العفن يقتل طفلا مهاجرا سودانيا ثانيا في بريطانيا

1 day ago 3
ARTICLE AD BOX

<p>الطفل السوداني أكرم محمد الذي توفي في بريطانيا خلال شهر فبراير (شباط ) الماضي (وسائل التواصل)&nbsp;</p>

أكرم محمد طفل سوداني توفي في بريطانيا خلال فبراير (شباط) الماضي قبل أن يتجاوز عمره 15 أسبوعا، يقول والداه إن موته حدث جراء مشكلات تنفسية أصابته نتيجة للعفن المنتشر في منزل العائلة اللاجئة، فأعادت نهايته الحزينة إحياء قصة طفل من جنسيته ذاتها قضى للسبب نفسه في المملكة المتحدة قبل خمسة أعوام.

عاش أكرم مع عائلته المهاجرة في شقة صغيرة مؤلفة من غرفتين فقط وتقع في الطابق الثالث من مبنى سكني بمنطقة "هامبستيد" شمال العاصمة لندن، بين جدرانها الرطبة كان الطفل ينام مع والدته آيات (26 سنة) في غرفة النوم تاركين لوالده عبدالشافي (34 سنة) وأخيه آدم (6 سنوات) وأخته أسمهان (4 سنوات) غرفة المعيشة.

في اليوم السابق لوفاته أخذته أمه إلى الطبيب العام بسبب صعوبة التنفس لكنه لم يفعل شيئاً، وأعادهما إلى البيت بعدما قال إن الأمر غير خطر ومن المحتمل أن يتخلص منه مع الوقت، وما هي إلا ساعات قليلة حتى هرع الوالدان بطفلهما إلى المستشفى بعدما ساء تنفسه وبدأ "الزبد" يخرج من فمه، لكن الأطباء لم يتمكنوا من إنقاذه.

في الساعات القليلة التي تلت وفاته في المستشفى خضع الوالدان المدمران من الحزن إلى استجواب الشرطة، فأخرج الأب من الغرفة وبقيت الأم تواجه أسئلة المحققين إلى جانب جثة طفلها الصغير الذي توقفت أنفاسه إلى الأبد، مصادر مطلعة قالت لإذاعة "أل بي سي" التي كشفت قصة أكرم، إنه مجرد إجراء روتيني، وقد نقلت بعده العائلة بأكملها إلى فندق حتى انتهاء التحقق من منزلهم وأسباب وفاة الطفل.  

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وفقاً لمسح مستقل لم يكن البيت صالحاً للعيش أصلاً، وفي الشهر الذي ولد فيه أكرم، نوفمبر (تشرين الثاني) 2024، خفضت هيئة المساكن الاجتماعية تصنيف الشركة التي تدير العقار بعدما وجدت مخالفات تنظيمية خطرة لديها.

يقين الأب بسبب وفاة طفله يبدو ثابتاً كما قال للإذاعة البريطانية المحلية، وخشيته على صحة أبنائه من العفن المنتشر في بيته وبيوت كثيرة تشبهها في بريطانيا، ترجم على صورة طلبات مضنية لإدارة شركة "نوتنغ هيل غينسس" التي تدير المنزل من أجل إصلاح أعطال البيت منذ 2023، فعندما يهطل المطر تتسرب المياه إلى الداخل لتعشش الرطوبة على الجدران، وينبعث منها سقم يتسلل ببطء إلى صدور أولاده فيرهقها مع مرور الوقت، لكن الطفل أكرم لم يحتمل.

كتب الأب عبدالشافي الذي يعمل ميكانيكياً، أكثر من 20 رسالة للمعنيين بإصلاح منزله وأبلغ 12 مرة عن حال بيته ولكن لا حياة لمن تنادي، وكثرة الشكاوى استدرت عطف أشخاص كثر حوله ودفعت بمنظمة خيرية إلى مساعدته في رفع صوته إلى دوائر أوسع في المسؤولية عن المبنى، ولكن كل ذلك لم يجدِ نفعاً، وعندما ذهب مراسلو الإذاعة لزيارة العائلة رأوا بقع العفن الأسود تنتشر في جميع أرجاء المكان.

الشركة التي تدير بناية عبدالشافي لديها أكثر من 60 ألف وحدة سكنية، إضافة إلى 3 آلاف تطورها لتدخل السوق خلال الأعوام الخمسة المقبلة، والمفارقة أنها تصف نفسها بأنها منظمة غير ربحية تركز على توفير منازل عالية الجودة بأسعار إيجار أقل من السوق للأشخاص الذين قد يكافحون من أجل تحمل كلفها.

 

مارك ماغي، محامي عائلة أكرم، يقول إن أسئلة كثيرة تنتظر الأجوبة في نتائج التحقيق الجاري بأسباب وفاة الطفل، يتجاوز الأمر بالنسبة إلى البريطانيين ذلك الطفل الذي ينحدر من عائلة مهاجرة فرت إلى هنا هرباً من الحرب والجوع والمرض في السودان، فمشكلة العفن المنتشر في المنازل القديمة أزمة تفجرت منذ خمسة أعوام في الأقل ولم تعالج حتى الآن.

القصة أصلاً بدأت مع أواب إسحاق، طفل سوداني مهاجر أيضاً قضى بسبب العفن عام 2020، والضجة التي أثيرت على خلفية موته استدعت من حكومة حزب المحافظين حينها إصدار قانون يجبر شركات التطوير العقاري وإدارة المساكن على معالجة جميع الوحدات التي تعاني الرطوبة الشديدة وتداعياتها.

القانون الذي حمل اسم الطفل أواب لم يرى النور حتى اليوم، وإن أثبتت التحقيقات أن وفاة أكرم وقعت بتأثير العفن أيضاً، فإن التأخر في تنفيذ التشريع يمثل سبباً غير مباشر لموته، أي إن الجهات الرسمية المعنية تتحمل جزءاً من المسؤولية وليس الشركة المسؤولة عن البناء وحدها، في الأقل من الناحية الأخلاقية.

كان من المفترض أن يطبق قانون "أواب" في فبراير الماضي لكن الحكومة أجلت ذلك، وبعد وفاة الطفل أكرم خرج وزير الإسكان ماثيو بينيكوك ليحدد الخريف المقبل موعداً جديداً لبدء العمل بالتشريع، منوهاً بأن "من حق كل شخص أن يعيش في منزل لائق وآمن وبأسعار معقولة، وهذه هي مهمة الحكومة التي تدعم جميع الإصلاحات التي تجريها الوزارة في مجال بناء المساكن".

نحو ثلاثة أشهر تفصلنا اليوم عن البدء بتطبيق "أواب" في أكتوبر )تشرين الأول( المقبل، تبدو بضعة أشهر لا أكثر ولكنها لا تحمل أية ضمانات بأن تتسع قائمة وفيات العفن لتشمل مزيداً من الأطفال الذين ولدوا في المنازل القديمة الباردة.

subtitle: 
الحكومة أجلت تنفيذ قانون لإصلاح المنازل المتضررة من الأفة أقر بعد حادثة مشابهة في 2020 
publication date: 
الخميس, مايو 29, 2025 - 15:15
Read Entire Article