ARTICLE AD BOX
أثار نشر فيديو على مواقع التواصل الاجتماعي لدكتور عاطل عن العمل، يدعى مراد بوفولة، يبيع حشائش غذائية في سوق شعبي، وسط مدينة الخروب، قرب قسنطينة، شرق الجزائر، جدلاً واسعاً زاد المطالب والضغوط على الحكومة لاستيعاب حاملي الشهادات داخل جامعات ومراكز بحوث.
وظهر الدكتور بوفولة وهو يربط ويبيع رزم حشائش غذائية مثل القصبر والبقدونس والنعناع، ويتحدث بحسرة عن شهاداته العليا، والظروف التي دفعته إلى البطالة التي لا تتناسب مع تحصيله العلمي، وقال لـ"العربي الجديد": "أبحث منذ أن تخرجت بشهادة دكتوراه من جامعة قسنطينة عن أطروحة بعنوان التربية الاجتماعية والقيم عند مالك بن نبي في يوليو/ تموز 2024، عن عمل لكنني لم أحصل على أي فرصة باستثناء العمل بنظام الساعات الإضافية في جامعتي قسنطينة وقالمة، وتقديم ساعات تطوعية بلا مقابل، لذا اضطررت إلى بيع الحشائش في السوق الشعبي لإعالة نفسي وعائلتي، وعندما صوّرت الفيديو أمام الطاولة التي أبيع عليها كان هدفي إظهار حجم المعاناة التي يعيشها حاملو شهادات عليا، سهروا لتحصيل العلم، ووجدوا أنفسهم في شكل غير طبيعي في بطالة، ويعيشون على الهامش بعدما كدوا وتعبوا".
يتابع: "أنصح شباناً وطلبة يعرفون ظروف عدم عملي بعدم اتخاذ حالتي أو تلك لحاملي شهادات عليا عاطلين عن العمل ذريعة لتبرير عدم جدوى الدراسة والتحصيل العلمي، وأقول لهم إن وضعي لا يبرر عدم استمرارهم في الدراسة، وإنهم يجب أن يتمسكوا دائماً بالعلم، وبالحصول على أعلى المراتب العلمية".
وما يؤكد مستوى التفاعل الكبير مع فيديو الدكتور بوفولة على وسائل التواصل الاجتماعي والقنوات وأيضاً في البرلمان، تعرض وزير التعليم العالي كمال بيداري لانتقادات حادّة من نواب بشأن قضية بطالة حاملي شهادات الدكتوراه والماجستير.
ووجه النائب عمر طرباق لائحة مكتوبة إلى الحكومة في 13 مايو/ أيار الجاري، بمناسبة افتتاح السنة الدكتورالية 2025، وانتقد فيها افتقار الحكومة إلى تصور واضح في موضوع زيادة عدد الحاصلين على أعلى الشهادات العلمية بلا وظائف، وقال: "نتوقف اليوم عند مفارقة مؤلمة، ونسأل ما جدوى التكوين العالي وصناعة النخبة العلمية في الجزائر إذا كانت النتيجة الحتمية بعد نيل شهادة الدكتوراه هي البطالة والعيش في التهميش والإقصاء".
تابع: "بطالة الدكاترة في الجزائر غير خافية، وتشمل آلافاً من خريجي الجامعات وأصحاب الشهادات العليا. أدمغة تكونت بجهد الدولة وملايين الدينارات، وسنوات من البحوث، ثم تُركت على هامش الحياة الوطنية، ولم توظّف في الجامعات، ولم تُستوعب في الاقتصاد، ولم يُستفد منها في الإدارة".
واقترح "إعداد خريطة وطنية دقيقة لحملة الدكتوراه بلا عمل، وفتح مناصب بيداغوجية جديدة عاجلة، وفق احتياجات الجامعات، وإنشاء آلية وطنية لإدماج الدكاترة في المشاريع البحثية والصناعية والاقتصادية، وفرض التزام قانوني على المؤسسات الاقتصادية بتخصيص مناصب للبحث والتطوير للدكاترة".
وتقدر التنسيقية الوطنية وجود آلاف من حاملي الماجستير والدكتوراه العاطلين عن العمل، و"غالبيتهم اضطروا للعمل في وظائف ومناصب أقل من مستواهم الجامعي، ما تسبب في إقصائهم من قرار رئاسي صدر في مايو/ أيار 2023 بتوظيف حملة الدكتوراه العاطلين عن العمل. وقبل فترة قصيرة نظم أطباء عاطلون عن العمل احتجاجات ضد قرارات عدة، أحدها عدم توثيق السلطات شهادات تخرجهم من أجل منع سفرهم إلى الخارج.
ورغم المطالبات النيابية وسلسلة الاحتجاجات الوطنية لحاملي الشهادات العليا في العاصمة ومختلف المدن الجزائرية، لم تستجب الحكومة لهم بحجة عدم توفر موازنة تسمح بفتح مزيد من المناصب في الجامعات، كما لم تحرك هذه الحكومة ساكناً تجاه تحويل ملف توظيف الحائزين على شهادة الدكتوراه إلى قضية رأي عام، ولم ينفذ الوعد الانتخابي الذي أعلنه الرئيس عبد المجيد تبون الخاص بتوظيف جميع الحائزين على هذه الشهادة قبل نهاية عام 2024. ولا مؤشرات حالياً لإمكان توظيف هذه الفئة مباشرة، بسبب عدم فتح مناصب للدكتوراه، بحسب احتياجات الجامعة، وهو أمر يتطلب حصول تنسيق بين وزارتي المالية والتعليم العالي. وحتى حصول ذلك لجأت وزارة التعليم العالي إلى حلّ مؤقت لمعالجة وضع الدكاترة، وأصدرت في ديسمبر/ كانون الأول الماضي قراراً سمح لهم بالعمل ضمن وحدات للبحث ومختبرات بعقود ظرفية، لكن عضو تنسيقية حاملي الشهادات العليا العاطلين عن العمل، الدكتور حسين زواقي، يقول لـ"العربي الجديد" إن "القرار لم يقدّم أي ضمانات واضحة بشأن مواعيد تنفيذه على أرض الواقع، أو شموله لجميع حاملي شهادة الدكتوراه غير العاملين، لذا لا تزال آمال توظيف حاملي شهادة الدكتوراه تتعلق بمدى توافر الإرادة السياسية، وصدور قرار رئاسي جديد لتسوية أوضاع حاملي الشهادات".