انتخابات النبطية وجنوبي لبنان: اقتراع متفاوت وهيمنة ميدانية للأحزاب

4 days ago 4
ARTICLE AD BOX

سجلت الانتخابات البلدية والاختيارية اللبنانية في مرحلتها الرابعة والأخيرة، التي انطلقت عند الساعة السابعة صباح اليوم السبت، بالتوقيت المحلي، في محافظتي النبطية والجنوب، تفاوتاً في نسب المشاركة مع التبليغ عن عددٍ من الشكاوى والمخالفات في إطار الضغط على الناخبين. وتجري الانتخابات وسط هدوء أمني حذر بعد سلسلة غارات عنيفة شنها جيش الاحتلال عشية الاستحقاق، وذلك في وقتٍ تتواصل الاتصالات الدبلوماسية الدولية من أجل الضغط على إسرائيل لعدم تنفيذ أي اعتداء خلال هذا النهار.

وأدلى الرئيس اللبناني جوزاف عون بصوته في بلدته العيشية، مشدداً في تصريحات خلال متابعته العملية الانتخابية على أنّ المشاركة في بناء البلدة وبناء لبنان الغد لأجل جيل المستقبل هي واجب ومسؤولية، داعياً الجميع إلى التصويت بكثافة لمن يمثّل تطلعاتهم في إنماء المدينة، فالانتخابات في الجنوب تؤكد أن إرادة الحياة أقوى من الموت وإرادة البناء أقوى من الهدم. فيما أعلن وزير الداخلية أحمد الحجار، خلال تفقده سير العملية الانتخابية، أن كل الاتصالات الدبلوماسية مطمئنة، ونحن متمسكون بسيادة الدولة الحاضرة إلى جانب الشعب.

وفي وقتٍ فازت أكثر من 100 بلدية على صعيد المحافظتين بالتزكية، غالبيتها في البلدات الحدودية، يُسجَّل تنافس في بعض القرى ولا سيما في حولا وصور جنوباً وأنصار وكفررمان في النبطية، بين لوائح موحدة من حركة أمل وحزب الله ولوائح تابعة لعائلات جنوبية ومجموعات مدنية ومستقلة ومعارضة، تحاول كسر هيمنة الثنائي على المجالس البلدية، إلى جانب معارك تسجل أيضاً في صيدا تتخذ طابعاً سياسياً كما عائلياً، وجزين التي يطغى التنافس فيها على مستويي التيار الوطني الحر (برئاسة النائب جبران باسيل) وحزب القوات اللبنانية (برئاسة سمير جعجع).

وفي جولة لـ"العربي الجديد" على بعض مراكز الاقتراع في محافظة النبطية، المحاطة بالدمار من جراء العدوان الأخير، لوحظ تفاوت كبير على مستوى الحضور الميداني بين لوائح الثنائي ولوائح المعارضة، بحيث ينتشر مندوبو حركة أمل وحزب الله بكثافة، في الطرقات وفي محيط المراكز، ويعملون على توزيع أوراق لائحتهما، ومرافقة الناخبين إلى البوابة الأساسية، لمتابعة مسارهم نحو الإدلاء بصوتهم، إلى جانب رصد وجود عددٍ كبير من الهويات في أيدي المندوبين، التي تُجرى إعادتها لأصحابها عند المراكز، وذلك في إطار ضمان أصواتهم.

معارضو الثنائي حاضرون في النبطية

وسجلت مخالفات كثيرة خلال العملية الانتخابية، أبرزها على صعيد كبار السنّ، الذين جرت مرافقتهم من قبل إما مندوبين وإما أفراد عائلتهم، وعمدوا إلى الدخول معهم إلى المعزل، لحظة الإدلاء بصوتهم، وكذلك الأمر في ما يخص الناخبين الذين ينتخبون للمرّة الأولى.

ويشهد "ميدان" النبطية معارك ليس فقط على مستوى المحافظة بل أيضاً القرى الحدودية المدمّرة، التي جرى تحديد مراكزها في نقاط أخرى، ومنها قرية حولا التي اقترع أهلها في متوسطة زبدين الرسمية، وقد جرى رصد تأمين الثنائي عدد كبير من الباصات لأهالي حولا لنقلهم إلى مراكز الاقتراع بعدما هجّروا من بلدتهم.

من جانبها، حرصت المجموعات المعارضة للثنائي على الحضور، لإيصال صوتها ليس فقط في الصناديق بل لتأكيد كسرهم هيمنة التزكية، والدخول في معركة، وإن كانت صعبة، لتثبيت هوية الجنوب المتنوعة.

وقال نمر ذياب لـ"العربي الجديد"، إنّ الانتخاب اليوم يأتي في ظروف استثنائية بعد حرب مدمرة شملت حولا، و"نحن حرصنا على المشاركة في العملية الانتخابية للوقوف ضد السلطة الفاسدة، والمحاصصة والتهميش والأحزاب السياسية المتحكمة فينا وفي مصيرنا وتنهب البلد"، وأضاف: "نسعى للتغيير، رغم إمكاناتنا المحدودة المادية واللوجستية"، مشيراً إلى أن "تهجير أهالي حولا من شأنه أن يؤثر على نسبة الاقتراع، ولكن نأمل أن تكون المشاركة مرتفعة، وأن تقوم بالتغيير المطلوب".

وأكد ذياب أن "النفس التغييري موجود في الجنوب، ومنذ القدم، وفيه طاقة تغييرية، لكن الظروف الحياتية خصوصاً بمناطقنا المدمرة صعبة وتجعل الأحزاب تتحكم في الناس ومصيرهم وللأسف لم يبنوا دولة لأنهم لا يريدون، بينما نحن نريد دولة تضمن كرامة المواطن، وأبسط حقوقه الإنسانية".

في المقابل، قال أحد مندوبي الثنائي إن "بعض الاعتبارات السياسية لم تسمح لنا بإتمام التزكية في حولا، ولكن في الوقت نفسه نحن نعيش عرساً ديمقراطياً اليوم، ولا جو تشنّج، بل أجواء ديمقراطية حقيقية، ولو أن التزكية تعني التآلف والوحدة ولكن التحدي الديمقراطي بروح رياضية يعطي انعكاساً إيجابياً لمجتمع متآلف ومتعاون، مشيراً إلى أنّ التهجير وبُعد المسافة والانتشار وتكبّد عناء وتكاليف النقل سيؤثر طبعاً على نسبة الاقتراع".

وفي قرية أنصار يطغى الثنائي على الأرض أيضاً، لمتابعة العملية الانتخابية وتسيير مواكب ترفع الأعلام والشعارات الحزبية، مع مكبّرات الصوت، لحث الناس على التصويت للوائحه، وذلك في وقت سجل حضور للمجموعات المعارضة التي تبذل جهداً بدورها لإيصال صوتها ومشروعها إلى الناخبين.

وتقول فاطمة هاشم لـ"العربي الجديد"، إن أنصار من القرى التي لديها حظوظ بالخرق وهو "ما دفعنا إلى خوض الانتخابات، والأجواء إيجابية حتى الآن، وذلك نتيجة تراكم العمل السياسي، وحالتنا الاعتراضية موجودة حتى في لوائح أخرى، لافتة، إلى أنّ الأحزاب تربط التزكية بالحرب، في حين أننا نعتبر أن التزكية تحقق المطامع الإسرائيلية بإلغاء الحياة السياسية والطبيعية في الجنوب، ونحن مقاومة منا للأهداف الإسرائيلية المذكورة، نريد خوض معارك انتخابية إنمائية لمصلحة منطقتنا".

كذلك، تخوض قرية كفررمان معركة قوية على مستوى ثلاث لوائح، الأولى مدعومة من حركة أمل وحزب الله والثانية من الحزب الشيوعي وتيار التغيير وحزب الطليعة واليسار عامة، ولائحة تضم أشخاصاً مستقلين ومنشقين عن حركة أمل برئاسة رئيس البلدية السابق كمال غبريس.

وفي الإطار، يقول حسن قانصو من تيار التغيير في الجنوب لـ"العربي الجديد" إن "هناك فرصة كبيرة لأن نصل بمجلس بلدي فيه تنوع من كل اللوائح، خصوصاً أنه من الصعب على أي لائحة أن تؤمن وحدها الأكثرية، ولا سيما مع دخول لائحة غبريس إلى المنافسة ما من شأنه أن يأخذ من درب أصوات الثنائي". وأضاف قانصو" "نحن أمام فرصة لنفض الغبار عن كفررمان وإعادتها إلى التألق بعدما أصبحت في الخمس وعشرين سنة الماضية على الحضيض هي التي كانت منارة الجنوب، من هنا نرى فرصة اليوم بالانتخابات لرفع الظلم عن كفررمان واستعادة دورها الإنمائي والثقافي والفني".

أما في صور، فسُجلت أجواء هادئة في ساعات الصباح مع انطلاق العملية الانتخابية، علماً أن المجموعات المعارضة والمدنية حاضرة أيضاً على الساحة لخوض المعركة ولو بحظوظ ضئيلة نسبياً، في حين سُجل بعض الاستياء من قبل الناخبين من أبناء القرى الحدودية المدمرة سواء يارون وشمع وغيرها، لاضطرارهم إلى الاقتراع خارج قراهم بفعل التهجير والتدمير إبان العدوان.

كذلك، خيّمت أجواء هادئة في صيدا التي تشهد تنافساً متنوعاً بين الأحزاب والقوى السياسية والمدنية والتغييرية، ما يبقي جميع الاحتمالات مفتوحة، مع تسجيل نسبة اقتراع منخفضة نسبياً، بعكس ما هو الحال في جزين، حيث الإقبال كان مرتفعاً، في ظل احتدام المعركة بين اللائحة المدعومة من "القوات" وحزب الكتائب اللبنانية (برئاسة النائب سامي الجميل) وعائلات جزينية، واللائحة المدعومة من التيار الوطني الحر، والنائب إبراهيم عازار، المحسوب على حركة أمل.

Read Entire Article