تفاءل...ففيه تتحسّن صحتك ومزاجك وحتى علاقاتك!

1 day ago 1
ARTICLE AD BOX

التفاؤل والتشاؤم ليسا سمة من سمات الشخصية فقط، بل نظرة كلّ منّا إلى الحياة. أحياناً، تكون المشكلة كبيرة، لكن بالتفكير الإيجابي يمكن حلّها بشكل أفضل. بينما إن كانت المشكلة صغيرة ويرافقها تفكيراً سلبياً، فقد لن تُحلّ. لكن الموضوع لا يقتصر على هذا الحد فقط. صحيح أنّ هذه السمات تولد فطرياً مع الشخص، إنّما يمكن تعلّم الإيجابية والتدرب عليها وممارستها. الأمر لا يرتبط بكون الإيجابية أفضل من السلبية عامة، إذ ربط علم النفس الإيجابي الحديث التفاؤل بتعزيز الصحة النفسية والمزاج، وبالتالي جودة الحياة.

ووجدت دراسة بعنوان " Optimism" نُشرت في مجلة Clinical Psychology Review، أنّ التفاؤل يرتبط ارتباطاً وثيقاً بالمرونة، فهو ينمّي مرونة بدنية وعقلية لدى الناس، حتى أولئك الذين مرّوا بظروف حياتية صادمة للغاية أو حالات طبيةٍ صعبة. 

ومَن يتمتعون بنظرة متفائلة يميلون إلى أن يكونوا أكثر استباقية فيما يتعلق بصحتهم، ويتمتعون بصحة قلبية أفضل، وجهاز مناعي أقوى، ويكسبون دخلاً أعلى، ويحظون بعلاقات أكثر نجاحاً.

وخلُصت دراسة " Optimism and Cause-Specific Mortality: A Prospective Cohort Study"، إلى أنّ النساء اللواتي كنّ أكثر تفاؤلاً، كنّ أقل عرضة للوفاة بسبب أي من الأمراض الخطيرة التي تم تتبعها خلال فترة الثماني سنوات في الدراسة، بما في ذلك السرطان وأمراض القلب والسكتة الدماغية. 

كن واقعياً في تفاؤلك!


التفاؤل هو تفكير إيجابي يتوقع من خلاله الشخص أن يصل إلى نتيجة إيجابية محفوفة بالأمل، والشخص المتفائل عادة ما يتمتع بصحة نفسية وذهنية وجسدية أفضل. هذا ما تورده الدكتورة سندي الترك، معالِجة نفسية وأستاذة محاضرة في جامعة الروح القدس الكسليك، في حديث لـ"النهار". فالتفاؤل مفيد للصحة النفسية شرط ألّا يبالَغ فيه وأن يكون تفاؤلاً واقعياً ومتوازناً. ويرتبط التفاؤل بمستويات دنيا من اضطرابات تقلّب المزاج والقلق، ويساعد على إيجاد استراتيجيات للحلول وعلى دعم اجتماعي أفضل، ويحمي صحتك النفسية ويعزز الأمل، ويجعلك قادر على التحكّم بالإجهاد، والحفاظ على التوازن العاطفي. أمّا التشاؤم، فيزيد الإجهاد والتوتر والأفكار السلبية واحتمالية القلق والاكتئاب. 

توقُّع الأشياء السلبية دائماً، يزيد من التوتر ويقلّل من التحفيز، تؤكد الترك. لذلك، لا بدّ من التحلّي بالتفاؤل الواقعي لكن هذا لا يعني توقّع الأمور الإيجابية فقط وإلغاء الأمور السلبية، إنّما توقّع الأفضل وتحضير النفس للتحديات. 

للتفاؤل تأثير أيضاَ على مستوى علاقات الشخص، وفق الترك. فالشخص المتفائل يتمتّع بتحفيز أكبر وبثقة أعلى، وبانفتاح أكثر على التواصل مع المجتمع، ما يعزز الراحة النفسية. أمّا الشخص المتشائم، فهو عادة ما يكون شخصاً منعزلاً، يجد صعوبة بالتعبير عن مشاعره، يشكّ بمَن حوله، ما يبعده عن التفاعل الاجتماعي. بالتالي، التفاؤل يرفع من جودة علاقات الشخص مع مجتمعه ومحيطه. 

أنت تحصد ثمار طريقة تفكيرك!

ننطلق من طريقة التفكير بحد ذاتها. فالإنسان قادر على إدارة تفكيره بالاتجاه الذي يريد. ويمكنه أن يتعلّم التفاؤل عبر تغيير تفكيره إلى تفكير إيجابي، تقول مدربة الحياة نادين عز الدين، في حديث لـ"النهار". فالتفكير الإيجابي هو مهارة يمكن اكتسابها والتدرّب عليها، إذ لا أحد محكوم عليه أن يبقى إيجابياً طوال حياته وإن ولِد متفائلاً، والعكس صحيح، فالأمر بالممارسة والتدريب.

الشخص الذي يفكر إيجابياً، يتمتع بنسبة توتر أقل ومناعة أقوى، ومرونة أكثر، أي قادر أكثر على مواجهة التحديات بدلاً من الغرق فيها. فالشخص الذي لا يتحلّى بالمرونة والتفكير الإيجابي، لا يفكر بالحلول، إنّما بالمشكلة، وهذه من سمات الأشخاص المتشائمين.

وللتدريب على التفكير الإيجابي، بحسب عز الدين، لا بدّ من:
- أن يتحلّى الشخص بالوعي الذاتي بالتغيير ومراقبة اتجاه مشاعره وأفكاره الداخلية، إذ حتى توصيف الشخص لحالته وانتقاء المسميات لها يدلّ إذا كان شخصاً متشائماً أو متفائلاً.
- ممارسة الامتنان، فهو ضرورة في رحلة تعلّم التفاؤل، فالشخص المتشائم لا يرى شيئاً جميلاً في هذه الحياة، بينما الشخص المتفائل يرى الأشياء الجميلة حتى ولو كانت صغيرة ويكون ممتناً لوجودها.
- إحاطة نفسك بالأشخاص الإيجابيين، إذ له تأثيراً كبيراً في تعزيز تفاؤلك، فالطاقة معدية.
- التمييز بين الإيجابية العقلانية والإيجابية السامة، بحيث لا يجب إنكار الواقع الصعب والتغافل عنه أبداً ولا تجاوز المشاعر والعاطفة في الحالات الصعبة، بل مواجهتها بعقلية إيجابية والتحلّي بالمرونة لمواجهة المشاكل والتحديات.

كيف تمرّن تفكيرك أن يكون إيجابياً؟

قل "إنها فرصة لتعلم شيء جدي"، بدلاً من "لم أفعل ذلك من قبل".
قل "إنّها تحدّي"، بدلاً من "مشكلة".
قل " سأتناول الأمر من زاوية مختلفة"، بدلاً من "الأمر معقد للغاية". 
قل "الحاجة أمّ الاختراع"، بدلاً من "ليس لديّ الموارد الكافية".
قل "لم أستطع إدراج الأمر في جدول أعمالي، لكن يمكنني إعادة النظر في بعض الأولويات"، بدلاً من "أنا كسول جداً لإنجاز ذلك".
قل "يمكنني محاولة إنجاح ذلك"، بدلاً من " لن ينجح الأمر أبداً".
قل "لنُجازف"، بدلاً من" إنه تغيير جذري جداً".
قل "سأرى إن كان بإمكاني فتح قنوات التواصل"، بدلاً من "لا أحد يُكلف نفسه عناء التواصل معي".
قل "سأُحاول مرة أخرى"، بدلاً من " لا يسعني إنجاز ذلك".


 
Read Entire Article