ARTICLE AD BOX
في كلّ عام، نُحيي ذكرى النكبة. نقف أمام الرقم 15 مايو/ أيار كأنه جدار زمني يفصل بين وطنٍ كان، وغربةٍ امتدّت لعقود. نحمل صور القرى المدمّرة، والمفاتيح التي لم تفتح أبوابها، ونروي القصص ذاتها لجيل لم يولد بعد، كي لا يَنسى.
لكن هذا العام، السؤال يطرق الوجدان بقوّة: لماذا نبكي على نكبة مضى عليها 77 عاماً، ونحن نُذبح في قطاع غزّة كل يوم؟
هل النكبة حدثٌ تاريخي؟ أم هي زمنٌ مستمر؟ وهل انتهت في اللد وحيفا وصفد، أم أنها تستيقظ كلّ يوم في خانيونس ودير البلح وجباليا؟
نحن لا نعيش ذكرى النكبة، بل نعيشها بنسخة أكثر توحّشًا، وبدم بارد، تُبثّ لحظاته مباشرة على الهواء.
نكبة 1948 هجّرتنا، وكسرت الجغرافيا، فيما نكبة غزّة اليوم تكسرنا من الداخل؛ تدفن أطفالنا، وتفكّك وحدتنا، وتُرينا خيانتنا بأعيننا.
في النكبة الأولى، كانت الأمّة تنام على الوهم. وفي نكبة غزّة، الأمة مستيقظة، لكنها صامتة.
نحن لسنا أبناء نكبة واحدة، بل ضحايا مشروع نكبات متسلسلة.
نكبة غزّة اليوم تكسرنا من الداخل؛ تدفن أطفالنا، وتفكّك وحدتنا، وتُرينا خيانتنا بأعيننا
نكبات لا تحتاج سبعين عامًا لتتحوّل إلى ذكرى، بل تتحوّل إلى دمٍ لم يجف، وصورة لا تُنسى، وطفل بلا أطراف، وأم تحت الركام.
النكبة ليست ماضينا، هي حاضرنا الذي يُصرّ العالم على أن يقدّمه لنا "حرباً"، "صراعاً"، "خطأً متبادلاً".
لكن الحقيقة الوحيدة: أن هناك من يقتل، وهناك من يُقتل.
فلا تسألونا: لماذا لا ننسى.
اسألوا أنفسكم: كم نكبةً تحتاجون كي تشعروا؟