ARTICLE AD BOX
انضمت المملكة المتحدة إلى داعمي خطة الحكم الذاتي التي يقترحها المغرب لحل نزاع الصحراء الغربية بعد أن أعلنت، اليوم الأحد، عن دعمها للخطة باعتبارها "الأساس الأكثر صدقية وقابلية للتطبيق وبراغماتية من أجل تسوية دائمة للنزاع"، مؤكدة أنها "ستواصل العمل على الصعيد الثنائي، لا سيما في المجال الاقتصادي، وكذلك على الصعيدين الإقليمي والدولي، وفقاً لهذا الموقف، من أجل دعم تسوية النزاع".
وأعلن عن هذه الخطوة في بيان مشترك وقّعه، مساء اليوم الأحد، بمقر الخارجية المغربية في العاصمة الرباط، وزير الدولة البريطاني للشؤون الخارجية والكومنولث والتنمية، ديفيد لامي، ووزير الشؤون الخارجية والتعاون الأفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، ناصر بوريطة. وجاء في البيان المشترك أن "المملكة المتحدة تُدرك أهمية قضية الصحراء بالنسبة إلى المغرب، وأن تسوية هذا النزاع الإقليمي من شأنها أن تُوطّد استقرار شمال أفريقيا، وتعزز الدينامية الثنائية والاندماج الإقليمي".
ويُعدّ دعم المملكة المتحدة لمخطط منح الصحراء الغربية حكماً ذاتياً تحت السيادة المغربية مكسباً دبلوماسياً جديداً للرباط، في إطار استراتيجيتها لإضفاء الشرعية الدولية على سيادتها على الإقليم، لكونه صادراً عن عضو دائم في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، بعد الولايات المتحدة الأميركية وفرنسا، ولكونه يعزز الدينامية الدولية المتنامية التي تقودها الرباط لصالح المخطط.
من جهة أخرى، أكدت المملكة المتحدة، في البيان المشترك، أن "الهيئة البريطانية لتمويل الصادرات قد تنظر في دعم مشاريع في الصحراء"، خاصة في إطار "التزام الهيئة بتعبئة 5 مليارات جنيه إسترليني لدعم مشاريع اقتصادية جديدة في جميع أنحاء البلاد". وشدد البيان على أن "كلا البلدين يدعمان ويعتبران الدور المحوري للعملية التي تقودها الأمم المتحدة أمراً حيوياً"، وجددا التأكيد على "دعمهما الكامل للجهود المبذولة من طرف المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة، ستافان دي ميستورا". وأكدت المملكة المتحدة أنها "مستعدة وراغبة وعازمة على تقديم دعمها الفعال وانخراطها للمبعوث الشخصي وللأطراف".
وأكد البيان المشترك: "باعتبارها عضواً دائماً في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، تتقاسم المملكة المتحدة وجهة نظر المغرب بشأن الحاجة الملحة لإيجاد حل لهذا النزاع الذي طال أمده، بما يخدم مصلحة الأطراف"، مؤكداً أنه "آن الأوان لإيجاد حل والمضي قدماً في هذا الملف، بما من شأنه تعزيز الاستقرار في شمال أفريقيا، وإعادة إطلاق الدينامية الثنائية والاندماج الإقليمي".
وخلال الأشهر القليلة الماضية، كان لافتاً تكثيف المغرب تحركاته الدبلوماسية في اتجاه عواصم غربية، في خطوة تروم إحداث نقلة نوعية في مسار نزاع الصحراء الغربية من خلال محاولة ترسيخ الاعتراف الدولي بسيادة الرباط على المنطقة، والحشد لتوسيع نطاق الدول الداعمة لمبادرة "الحكم الذاتي" في الصحراء. وجاءت التحركات المغربية في ظل مؤشرات إلى دخول النزاع مرحلة حاسمة، بعد تأكيد المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة، ستافان دي ميستورا، خلال الجلسة المغلقة التي عقدها مجلس الأمن في إبريل/ نيسان الماضي في نيويورك، أن المرحلة المقبلة، وتحديداً الأشهر الثلاثة المقبلة، قد تمثل فرصة حقيقية لتحقيق تهدئة إقليمية، تمهّد لوضع خريطة طريق جديدة باتجاه الحل.
وقاد وزير الخارجية المغربي، ناصر بوريطة، في إبريل/ نيسان الماضي، جولة دبلوماسية شملت الولايات المتحدة وفرنسا والمجر وإستونيا ومولدافيا وكرواتيا وإسبانيا وسلوفينيا، كان عنوانها الرئيسي حشد المزيد من التأييد لمبادرة "الحكم الذاتي" في الصحراء. وفي القاموس الدبلوماسي المغربي، يحمل نزاع الصحراء اسم "ملف الوحدة الترابية المغربية". وفي عام 2007، قدمت الرباط ما تعتبره "سقفاً أعلى لا يمكن تجاوزه"، هو الحكم الذاتي الموسع، باعتباره "فرصة حقيقية من شأنها أن تساعد على انطلاق مفاوضات بهدف التوصل إلى حل نهائي لهذا الخلاف، على أساس إجراءات توافقية، تنسجم مع الأهداف والمبادئ التي ينصّ عليها ميثاق الأمم المتحدة".
وتنص المبادرة المغربية، التي قوبلت برفض جبهة "البوليساريو" والجزائر، على نقل جزء من اختصاصات الدولة التنفيذية والتشريعية والقضائية إلى "جهة الحكم الذاتي للصحراء". وبموجب هذا النقل، يدبّر سكان المنطقة "شؤونهم بأنفسهم بشكل ديمقراطي"، بينما تحتفظ الرباط باختصاصاتها المركزية "في ميادين السيادة، لا سيما الدفاع والعلاقات الخارجية"، وكذلك ممارسة الملك لاختصاصاته الدينية والدستورية.
وتمارس جهة الحكم الذاتي في الصحراء، وفق المبادرة نفسها، اختصاصاتها التنفيذية من خلال "رئيس حكومة ينتخبه البرلمان، وينصبه الملك". في حين يتكون البرلمان من أعضاء "منتخبين من مختلف القبائل الصحراوية". كذلك، تنص المبادرة على أن سكان الجهة (الصحراء) يتمتعون بكل الضمانات التي يكفلها دستور المغرب في مجال حقوق الإنسان، كما هو متعارف عليه دولياً. وفي مقابل ذلك، يلتزم المغرب بمراجعة دستوره وإدراج نظام الحكم الذاتي ضمن فصوله، وإصدار عفو شامل عن كل من صدرت في حقهم أحكام لها علاقة بموضوع الصراع.
