تفاؤل واسع بين السوريين بعد رفع العقوبات والأسواق تستعد للانتعاش

4 days ago 3
ARTICLE AD BOX

يُشكّل رفع العقوبات الاقتصادية عن سورية نقطة تحول جوهرية نحو إعادة إنعاش الاقتصاد الوطني، بعد سنوات من القيود التي أثقلت كاهل القطاعات الإنتاجية وأعاقت حركة التجارة والاستثمار. ومع هذا الانفراج، تلوح فرص حقيقية لتنشيط الأسواق المحلية، واستعادة التوازن النقدي، وفتح أبواب التعاون الاقتصادي مع الشركاء الإقليميين والدوليين، في خطوة تعيد رسم المشهد الاقتصادي السوري وتمهّد لمرحلة من النمو والاستقرار المستدامين.

وتحدث عدد من التجار عن سعادتهم البالغة بهذه التطورات، مؤكدين أن العقوبات كانت عائقاً كبيراً أمام توسع الأعمال، حيث اضطر كثيرون إلى تقليص نشاطاتهم أو البحث عن أسواق بديلة. أما اليوم، فبات بإمكانهم التخطيط مجدداً لاستثمارات جديدة، واستيراد المواد الخام والمعدات اللازمة من دون قيود، مما يعزز فرص نمو الشركات المحلية ويفتح المجال لتوفير فرص عمل جديدة لآلاف الشباب العاطلين عن العمل.

في السياق، أكد أمين سر غرفة تجارة سورية عمار البردان في حديث لـ"العربي الجديد"، أن البلاد عانت لفترة طويلة أزمة اقتصادية خانقة، مما يجعل رفع العقوبات خطوة محورية لإنعاش الاقتصاد السوري. وأوضح أن هذه العقوبات أثرت بشكل عميق على المعاملات المالية الدولية، حيث كان تحويل العملات الصعبة يشكّل تحدياً كبيراً، إلا أن تخفيف القيود الآن سيسهل العمليات المالية عبر العديد من المصارف، مما يعيد الاستقرار إلى القطاع المصرفي.

وأشار البردان إلى أن استعادة دور المصارف يسهم في تقليل التكاليف ومنح التجار حرية أكبر في التعامل مع سورية بشكل مباشر، من دون الحاجة إلى إجراءات التفافية. كما أوضح أن رجال الأعمال يتحركون بسرعة للاستجابة للمتغيرات الاقتصادية، وهو ما يعكس طبيعة السوق السورية التي تتميز بالتجارة النشطة، مستفيدة من موقع البلاد الجغرافي وتنوعها الاقتصادي، مما يسهم في تحقيق اندماج أوسع في المشهد التجاري العالمي.

وأضاف: "سنلمس الفرق الكبير خلال الفترة المقبلة"، متوقعاً عودة العلاقات التجارية مع العديد من الدول العربية والأجنبية، مما يعزز فرص الشركات الراغبة في استئناف أعمالها داخل سورية، سواء على المدى المتوسط أو البعيد. وشدد على أن رفع العقوبات يمثل فرصة ذهبية لإنعاش الاقتصاد، عبر جذب المستثمرين السوريين المغتربين، إلى جانب العرب والأجانب، لاستثمار رؤوس أموالهم داخل البلاد وإعادة المناخ الاقتصادي إلى سابق عهده.

وفي سياق متصل، اعتبر عدد من الصناعيين أن رفع العقوبات يمثل فرصة حقيقية للتعافي، خاصة في ظل ما شهدته سورية من تحديات اقتصادية كان لها أثر بالغ على مختلف القطاعات. وأشاروا إلى أن إزالة القيود المالية والتجارية تتيح إمكانية إعادة بناء البنية التحتية الصناعية واستقطاب الخبرات العالمية لدعم عمليات الإنتاج والإعمار، مما يعيد لسورية مكانتها الاقتصادية التي تليق بها.

بدوره، أكد رئيس غرفة صناعة دمشق وريفها محمد أيمن المولوي في حديث خاص لـ"العربي الجديد"، أن رفع العقوبات يمثل نقطة تحول جوهرية في مسيرة التعافي الاقتصادي، حيث يعيد الحيوية للقطاع الصناعي ويمهّد الطريق أمام استثمارات جديدة تدعم إعادة الإعمار. وأوضح المولوي أن هذه الخطوة تمكّن الصناعيين من تأمين المواد الأولية والمشتقات النفطية بسهولة أكبر، مما يؤدي إلى زيادة الإنتاجية وتحسين القدرة التنافسية للمنتج السوري في الأسواق الإقليمية والعالمية.

كما شدد على أن عودة الصناعيين المهجرين إلى البلاد، إلى جانب تدفق الاستثمارات المحلية والعربية والدولية، سيخلق بيئة مناسبة لازدهار القطاع الصناعي مجدداً. وأضاف أن رفع القيود يفتح المجال أمام تحديث خطوط الإنتاج واستيراد المعدات الصناعية الحديثة، مما يعزز عمليات التصنيع ويدعم التنوع في المنتجات، إلى جانب توفير فرص عمل واسعة تسهم في تقليل معدلات البطالة. ولفت إلى أن هذه التغييرات ستكون عاملاً أساسياً في تعزيز الصادرات السورية وإعادة الاقتصاد المحلي إلى مسار النمو المستدام.

أثر القرار على الزراعة والأمن الغذائي في سورية

أوضحت وزارة الزراعة أن انفتاح الاقتصاد سيسمح باستثمارات وحلول لمواجهة آثار الجفاف، مشيرة إلى أن رفع العقوبات لا يحل أزمة الجفاف بذاته، لكنه يوفر الوسائل والإمكانات التي تمكّن الحكومة والمزارعين من الاستجابة بكفاءة للجفاف عبر تحديث أنظمة الري وتحسين الإنتاجية وتقوية الأمن الغذائي.

في المقابل، أكد المهندس الزراعي والمدير التنفيذي في شركة "أكمافيد" مهند الأصفر في حديث لـ"العربي الجديد"، أن رفع العقوبات عن سورية يمثل خطوة محورية نحو تحقيق الأمن الغذائي وتفعيل دور البلاد في الاقتصاد العالمي، مشيراً إلى أن القطاع الزراعي يرتبط ارتباطاً وثيقاً بمختلف المجالات الاقتصادية.

وأوضح أن بوادر التفاؤل بدأت تلوح في الأفق، ولا سيما في القطاع الزراعي، الذي ظل يعاني لسنوات شللاً شبه تام بسبب القيود المفروضة، معتبراً أن هذا الانفراج يشكّل فرصة حقيقية لإعادة إحياء الزراعة، التي تُعد عصب الاقتصاد السوري ومصدر رزق لملايين الأسر. وأشار إلى أن مزارعي القمح كانوا من الأكثر تضرراً خلال السنوات الماضية، حيث واجهوا نقصاً حاداً في الوقود والأسمدة وارتفاعاً في أسعار البذور، مما حدّ من قدرتهم على تأمين الحد الأدنى من الأرباح لمواصلة عملهم. ومع رفع العقوبات، بات بالإمكان توفير التكنولوجيا المتقدمة اللازمة لأنظمة الري الحديث وتجديد البنية التحتية، مما يسهم في زيادة الإنتاجية وتحقيق استقرار أكبر للمزارعين.

وقال الأصفر إن كانت سورية قبل الحرب واحدة من أكثر الاقتصاديات النامية تنوعاً، حيث كانت تنتج 75 إلى 85% من احتياجاتها الغذائية والدوائية، إلى جانب صناعات الألبسة والأحذية، وكانت تصدّر الفائض إلى أكثر من 60 دولة. ومع رفع العقوبات، يُمكن لهذا الواقع أن يعود تدريجياً، عبر إعادة بناء القطاعات الإنتاجية وتحقيق اكتفاء ذاتي يحد من الحاجة إلى الاستيراد الخارجي".

وفي السياق، قال المهندس المتقاعد عدنان جمالو في حديث لـ"العربي الجديد"، قرار رفع العقوبات الاقتصادية يمثل فرصة حقيقية لتحسين الوضع المعيشي للمواطنين بعد سنوات من الصعوبات الاقتصادية التي أثرت بشكل مباشر على حياتهم اليومية. وأكد أن هذه الخطوة أعادت الأمل للسوريين، حيث باتوا يتحدثون اليوم عن مرحلة جديدة يمكن أن تشهد انتعاشاً اقتصادياً ينعكس إيجاباً على حياتهم.

وأضاف أن هذا القرار سيسهم في توفير السلع الأساسية بأسعار أقل، خاصة المواد الغذائية والدوائية، مما يخفف العبء الكبير الذي تحملته الأسر السورية في السنوات الماضية، حيث كان تأمين الاحتياجات اليومية تحدياً مستمراً في ظل ارتفاع الأسعار. كما أعرب عن تفاؤله بأن تحسّن قطاع الطاقة والخدمات سيكون أحد أبرز النتائج الإيجابية، مشيراً إلى أن استيراد المشتقات النفطية سيؤدي إلى استقرار التيار الكهربائي، ما سيخفف من المعاناة اليومية الناتجة عن الانقطاعات المستمرة، إلى جانب انخفاض تكاليف النقل والتدفئة، الأمر الذي يُحسّن من جودة الحياة اليومية للسوريين.

وأشار إلى أن توفير فرص العمل ورفع الأجور سيكون عاملاً رئيسياً في تحقيق الاستقرار المعيشي، موضحاً أن إعادة تشغيل المصانع المتوقفة ستفتح المجال أمام آلاف الشباب للعودة إلى سوق العمل، بعدما وصلت البطالة إلى مستويات غير مسبوقة خلال الأعوام الماضية. مضيفاً أن استقرار سعر الصرف بعد رفع القيود المالية والمصرفية سيُمكّن السوريين من استعادة جزء من قوتهم الشرائية، وهو ما يعيد التوازن للأسواق ويمنح المواطنين فرصة لعيش حياة أكثر استقراراً.

وشدد على أن إعادة الإعمار ستوفر بيئة جديدة للنمو الاقتصادي، حيث سيتم تطوير البنية التحتية، وبناء المدارس والمستشفيات والطرقات، مما يسهم في تحسين الخدمات العامة واستعادة الاستقرار الذي ينتظره السوريون منذ سنوات. وقال بحماس: "اليوم نشعر أن لدينا أملاً جديداً، لم يعد الحديث عن التعافي الاقتصادي مجرد حلم، بل أصبح واقعاً يمكن أن نراه يتحقق تدريجياً. السوريون يستحقون حياة كريمة، ورفع العقوبات قد يكون بداية هذا التحول."

Read Entire Article