؤ بالمستقبل، بل يعرض تصوراً لمخاطر حقيقية محتملة في حال استمرار المسار الحالي. ويفترض أنه بحلول عام 2027، قد يُخصص قدر هائل من القدرة الحاسوبية لتطوير أنظمة تقوم بأبحاث في الذكاء الاصطناعي، في ظل تراجع إشراف الإنسان — ليس نتيجة إهمال، بل بسبب زيادة تعقيد وسرعة الأنظمة.
ويشير التقرير إلى احتمال ظهور مؤشرات على أن بعض النماذج المتقدمة تطور أهدافاً قد تكون غير متوافقة مع المصالح البشرية، لكن الضغوط الجيوسياسية، مثل التنافس مع الصين، قد تدفع صناع القرار إلى التغاضي عن هذه المؤشرات. وهكذا، تدخل البشرية في سباق تقني قد لا يترك مجالًا كافياً للضوابط الآمنة.

 

هل يمكن تلافي الأسوأ؟
يطرح التقرير تساؤلاً أساسياً: هل بإمكان صناع القرار التصرف بحكمة؟ من الممكن ذلك، بل إن اتخاذ الإجراءات قد لا يكون بالأمر المعقد، نظرياً. لكن هل سيفعلون؟ تجاربنا السابقة لا تعزز هذا التفاؤل.


من اللافت أن نائب الرئيس الأميركي جي دي فانس قرأ التقرير، وأبدى أمله بأن يلعب البابا الجديد — الذي سبق أن أشار إلى أن الذكاء الاصطناعي يمثل تحدياً جوهرياً للبشرية — دوراً عالمياً في توجيه الحوار والتدخل قبل فوات الأوان.

 

نعيش في لحظة تاريخية غير مسبوقة، ويُعد الاطلاع على تقرير "الذكاء الاصطناعي 2027" فرصة لفهم التحولات المتوقعة من خلال سيناريوات محددة يمكن اختبارها، ما يسمح للأفراد وصناع القرار بتقييم الموقف والاستعداد، بدلًا من الانتظار السلبي لما قد يحدث.

Read Entire Article