بورصة دمشق... سوق مضاربات أم بوابة لجذب الاستثمارات؟

1 day ago 3
ARTICLE AD BOX

أعادت وزارة المالية السورية، الاثنين الماضي، افتتاح سوق دمشق للأوراق المالية "بورصة دمشق"، بعد توقف استمر أكثر من ستة أشهر، في خطوة، اعتبرها الوزير يسر برنية رسالةً بأن الاقتصاد السوري بدأ في التحرك والانتعاش، إذ ستكون السوق بمثابة شركة خاصة ومركزا حقيقياً لتطوير الاقتصاد.

وانقسم المحلّلون الاقتصاديون بين متفائل بهذه الخطوة يرى أنها قد تساهم في جذب استثمارات خارجية لسوق المال وقطاع الشركات بما فيها الناشئة، ومتخوف من إشارات استفهام عدّة حولها خاصة ما يتعلق بالمضاربات وتوظيف الأموال وتسخين الأسهم والأوراق المالية والنفخ في أسعارها.

يتبنى وجهة النظر الأولى الأكاديمي الاقتصادي عامر خربوطلي، الذي يرى في تصريحه لـ"العربي الجديد" أن مرحلة توقف سوق المال السوري أو بورصة دمشق طيلة الأشهر السابقة، التي كانت قسريةً، لها ما يبرّرها نتيجة ولادة الحكومة الجديدة ونموذج الاقتصاد الجديد الذي اتبع في سورية ويتمثل في السوق الحرة التنافسيّة، معتبراً أن إعادة افتتاح السوق مهم جداً كونه أحد أهم قطاعات السوق المالية، التي يتوقع أن تكون رافعة للاقتصاد السوري من الناحية المالية، سواء على مستوى القطع الأجنبي أو التمويل المصرفي أو على مستوى بورصة الأسهم والسندات.

تأسست سوق دمشق للأوراق المالية في مارس/آذار 2009، لتكون أول بورصة رسمية في البلاد منذ عقود. وانطلقت بست شركات، أغلبها يعمل في القطاع المالي، وبرأسمال مليار و200 مليون دولار. وسرعان ما شهدت توسعاً ملحوظاً، حيث ارتفع عدد الشركات المدرجة إلى 14 شركة بحلول منتصف 2010.

افتتاح بلا قوانين وتشريعات

في المقابل يرى الباحث الاقتصادي يونس كريم، أن وزير المالية تسرّع بافتتاح بورصة دمشق قبل تهيئة البنى التحتية لها، وهو ما أضاع بريق هذا الافتتاح، قائلا إن ما حصل هو خطوة رمزية تشير إلى تعافي دمشق واقتصادها، حسب محللين كثر، ولكن يوجد الكثير من المؤشرات التي يجب قراءتها من زاوية مختلفة.

وأوضح خلال حديثه مع "العربي الجديد" أن سوق الأوراق المالية كانت مفتوحة قبل إسقاط نظام الأسد، وكان الوضع متدهوراً، فاليوم جرى افتتاح المبنى دون إصدار قوانين وتشريعات جديدة، أي أن التشريعات السابقة لا تزال سارية. وبالنظر إلى ما حدث قبل افتتاح السوق، فقد صدرت قرارات بحل مجلس إدارة كل من بنك سورية الإسلامي وسورية والخليج دون إيضاحات حتى الآن وبمخالفات قانونية، فكيف سيشجع الأمر على التداول؟
ومن جهة أخرى، أكد كريم وجود شركات ما تزال محسوبة على النظام السابق، وأشخاص عليهم عقوبات دولية (أميركية - أوربية). ومع رفع العقوبات بات الحجز عليهم أسهل مما يهدّد تلك الشركات، إضافة إلى وجود إشكاليات مع شركاء خارجين، لافتاً إلى عدم صدور أي تشريع من الوزارات حول آليات وتراخيص الشركات الجديدة وآليات دخولها إلى السوق.

الابتعاد عن المضاربات

"تحتاج سورية اليوم إلى استقطاب الاستثمارات من ناحية إعادة إنشاء الشركات المساهمة العامة التي تطرح أسهمها للاكتتاب العام"، حسب ما أكد خربوطلي، لذلك فإن افتتاح سوق دمشق للأوراق المالية، أو بورصة دمشق، هو خطوة لتشجيع صغار المدخرين على الاستثمار الآمن، بعيداً عن المضاربات، كما أنه استثمار منتج لأنه يشجع على إقامة الشركات المساهمة القادرة على استقطاب الاستثمارات ورؤوس الأموال الضخمة، وأكد وجود إقبال وترقب وتطلع للمستثمرين الخارجيين سواء الأجانب أو العرب وحتى السوريين المقيمين والمغتربين، لإقامة شركات في مجالات وقطاعات مختلفة إن كانت صناعية أو مالية أو زراعية أو تجارية، خاصة بعد رفع العقوبات عن سورية، لذلك فإن هذه الشركات تحتاج إلى التداول في سوق رسمية ونظامية تعكس سوق العرض والطلب على الأسهم.

وفي النهاية لا يمكن تحديد سعر السهم الحقيقي العادل إلّا من خلال البورصة، وبذلك تكون هذه الخطوة حميدة وفرصة كبيرة للانفتاح على المستثمرين الداخليين وعلى الشركات الأجنبية، التي يمكن أن تلتحق لاحقاً وتدرج أسهمها في السوق، حسب القوانين المعمول بها في سورية، وبذلك يصبح لسوق دمشق بعد إقليمي يفوق المستوى المحلي الحالي.

كما يصف الأكاديمي الاقتصادي علي محمد، استئناف العمل بسوق الأوراق المالية، بأنه أمر جيد للاقتصاد، فسورية اليوم في بداية مرحلة اقتصادية جديدة، أبرز مؤشراتها حماس الشركات لدخول السوق السورية قبل تعليق العقوبات، بدليل تصريح وزير الاقتصاد بتسجيل 500 شركة منذ بداية العام، أي أننا سنكون أمام زخم في تسجيل الشركات وتجديد السجلات التجارية، لذلك يجب أن يكون لدينا سوق مالية فعّالة ومنظمة.

دخول استثمارات بمليارات الدولارات

ولفت الأكاديمي الاقتصادي في تصريح لـ"العربي الجديد" إلى دخول استثمارات بمليارات الدولارات، خلال الفترة الماضية، منها عقد مع الشركة الفرنسية لاستثمار ميناء اللاذقية أو استثمار ميناء طرطوس من شركة موانئ دبي، إضافة إلى العقود الموقعة مع شركات الطاقة بسبعة مليارات دولار، ما أعطى دفعة استثمارية مهمة للاقتصاد السوري، وكل هذه الأسباب مجتمعة تدفع لضرورة إعادة التداول بسوق دمشق للأوراق المالية.
ومن منظور اقتصادي، يتساءل كثيرون عن معنى طرح سندات الخزينة للتداول في سوق دمشق، وأهميته للاقتصاد، فيوضح محمد أن هذا الأمر يعزز من الاتجاه النقدي الاقتصادي الصحيح الذي ينعكس على العديد من المؤشرات الاقتصادية، ويجعل هذه السندات أكثر قابلية للتسييل من دون انتظار تاريخ استحقاقها، ويسهم بدوره في تأمين السيولة النقدية لصاحب الورقة بما يتناسب مع المدة الباقية من عمرها، ما يشجع أصحاب الادّخارات على شراء السندات والاستثمار بها ما دامت لديهم سيولة فائضة، وعند حاجتهم للسيولة يصبح بمقدورهم بيعها في الحال وتوجيه أموالهم كما يريدون، مع الأخذ بالحسبان أن السندات الحكومية هي سندات منخفضة.

Read Entire Article