ARTICLE AD BOX
أعلن مكتب رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي الأميركي) جيروم باول أن الأخير اجتمع، اليوم الخميس، مع الرئيس الأميركي دونالد ترامب في البيت الأبيض، لمناقشة "التطورات الاقتصادية"، بما يشمل النمو والتوظيف والتضخم. وأوضح البيان أن اللقاء جرى بدعوة من الرئيس الأميركي، مؤكدا أن باول لم يشارك توقعاته بشأن السياسة النقدية، وأنه شدد فقط على أن المسار المستقبلي للفائدة سيعتمد كليا على المعطيات الاقتصادية وما تعكسه تلك البيانات من مؤشرات حول اتجاهات السوق. وانتقد الرئيس الأميركي باول مرارا، وكان هو من رشحه للمنصب خلال ولايته الأولى، وأعاد بعدها الرئيس الديمقراطي جو بايدن ترشيحه لولاية ثانية، وقال ترامب إنه يريد أن يترك باول منصبه.
وجاء في البيان: "قال الرئيس باول إنه هو وزملاءه في اللجنة الاتحادية للسوق المفتوحة سيحددون السياسة النقدية، مثلما يقتضي القانون، لدعم الحد الأقصى من التوظيف واستقرار الأسعار، وسيتخذون تلك القرارات بناء على تحليل دقيق وموضوعي وغير سياسي فقط". وفي الآونة الأخيرة، قال ترامب، الذي هاجم باول بسبب قرار البنك المركزي عدم خفض تكاليف الاقتراض، إنه لا يعتزم إقالة باول. لكن ذلك الاحتمال أثار قلق الأسواق المالية التي تعتمد على قدرة مجلس الاحتياطي الاتحادي على القيام بعمله دون تدخل سياسي.
وفي السياق، قال رئيس فرع الاحتياطي الفيدرالي في شيكاغو، أوستن غولسبي، إن البنك المركزي الأميركي قد يجد نفسه في موقع يسمح بخفض أسعار الفائدة، إذا ما جرى التراجع عن الرسوم الجمركية الواسعة التي فرضها الرئيس دونالد ترامب في الثاني من إبريل/ نيسان. وأضاف غولسبي، الذي يُعد أحد الأعضاء المصوتين في لجنة السياسة النقدية لهذا العام، أن إزالة الرسوم الجمركية ستحفز بيئة اقتصادية أكثر استقرارا، وتسهم في خفض التضخم دون المساس بالتوظيف. والشهر الماضي، فرض ترامب رسوما جمركية بنسبة 10% على غالبية الدول، وفرض تعرفات أكبر على عشرات من الشركاء التجاريين، لكنه عاد وعلقها موقتا بعد بضعة أيام لإتاحة إجراء محادثات تجارية.
وقضت محكمة أميركية متخصصة بقضايا التجارة الدولية، في حكم نُشر أمس الأربعاء، بإلغاء الرسوم الجمركية "المتبادلة" التي فرضها الرئيس دونالد ترامب بنسبة 10% على كل السلع التي تستوردها بلاده، مُعتبرة أنّ الكونغرس وحده يملك صلاحية فرض رسوم كهذه، فيما بادرت إدارة ترامب إلى استئناف الحكم. وقالت محكمة التجارة الدولية الأميركية في خبر أوردته وكالة فرانس برس إنّه لا يمكن للرئيس أن يتذرّع بقانون الاستجابة الاقتصادية الطارئة لعام 1977 "لفرض رسوم إضافية غير محدودة على المنتجات المستوردة من كل الدول تقريبا". وأضافت أنّ المراسيم التي وقّعها ترامب في 2 إبريل/نيسان "تتجاوز الصلاحيات الممنوحة للرئيس بموجب قانون الاستجابة الاقتصادية الطارئة لتنظيم الواردات من خلال استخدام الرسوم الجمركية".
وللاحتياطي الفدرالي تفويض مزدوج بالعمل بشكل مستقل من أجل الحفاظ على أداء جيد لسوق العمل والسعي إلى جعل التضخم مستقرا عند عتبة 2% على المدى الطويل، وذلك خصوصا من خلال تحديد معدلات الفائدة للقروض القصيرة الأجل. وقال غولسبي: "إذا كان التوظيف مستقرا والتضخم متجها إلى الهدف المحدد، يمكن أن تخفّض أسعار الفائدة وصولا إلى حيث ستستقر في نهاية المطاف"، وأضاف أن مسؤولي الاحتياطي الفدرالي يتوقعون أن تكون أسعار الفائدة على المدى الطويل "أدنى بكثير" من المستويات الحالية.
ويأتي هذا التصريح في وقت يشهد فيه الاقتصاد الأميركي تراجعا تدريجيا في نسب التضخم، مع استقرار معدلات البطالة عند مستويات متدنية. لكن الغموض السياسي الناتج عن قرارات ترامب الجمركية وردود الفعل القضائية والسياسية عليها يلقي بظلاله على مشهد السياسة النقدية في البلاد. وتعكس تصريحات غولسبي ما يبدو أنه ربط مباشر بين السياسة التجارية والإجراءات النقدية، في لحظة دقيقة يواجه فيها الفيدرالي تحديات في تهدئة التضخم دون خنق النمو.
وفي حال إلغاء التعرفات الجمركية فعليا، قد يجد الاحتياطي الفيدرالي نفسه أخيرا في موقع يسمح بالتحول التدريجي نحو التيسير النقدي، وهو ما تنتظره الأسواق منذ شهور. لكن حتى ذلك الحين، يبقى قرار المحكمة، ورد فعل البيت الأبيض، ومسار المفاوضات التجارية، عوامل رئيسية في تحديد الاتجاه القادم للسياسة الاقتصادية الأميركية.
(رويترز، فرانس برس، العربي الجديد)
