تعليق الحرب التجارية... الصين وأميركا تتفقان على خفض كبير للرسوم

2 weeks ago 7
ARTICLE AD BOX

تنفّست أسواق العالم الصعداء، الاثنين، بعد إعلان تعليق الحرب التجارية ما بين الصين والولايات المتحدة الأميركية لمدة 90 يوماً. قال عملاقا الاقتصاد إنهما اتفقا على تعليق معظم الرسوم الجمركية على سلع بعضهما البعض، في انتظار مزيد من المفاوضات، بعد محادثات جرت في نهاية الأسبوع في جنيف.

وبموجب الاتفاق ستنخفض التعرفات الجمركية التي فرضها الرئيس دونالد ترامب على الصين من 145% إلى 30%، حيث ستهبط الرسوم الأساسية إلى 10% من 125%، وستظل الرسوم الجمركية المنفصلة البالغة 20% والتي فرضها ترامب بسبب ما وصفه بدور الصين في تجارة الفنتانيل قائمة. في المقابل، ستخفض بكين الرسوم الجمركية الانتقامية على السلع الأميركية من 125% إلى 10%. وصرّحت الولايات المتحدة بأن التخفيضات ستستمر 90 يوماً، ريثما يبدأ الجانبان محادثات إضافية.

ويقود هذه المحادثات وزير الخزانة سكوت بيسنت والممثل التجاري الأميركي جيمسون غرير من الجانب الأميركي، ونائب رئيس الوزراء هي ليفنغ من الجانب الصيني. واستمر صعود العقود الآجلة للأسهم الأميركية، التي كانت مرتفعة قبيل الإعلان. وقفزت العقود المرتبطة بمؤشر ناسداك 100، الذي يهيمن عليه قطاع التكنولوجيا، بنحو 4%. كما قفز الدولار وارتفعت عوائد السندات.

توقفت التجارة بين الولايات المتحدة والصين نهائياً، بعد أن فرض الرئيس ترامب رسوماً جمركية بنسبة 145% على السلع الصينية، وردت بكين بفرض رسوم جمركية بنسبة 125% على المنتجات الأميركية. هزّت الحرب التجارية الأسواق العالمية بأكملها، وضمناً الشركات، خاصة التي تعتمد على الصين في السلع وشراء المواد الأولية لزوم التصنيع.

كذا، تأثرت المصارف المركزية حول العالم، وساد الارتباك في الاحتياطي الفيدرالي حول أسعار الفائدة، نتيجة انعاكسات الرسوم الجمركية على التضخم.

لا انفصال تجارياً

وفي التفاصيل، عقد وزير الخزانة الأميركي سكوت بيسنت، والممثل التجاري الأميركي جيمسون غرير، مؤتمراً صحافياً في جنيف بعد اجتماع تجاري استمر يومين مع كبار المسؤولين الصينيين. وقال بيسنت إن تخفيضات التعرفات الجمركية التي أُعلن عنها لا تنطبق على الرسوم القطاعية المفروضة على جميع شركاء الولايات المتحدة التجاريين، وأن التعرفات الجمركية المطبقة على الصين خلال إدارة ترامب الأولى لا تزال قائمة.

وتابع بيسنت: "نحن متفقون على أن أياً من الجانبين لا يريد الانفصال تجارياً"، مضيفاً "لقد أجرينا مناقشة قوية وبناءة للغاية بشأن الخطوات المقبلة بشأن الفنتانيل"، وأن المحادثات قد تؤدي إلى "اتفاقيات شراء" من قبل الصين. وأضاف أن "الأطراف ستنشئ آلية لمواصلة المناقشات حول العلاقات الاقتصادية والتجارية".

وذكرت وكالة أنباء شينخوا الرسمية، نقلاً عن كتاب أبيض حول الأمن القومي، أن الصين دأبت على التعامل في علاقاتها مع الولايات المتحدة على أساس مبادئ الاحترام المتبادل. وأكدت أن الصين ملتزمة بالتنمية المستقرة للعلاقات مع الولايات المتحدة، وأن فرض الضغوط والتهديدات ليس الأسلوب الأمثل للتعامل معها. يمثل هذا الإعلان خطوة نحو تهدئة حرب الرسوم الجمركية التي أدت إلى تراجع فوري في التجارة عبر المحيط الهادئ.

وكان البلدان قد أعلنا سابقاً عن "تقدم ملموس" في محادثاتهما، مما عزز الأسواق وساعد الأسهم الصينية على تعويض خسائرها منذ إعلان الرئيس دونالد ترامب عن الرسوم الجمركية في "يوم التحرير" في 2 إبريل/ نيسان. وقال غرير إن الولايات المتحدة تريد أن يكون لديها تجارة أكثر توازناً مع الصين، و"من الواضح أن نظراءنا الصينيين توصلوا إلى اتفاق هذا الأسبوع".

أبعد من التوقعات

وصف البيت الأبيض الاتفاق بأنه "صفقة تجارية" في بيان أولي صدر يوم الأحد. وكانت الصين قد طالبت سابقاً الولايات المتحدة بإلغاء جميع الرسوم الجمركية التي فرضتها هذا العام، وهو ما يتعارض مع هدف الولايات المتحدة المتمثل في خفض العجز التجاري أو إنهائه. وتستذكر وكالة "بلومبيرغ" أنه في عام 2018، اتفق الجانبان أيضاً على تعليق نزاعهما بعد جولة من المفاوضات، لكن الولايات المتحدة سرعان ما تراجعت عن هذا الاتفاق، مما أدى إلى أكثر من 18 شهراً من فرض رسوم جمركية إضافية ومحادثات قبل توقيع "المرحلة الأولى" من الاتفاق التجاري في يناير/ كانون الثاني 2020.

وفي النهاية، فشلت الصين في الوفاء بالتزاماتها المتعلقة باتفاقية الشراء في تلك الصفقة، وارتفع العجز التجاري للولايات المتحدة مع الصين خلال فترة الوباء، مما مهّد الطريق للحرب التجارية الحالية. وقالت مصادر وكالة "رويترز" إن اتفاقية التجارة بين الولايات المتحدة والصين لا تشمل استثناءات "الحد الأدنى" لشركات التجارة الإلكترونية.

لكن رغم ذلك ذهب الاتفاق إلى أبعد مما توقعه العديد من المحللين بعد أسابيع من الخطاب العدائي بشأن التجارة. قال تشيوي تشانغ، كبير الاقتصاديين في شركة بينبوينت لإدارة الأصول في هونغ كونغ: "هذا أفضل مما توقعت. كنت أعتقد أن الرسوم الجمركية ستُخفض إلى نحو 50%". وأضاف تشانغ "من الواضح أن هذه أخبار إيجابية للغاية للاقتصادات في كلا البلدين وللاقتصاد العالمي، وتجعل المستثمرين أقل قلقاً بشأن الأضرار التي قد تلحق بسلاسل التوريد العالمية على المدى القصير".

وارتفعت أسهم الشركات الأوروبية المتضررة من الحرب التجارية بعد الاتفاق. وكانت شركة الشحن ميرسك الرابح الأكبر في أوروبا، بارتفاع تجاوز 12%. وحذّرت الشركة الأسبوع الماضي من انخفاض أحجام الحاويات بين الولايات المتحدة والصين بسبب النزاع. وفي الوقت نفسه، ارتفعت أسهم شركتي السلع الفاخرة LVMH وKering المالكة لعلامة Gucci بنسبة 7.4% و6.7% على التوالي.

وارتفعت العقود الآجلة للأسهم في "وول ستريت"، بعد أن عززت المحادثات الآمال في تجنب الركود العالمي. وأعطى ترامب قراءة إيجابية للمحادثات قبل أن تنتهي، قائلاً إن الجانبين تفاوضا على "إعادة ضبط كاملة... بطريقة ودية، ولكن بناءة". وارتفع الدولار يوم الاثنين، مما خفف المخاوف من عواقب وخيمة من حرب تجارية بين أكبر اقتصادين في العالم.

وتسبب صعود الدولار في تضرر عملات الملاذ الآمن بشكل أكبر، حيث ارتفع بنسبة 2% إلى 147.835 يناً و1.7% إلى 0.845 فرنك سويسري. وقال آرني بيتيميزاس، مدير الأبحاث في مجموعة AFS في أمستردام: "لقد خفّض الرئيس ترامب رسومه الجمركية بوتيرة أسرع مما توقعه أي شخص. ويبدو أن الرسوم الجمركية على الصين ستنخفض إلى مستويات يمكن التحكّم فيها، وإن كان ذلك مؤقتاً".

ارتفع مؤشر الدولار بنسبة 1% مقابل سلة من العملات، مسجلاً أعلى مستوى له في أكثر من شهر. ولا يزال منخفضاً بنسبة 2.4% عن إعلان ترامب في 2 إبريل عن فرض رسوم جمركية شاملة، حيث هزّت سياساته، التي غالباً ما اتّسمت بالفوضى، الثقة في الأصول الأميركية.

وقال كينيث بروكس، كبير الاستراتيجيين في "سوسيتيه جنرال" في لندن: "الآن أصبحت الظروف مهيأة لتعديل أعمق وانتعاش أكبر للدولار، لمواكبة عائدات الأسهم والسندات الأميركية". وانخفض اليورو بنسبة 1.3% مقابل الدولار الأميركي، ليصل إلى 1.1097 دولار أميركي، متجهاً نحو تسجيل أكبر خسارة يومية له هذا العام. وتراجع الجنيه الإسترليني بنسبة 1% ليصل إلى 1.3185 دولار أميركي.

وقال بروكس: "يمكننا أن نشهد المزيد من الضعف في اليورو مقابل الدولار، مع كسرنا بعض المستويات الفنية الرئيسية". وسوف يركز السوق هذا الأسبوع أيضاً على أرقام مؤشر أسعار المستهلك في الولايات المتحدة يوم الثلاثاء، وعلى مبيعات التجزئة في إبريل المقررة يوم الخميس، للحصول على مؤشرات حول كيفية تأثير الخلاف التجاري على الاقتصاد، والتوقعات بمزيد من خفض أسعار الفائدة من قبل مجلس الاحتياط الفيدرالي الأميركي.

وراهن المتعاملون يوم الاثنين على خفض أسعار الفائدة من قبل بنك الاحتياط الفيدرالي والبنك المركزي الأوروبي، مع تحسن التوقعات الاقتصادية، بعد اتفاق التجارة بين الصين والولايات المتحدة. وقال الخبير الاقتصادي لين سونغ من بنك "آي إن جي": "على الرغم من أن خفض تصعيد الحرب التجارية يفيد كلا الاقتصادين، فإنّ الاتفاق من المرجح أن يُنظر إليه على أنه انتصار خاص للصين". وتابع "من وجهة نظرنا، فإن خفض التعرفات الجمركية على الصين يعد خفضاً كافياً للسماح بعودة التجارة الطبيعية إلى حد ما".

وفي الوقت نفسه، بدا أن التوترات الجيوسياسية قد تراجعت أيضاً خلال عطلة نهاية الأسبوع، مما دعّم بشكل أكبر معنويات المخاطرة. وأعلنت الهند وباكستان وقف إطلاق النار، بعد أربعة أيام من القتال بين القوتين النوويتين، والذي هزّ الأسواق. وأعرب الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي عن استعداده للقاء الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في تركيا يوم الخميس لإجراء محادثات مباشرة. وستكون هذه أول مفاوضات بين البلدين منذ الأشهر الأولى للغزو الروسي عام 2022. 

Read Entire Article