ARTICLE AD BOX
أعلن وزير المالية السوري، محمد يسر برنية، اليوم الخميس، إجراء مناقشات مكثفة مع بعثة صندوق النقد الدولي التي تزور سورية لأول مرة منذ 18 عاماً. وأشار برنية عبر حسابه على منصة "لينكد إن" إلى أن عدة فرق تعمل على قضايا مختلفة، تشمل إدارة المالية العامة، وإصلاح الضرائب والجمارك، والإحصاء، والصيرفة المركزية، وإدارة الدين، ومكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب. وأعرب الوزير السوري عن امتنانه لرون فان رودن، رئيس البعثة، وزملائه على تفهمهم وتعاونهم، مشيراً إلى عقده اجتماعاً مع فريق من هيئة الاستثمار السورية برئاسة أيمن الحلبي.
وتأتي هذه الزيارة في إطار تقييم شامل للأوضاع الاقتصادية والمالية في سورية، تمهيداً لتعزيز التعاون مع صندوق النقد الدولي ودعم الأجندة الإصلاحية للحكومة السورية. وكان صندوق النقد الدولي عين في إبريل/ نيسان الماضي الاقتصادي رون فان رودن رئيساً لبعثته إلى سورية، في خطوة اعتبرها وزير المالية السوري "تمهيداً لحوار بنّاء بين صندوق النقد وسورية، بهدف دفع عجلة التعافي الاقتصادي وتحسين معيشة الشعب السوري".
وتأتي هذه التطورات في سياق جهود الحكومة السورية الجديدة لإعادة بناء علاقاتها مع المؤسسات المالية الدولية، ورفع العقوبات المفروضة، واستقطاب الدعم الدولي لمرحلة ما بعد الحرب. وفي هذا الإطار، شارك وفد سوري رفيع المستوى، ضم وزير المالية محمد يسر برنية ووزير الخارجية أسعد الشيباني وعدداً من الوزراء، في زيارة إلى قطر قبل يومين. وخلال الزيارة، التقى برنية نظيره القطري، علي بن أحمد الكواري، لبحث آليات تطوير التعاون بين البلدين.
وتعود علاقة سورية بصندوق النقد الدولي إلى عام 1947، بوصفه عضواً مؤسساً في المؤسسة المالية الدولية، وشاركت لفترات طويلة في برامج الدعم الفني والتقني، لكنها لم تخضع لأي برامج إقراض مباشرة من الصندوق منذ عقود، بسبب خصوصية النموذج الاقتصادي السوري المعتمد تقليدياً على القطاع العام، ومحدودية انفتاحه على السياسات الليبرالية النقدية. وفي أواخر التسعينيات وبداية الألفية، بدأت سورية تتعاون فنياً مع الصندوق عبر برامج لتحديث السياسات الضريبية، وهيكلة الإنفاق العام، ودعم الجهاز الإحصائي، لكنها حافظت على مسافة سياسية من أي برامج مشروطة أو إصلاحات جذرية تتطلب تدخلاً مباشراً من الصندوق في رسم السياسات الاقتصادية.
ومنذ اندلاع الأزمة السورية في 2011، توقفت بالكامل أي علاقات رسمية بين دمشق وصندوق النقد الدولي، في ظل العزلة الدبلوماسية والعقوبات الغربية والأميركية المفروضة على النظام السوري، والتي شملت تجميد المساعدات الفنية وقطع القنوات المالية الرسمية. وتُعد زيارة البعثة الحالية للصندوق إلى دمشق، الأولى منذ 18 عاماً، ما يمثل تحولاً جوهرياً في موقف المؤسسة الدولية من الملف السوري، ويرتبط على الأرجح بسياق سياسي واقتصادي إقليمي جديد، تحاول من خلاله الحكومة السورية إعادة بناء جسورها مع المؤسسات المالية الدولية، تمهيداً لفك العزلة التدريجية وجذب دعم تقني وتمويلي لمرحلة التعافي.
