الصين تستخلص عِبر "شبكة العنكبوت" لسدّ الثغرات

3 hours ago 5
ARTICLE AD BOX

أبدت الصين اهتماماً بما عُرف بعملية "شبكة العنكبوت" الأوكرانية التي استهدفت سرباً من الطائرات الروسية، وألحقت بها أضراراً جسيمة مطلع شهر يونيو/حزيران الحالي. وقالت وسائل إعلام صينية، أمس الأحد، إنّ الهجمات الأوكرانية التي تستهدف القواعد الجوية في عمق الأراضي الروسية، على الرغم من افتقارها إلى الصواريخ أو القاذفات بعيدة المدى، يمكن أن تقدم دروساً مهمّة حول الحرب الحديثة في حالة نشوب أي صراع في مضيق تايوان، وأضافت أن النهج المبتكر لم يكن مفاجأة مباغتة لموسكو فحسب، بل كان أيضاً بمثابة لحظة استيقاظ للجيوش في جميع أنحاء العالم، مشيرة إلى تعليق رئيس أركان القوات الجوية الأميركية ديفيد ألفين، الذي قال إنّ الهجوم أظهر أن المواقع التي تبدو غير قابلة للاختراق، ربما لم تعد آمنة في عصر تكنولوجيا الطائرات من دون طيار المتطوّرة بسرعة، والحرب غير المتكافئة، وأن مثل هذه التكتيكات يمكن أن تخلق معضلات لكل من المهاجمين والمدافعين.

جياو بينغ: قامت الصين بإجراءات غير معلنة لتعزيز الحماية تحسباً لهجوم يشبه هجوم البيجر في لبنان

درس "شبكة العنكبوت"

ونقلت صحيفة ساوث تشاينا مورنيغ بوست، عن فو تشيانشاو، وهو محلّل طيران عسكري صيني وعضو سابق في القوات الجوية قوله إنّ "الدرس لا يقتصر على روسيا فحسب، إذ يُمكن بسهولة تنفيذ مثل هذه الهجمات من أجهزة الاستخبارات أو في عمليات عسكرية خاصة"، وأضاف فو أن الدرس بالنسبة للصين هو أنها ستحتاج إلى توفير حماية من أي قوات معادية يمكن أن تتسلّل إلى القواعد العسكرية بهذه الطريقة.

كانت كييف قد أعلنت في الأول من يونيو الحالي، أن طائرات بدون طيار أوكرانية تمكّنت من تدمير قاذفات روسية بقيمة مليارات الدولارات في أماكن بعيدة مثل سيبيريا، في أطول هجوم لها في الحرب، وأكدت أوكرانيا أنها ألحقت أضراراً بطائرات روسية، بقيمة سبعة مليارات دولار أميركية، كانت متمركزة في أربع قواعد جوية على بعد آلاف الكيلومترات عبر الحدود، وقد أظهرت لقطات فيديو الطائرات الروسية وهي محاطة بالنيران والدخان الأسود، وقالت أجهزة الأمن الأوكرانية إنّ الضربات أصابت 41 طائرة كانت تستخدم لقصف القرى الأوكرانية.

وفي تفاصيل العملية المعقدة التي أَطلقت عليها أوكرانيا اسم "شبكة العنكبوت"، هرّبت كييف، وفق تقارير أوكرانية، طائرات مُسيّرة إلى الأراضي الروسية دون أن تُكتشف، واستأجرت سائقين لنقلها في حاويات مُعدّلة إلى مواقع قريبة من القواعد الجوية، بعضها على بُعد آلاف الكيلومترات من الحدود الأوكرانية، ثم أُطلقت الطائرات المُسيّرة عن بُعد لتدمير طائرات الاستطلاع والقاذفات بعيدة المدى أثناء هبوطها على مدرجات الطائرات، وقد أُصيبت في العملية أكثر من 40 طائرة، وهو ما يُمثل وفق ما تُقدّره مصادر أوكرانية، نحو 34% من منصات إطلاق صواريخ كروز الاستراتيجية الروسية.

دفاعات لمواجهة الحرب الحديثة

وعن العملية، قال الباحث في مركز جيانغ شي للدراسات الاستراتيجية العسكرية، جياو بينغ، في حديث لـ"العربي الجديد"، إن بكين تراقب عن كثب العمليات العسكرية النوعية على جميع جبهات القتال في العالم، وتحاول قدر الإمكان استخلاص الدروس والعبر، استعداداً لسيناريوهات مماثلة قد تتبعها القوى المعادية للصين، ولفت إلى أنّه "على سبيل المثال، حين نجح الجيش الإسرائيلي في تفجير أجهزة الاتصال (بيجر) التي كان يستخدمها عناصر من حزب الله اللبناني في سبتمبر/أيلول الماضي، قامت الصين بإجراءات غير معلنة لتعزيز الحماية تحسّباً لهجوم مماثل، خصوصاً أنه ورد آنذاك تورّط جهات من تايوان في هذه العملية، ما أثار مخاوف من ترتيبات تستهدف المصالح الصينية".

وأضاف أن عملية "شبكة العنكبوت" الأوكرانية تمثل نقلة نوعية في كيفية استخدام أنظمة الطائرات بدون طيار لتحقيق تأثير استراتيجي عميق في الخطوط الخلفية لجبهات القتال، وذلك من خلال الجمع بين التكنولوجيا المتطورة، والخدمات اللوجستية البسيطة على الأرض. وبرأيه، فإن أوكرانيا من دون شكّ قدمت نموذجاً حيّاً يمثل سابقة في حرب الطائرات بدون طيار، على الرغم من انخفاض تكلفتها، وأنظمة الكشف والرادارات المتطوّرة التي تملكها موسكو.

وأوضح جياو بينغ أن نجاح هذه المسيّرات في اختراق خطوط العدو، يشير إلى أن البنية التحتية العسكرية لا تزال عرضة للخطر في ظل غياب إجراءات دفاعية متقدمة، ومخصّصة ضدّ الطائرات بدون طيار. لذلك تبرز الحاجة، بحسب قوله، إلى دفاعات متعدّدة المهام تستطيع التعامل مع تقنيات الحرب الحديثة، إضافة إلى حماية حظائر الطائرات بأجهزة استشعار دقيقة قادرة على الرصد والهجوم في آن واحد.

لياو ليانغ: لدى بكين قناعة بأن الحروب الحديثة ستكون التكنولوجيا فيها عاملاً حاسماً

من جهته، أبرز محرّر الشؤون العسكرية في صحيفة كانتون الصينية، لياو ليانغ، في حديث مع "العربي الجديد"، دور الذكاء الاصطناعي في عملية "شبكة العنكبوت"، موضحاً أن شبكات الجيل الرابع وفّرت حاضنة لوجستية للعملية النوعية، من خلال رصد بنك الأهداف والتي شملت خزانات الوقود الخاصّة بالطائرات المستهدفة، وكذلك صناديق الذخيرة وجيوب الصواريخ المحمولة، وهذا أسهم بطبيعة الحال، وفق رأيه، في قوة تأثير الضربات وسرعة اشتعال وتدمير الطائرات بالكامل.

ولفت لياو ليانغ إلى أن انطلاق الطائرات المسيّرة مباشرة من داخل الشاحنات التي كانت قريبة من موقع الحدث، قلّل من المسافة بين الإطلاق والاصطدام، ما سمح لها بتجاوز أنظمة الدفاع الجوي الروسية باختلاف أنواعها، بما في ذلك منظومات بانتسير، وإس -300، "الأمر الذي يؤكد لنا أنّ أي نظام دفاعي مهما كان متطوراً، قد يكون عرضة للاختراق من جهات معادية باستخدام تقنيات بسيطة منخفضة التكلفة، كما حدث في عملية شبكة العنكبوت، وهذا ما تأخذه الصين على محمل الجد، وتدرسه بعناية لسدّ جميع الثغرات في أنظمتها المختلفة، انطلاقاً من قناعتها بأن الحروب الحديثة ستكون التكنولوجيا فيها عاملاً حاسماً".

Read Entire Article