العطش يهدد الأمن الغذائي في السودان

1 day ago 3
ARTICLE AD BOX

<p class="rteright">محصول القمح تعرض لخسائر كبيرة بسبب العطش (حسن حامد)</p>

أدى استهداف محطات توليد الكهرباء المتتالي في السودان بواسطة مسيرات قوات "الدعم السريع" إلى تعطيل حياة المواطنين وشل الصناعات وإلحاق أضرار بالغة بالقطاع الزراعي، وتسبب العطش في احتراق مئات المشاريع وتلف معظم محاصيلها، خصوصاً في منطقة الرهد والولاية الشمالية والتي تعد أكبر مصدر غذائي واقتصادي داخل البلاد حالياً، لا سيما بعد خروج مشاريع الجزيرة والرهد وهبيلا من دائرة الإنتاج نتيجة تداعيات الحرب.

وضاعفت أزمة انقطاع الكهرباء التي تجاوزت ثلاثة أشهر معاناة المزارعين وكبدتهم خسائر فادحة، وبخاصة بعد استهداف سد مروي أكبر سد داخل البلاد، مما يهدد بحدوث فجوة غذائية كبيرة خلال الفترة المقبلة بعد تلف 40 في المئة من محصول القمح شمال السودان.

وضع كارثي

المزارع حسين الشايقي قال إن "استهداف سد مروي ومحطة الكهرباء أدى إلى انقطاع التيار عن أجزاء واسعة داخل الولاية الشمالية لأكثر من ثلاثة أشهر، وأسهم الوضع في تعرض المشاريع الزراعية إلى الاحتراق بسبب العطش وتلف المحاصيل كافة".

وأضاف أن "الخضراوات ماتت قبل نضجها بسبب شح المياه، وخسرنا كل شيء تقريباً هذا الموسم، بالتالي فإن الوضع ينذر بكارثة تهدد الأمن الغذائي في المنطقة، وكذلك السكان الذين يعتمدون على الزراعة كمهنة أساس".

 

وأوضح الشايقي أن "كلفة تمويل ألواح توليد الطاقة الشمسية من البنك الزراعي للمشاريع في الولاية الشمالية ارتفعت بصورة غير مسبوقة، إذ وصلت إلى 33 في المئة بما يضاعف سعر الألواح من 50 إلى 100 مليون جنيه سوداني (40 ألف دولار أميركي) تدفع خلال ثلاثة أعوام".

خسائر وأضرار
أما المزارع الفاتح سليمان فأشار إلى أن "الضرر الذي أحدثته أزمة الكهرباء على المحاصيل في مشروع (أب دوم الزراعي) غرب مدينة الدبة شمال السودان كان كبيراً، وبخاصة بعد تلف محاصيل استراتيجية ذات تأثير في المستهلك ومعاش الناس لأن طلبها يومي وكبير مثل القمح والخضراوات على أنواعها".

 

ونوه سليمان بأن "هذه الكارثة تتطلب إيجاد رؤية علمية من قبل الدولة للتعامل مع مثل هذه الظروف، خصوصاً أن مشاريع الولاية الشمالية بات يعتمد عليها غالبية أهل السودان خلال الوقت الحالي، لا سيما بعد خروج مشاريع الجزيرة والرهد وهبيلا من دائرة الإنتاج بسبب طول أمد الحرب".

تلف القمح

من جانبه، قال سومي خليل أحد المزارعين في مشروع الأراك بمنطقة مروي إن "محصول القمح تعرض لخسائر كبيرة بسبب العطش، إذ تلف ما يصل إلى 40 في المئة من المساحات المزروعة".

وأوضح أنه "في ظل انعدام الكهرباء باتت كلفة ري فدانين كل أسبوع تبلغ 280 ألف جنيه سوداني (100 دولار أميركي)، خلال وقت تحتاج دورة المحصول لثلاث عمليات ري".

وأشار خليل إلى أن "المزراعين المقتدرين اقتصادياً لجأوا إلى شراء ألواح توليد الطاقة الشمسية، لتشغيل مولدات تضخ المياه إلى المشاريع الزراعية، في محاولة لإنقاذ المحاصيل من العطش".

أزمات معقدة

على صعيد متصل، قال مدير عام هيئة مشروع الرهد الزراعي عاطف محمود إن "الخسائر بلغت 65 مليون دولار، وناشد الحكومة التدخل لمعالجة مشكلات الكهرباء".

وأضاف أن "المشروع في حاجة لأكثر من مليوني متر مكعب من المياه لري 353 ألف فدان، وهو أمر صعب التحقيق في ظل الانهيار المؤسسي وشح الموارد".

 

في حين، أشار رئيس تنظيم المزارعين عبدالعظيم عبدالباقي إلى أن "هناك معينات عاجلة ينبغي توافرها لإنقاذ المشروع، تتمثل في أهمية وجود إمداد كهربائي مستقر، وكذلك معالجة مناطق الهشاشة التي تهدد القرى الرقمية بالغرق في حال ارتفاع المناسيب".

تأثير اقتصادي

في سياق متصل، عدَّ المتخصص في الشأن الاقتصادي إدريس الزبير أن "عجز الحكومة عن حل أزمة الكهرباء أمر مثير للاستفهام، وبخاصة بعد مرور أكثر من ثلاثة أشهر من استهداف سد مروي، فضلاً عن أهمية الطاقة الكهربائية والمياه لأنها تدخل في دائرة الإنتاج".

وقال إن "الحكومة ومنذ اندلاع الحرب باتت لا تملك خطة واستراتيجية للتعامل مع قضية الأمن الغذائي، على رغم خروج أكبر المشاريع الزراعية من دائرة الإنتاج بولايات الجزيرة والقضارف وجنوب كردفان".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وأوضح الزبير أن "التطورات الأخيرة في مسار الحرب أثرت في القطاع الزراعي، لذا ينبغي على الدولة أن تضع التدابير اللازمة من ناحية اقتصادية وعسكرية لتأمين المنشآت الحيوية والاستراتيجية مثل محطات توليد الكهرباء ووضع الحلول الناجعة لعدم استهدافها وعودتها إلى الخدمة بصورة عاجلة".

تداعيات الحرب

وأسهمت تداعيات الصراع المسلح بين الجيش و"الدعم السريع" المندلع منذ منتصف أبريل (نيسان) 2023 في تقليص الرقعة الزراعية، إذ خرجت مشاريع الجزيرة والرهد وهبيلا بولاية جنوب كردفان من دائرة الإنتاج، مما فاقم أزمة الأمن الغذائي في السودان.

وتراوح الفجوة بين إنتاج القمح واستهلاكه في السودان ما بين 60 إلى 70 في المئة، ويبلغ الاستهلاك السنوي نحو 2.4 مليون طن، بينما لا يتجاوز الإنتاج المحلي 700 ألف طن تقريباً يغطي ما نسبته 30 إلى 40 في المئة من الاستهلاك، بينما تجري تغطية الفجوة عبر الاستيراد.

ويعتمد ما يزيد على 60 في المئة من سكان السودان على الذرة الرفيعة والدخن، فيما تقدر مساحة الزراعة التقليدية بما يقارب 20 مليون فدان، تتركز في الغرب والجنوب وأجزاء من الوسط.

وتسهم هذه المناطق في نحو 90 في المئة من الدخن و48 في المئة من الفول السوداني و28 في المئة من السمسم، وكذلك 11 في المئة من الذرة الرفيعة و100 في المئة من الصمغ العربي، إلى جانب بعض المحاصيل الأخرى.

subtitle: 
تجاوزت أزمة انقطاع الكهرباء 3 أشهر وضاعفت معاناة المزارعين وكبدتهم خسائر فادحة
publication date: 
الأحد, يونيو 8, 2025 - 15:15
Read Entire Article