ARTICLE AD BOX

<p class="rteright">آثار هجمات المستوطنين على قرية برقين غرب محافظة سلفيت (أ ف ب)</p>
بقناع يغطي وجوههم وملابس سوداء اللون، هاجم عشرات المستوطنين الإسرائيليين قرية بروقين غرب محافظة سلفيت خلال الليالي الماضية، وأحرقوا ممتلكات الفلسطينيين فيها، في وقت بدا أنه هجوم منظم اعتادت القرى الفلسطينية عليه خلال الأعوام الماضية.
ويتزامن ذلك مع تأسيس تنظيمات مسلحة للمستوطنين في الضفة الغربية تتولى شن هجمات مسلحة، وإحراق منازل ومركبات الفلسطينيين.
تنظيمات
ومن أبرز تلك التنظيمات، تنظيم "فتية التلال"، و"النار المقدسة"، ويدخل في صفوفهما مئات المستوطنين من شمال الضفة الغربية إلى جنوبها.
وينتمي معظم مسلحي "فتية التلال" إلى أحزاب الصهيونية الدينية المتطرفة، ويعتنق مسلحو تنظيم "النار المقدسة" أفكاراً تكفيرية تدعو لنشر الفوضى في إسرائيل، وهدم الدولة وبناء دولة جديدة تقوم على تطبيق الشريعة اليهودية.
ويعد تنظم "فتية التلال" الأكثر عدداً، والأفضل تسليحاً وتدريباً، ويمول من رجال أعمال في أميركا ودول أوروبية، وفرضت أميركا ودول أوروبية عدة عقوبات على قادته، خلال الأشهر الماضية، بسبب أعمال العنف ضد الفلسطينيين.
ومن أبرز هجمات مسلحي التنظيم إحراق عائلة دوابشة قبل أعوام في قرية دوما جنوب نابلس، وإحراق الطفل محمد أبوخضير في القدس، إلى جانب تحطيم مئات مركبات الفلسطينيين، وخط شعارات عنصرية على كنائس ومساجد الفلسطينيين.
لكن تلك الهجمات تصاعدت منذ السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023، حيث قتل المستوطنون 22 فلسطينياً، وأقاموا كثيراً من البؤر الاستيطانية، واستولوا على مساحات شاسعة من أراضي الفلسطينيين، وقطعوا الطرق الرئيسة في الضفة الغربية.
"لن نبقى في المنزل اليوم. الجميع يخرجون للاحتجاج على مقتل أم يهودية"، هذه كانت رسالة تناقلها المستوطنون عبر وسائل التواصل الاجتماع، إثر قتل مسلح فلسطيني مستوطنة إسرائيلية قبل نحو أسبوعين على أحد الشوارع في محافظة سلفيت.
وجاءت هجمات المستوطنين ضد قرية بروقين بعد نحو أسبوع على حصار الجيش الإسرائيلي القرية، واقتحامها بحثاً عن منفذ الهجوم المسلح.
وبعد ساعات على انسحاب الجيش الإسرائيلي من القرية ليل الجمعة، هاجمتها ثلاث مجموعات مسلحة من المستوطنين من ثلاث جهات، مما أدى إلى إحراق منازل ومركبات عدة، وإثارة الذعر والخوف في صفوف الأطفال والنساء. لكن تصدي الفلسطينيين لهؤلاء المستوطنين منعهم من الوصول إلا إلى منقطة البقعان، قبل أن ينسحبوا منها تحت مسمع ومرأى قوات الجيش الإسرائيلي.
وليل أمس الأحد عاد المستوطنون للهجوم على القرية، منطلقين من خيمة أقاموها إثر مقتل المستوطنة، وبعد استيلائهم على أكثر من 250 دونماً (250 ألف متر مربع) من أراضي قرية بروقين.
هجمات المستوطنين
ورى شهود كيف بقي عناصر الجيش الإسرائيلي يشاهدون من بعيد هجمات المستوطنين، وأنهم يتولون حمايتهم. ولا يتدخل الجيش الإسرائيلي لمنع هجماتهم، ويبقى ينتظر الشرطة الإسرائيلية للمجيء إذ "إننا لا نتعامل إلا مع الفلسطينيين".
وبعد تلقي رسائل عبر مجموعات على تطبيق "واتساب" يتحرك مسلحو تنظيمات المستوطنين لشن هجمات على أطراف القرى الفلسطينية التي تجاور عادة طرقاً رئيسة تخضع للسيطرة الإسرائيلية.
ويوم السبت الماضي، شن المستوطنون سلسلة اعتداءات على قرى في الضفة الغربية من شمالها إلى جنوبها، وأصابوا عدداً من الفلسطينيين بجروح، وحطموا مركبات عدة. وشنت مجموعات من المستوطنين في قرى وبلدات الضفة هجمات متفرقة طاولت عائلات من بينها واحدة في قرية المغير، شمال شرقي رام الله، بحماية الجيش الإسرائيلي.
يأتي ذلك، في ظل تحريض وزراء في الحكومة الإسرائيلية ضد الفلسطينيين، كدعوة وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش، إلى تدمير قريتي بروقين وكفر الديك. "كما دمرنا رفح وخان يونس وغزة، فيجب علينا أن ندمر بروقين وكفر الديك، ويجب أن تبدو بروقين وكفر الديك مثل الشجاعية وتل السلطان في قطاع غزة"، وفق تغريدة لسموتريتش على موقع "إكس".
الاعتقال الإداري
وعلى إثر تسلمه منصبه قبل أشهر عدة، أوعز وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس بإلغاء الاعتقال الإداري ضد المستوطنين، في خطوة منحتهم حرية العمل من دون عقوبة، في ظل ازدياد نفوذهم في الحكومة الإسرائيلية، وضعف جهاز الأمن العام الإسرائيلي "الشاباك". وألغى كاتس مطلع العام الحالي أوامر اعتقال لمستوطنين نفذوا أعمالاً عدائية في الضفة تشمل تدمير أراضي زراعية وإحراق ممتلكات لفلسطينيين.
ويطالب قادة المستوطنين في الضفة الغربية بممارسة سياسة أعنف ضد الفلسطينيين "هذا هو الوقت المناسب للتخلي عن الموقف الدفاعي، والمضي قدماً نحو موقف هجومي فعال وفتاك في يهودا والسامرة"، في إشارة إلى الضفة الغربية.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
مئات الهجمات
وفي رسالة إلى الحكومة الإسرائيلية أشار قادة المستوطنين إلى أن "روح النصر في الحملات في غزة ولبنان وسوريا يجب أن تنتقل إلى الضفة الغربية". وخلال أبريل (نيسان) الماضي شن المستوطنون 341 اعتداء على الفلسطينيين وممتلكاتهم، تركزت في محافظات الخليل بـ292 اعتداء، ورام الله والبيرة بـ269، ونابلس بـ254، وفق "هيئة مقاومة الجدار والاستيطان".
وبحسب رئيس الهيئة مؤيد شعبان فإن تنظيم "فتية التلال" "أصبح يعمل منذ بدء الحرب على قطاع غزة بشكل علني"، مشيراً إلى "وجود مراكز له في مستوطنات يتسهار وشيلو في شمال الضفة الغربية، وغوش عصيون في جنوبها"، وقال شعبان، إن التنظيم "يعد المسؤول الأول عن الهجمات ضد الفلسطينيين، وأن الهيئة تحتفظ بأسماء قادته الذين فرضت عليهم إدارة الرئيس الأميركي السابق جو بايدن عقوبات، قبل أن ترفعها إدارة دونالد ترمب".
تكرار ما يحصل في غزة
وعدَّ المحلل السياسي الإسرائيلي يؤاف شتيرن أن المستوطنين يحاولون "تكرار ما يحصل في قطاع غزة بالضفة الغربية، واستخدام الأساليب نفسها في ظل دفعهم فكرة تهجير الفلسطينيين من أراضيهم، أو حصرهم في داخل المدن". وأوضح أن المستوطنين لديهم "شعور بأنهم في موقف قوي بسبب سيطرتهم على الحكومة الإسرائيلية، وضعف جهاز الشاباك معهم، ورفع واشنطن العقوبات ضد بعض قادتهم المتورطين بأعمال عنف"، ووفق شتيرن فإن المستوطنين "يعتنقون أيديولوجية متطرفة تدعو إلى طرد الفلسطينيين وإقامة إسرائيل الكبرى"، مضيفاً أن "الفلسطينيين بوجودهم يحبطون تلك المخططات".
ورأى الباحث في الشؤون الإسرائيلية عماد أبوعواد أن "الغالبية العظمى من المستوطنين هم من المتدينين، وأن 40 في المئة منهم من أتباع الصهيونية الدينية ومسلحين"، وأوضح أن تسليحهم يأتي بسبب تجنيدهم في القوات الإسرائيلية أو مشاركتهم في قوات الطوارئ الخاصة بالمستوطنات أو تلقيهم أسلحة من بن غفير (وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير). وأشار عواد إلى أن المجموعات المسلحة "تتبع للمجلس الاستيطاني في الضفة الغربية الذي يحركها كيفما يشاء باتجاهين، الأول للاستيلاء على الأراضي، والثاني الانتقام لقتل مستوطنين"، وبحسب أبوعواد فإن طريقة عمل تلك المجموعات "منظمة بطريقة لا تخطر على بال الفلسطينيين"، وأوضح أن المستوطنين "لا يحملون فقط دوافع انتقامية، لكنها قائمة على ضرورة التوسع والسيطرة بسبب الرؤية الأيديولوجية بأن الضفة الغربية هي لليهود فقط".
"فتية التلال" و"النار المقدسة"
وعد الباحث في الشؤون الإسرائيلية أنس أبوعرقوب أن تنظيم "فتية التلال تنظيم هرمي يخضع لتدريبات عسكرية، ويمول بشكل واسع من خارج إسرائيل، إضافة إلى الدعم الحكومي الإسرائيلي"، وأشار إلى أن التنظيم "يستغل المزارع الرعوية، ويتخذها معسكرات لتدريب عناصره"، وأوضح أنه "يتقاسم أدواره مع الجيش الإسرائيلي ضمن مخطط واضح للاستيلاء على أكبر مساحة من الضفة الغربية، وشن الهجمات على الفلسطينيين"، لكن أبوعرقوب أشار إلى أن تنظيم "النار المقدسة" أكثر تطرفاً من "فتية التلال"، "وهو مثل تنظيم داعش يعمل على تكفير دولة إسرائيل، ويسعى إلى القضاء عليها، وبناء دولة تحكم بالشريعة اليهودية".