ARTICLE AD BOX
التمارين الرياضية المكثفة تؤدي إلى تغييرات في بنية قلب الرياضي، لكن تلك التغيّرات تختلف بوضوح بين النساء والرجال، إذ إن قلب الرياضيات المحترفات يتكيّف بطريقة تختلف عن قلوب الرياضيين الذكور، وفقاً لدراسة حديثة أجراها باحثون في المركز الطبي في جامعة أمستردام.
أظهرت الدراسة، التي نُشرت في 2 يونيو/حزيران الحالي في مجلة European Heart Journal Cardiovascular Imaging، أنه في حين يلاحظ عند الرياضيين الذكور أن عضلة القلب تصبح أكثر سمكاً وتتسع في الوقت نفسه، فإن التغيير الأبرز لدى الرياضيات المحترفات هو اتساع حجرات القلب، من دون سمك كبير في العضلة نفسها.
هذا الفارق النوعي بين الجنسين في تكيف القلب مع المجهود البدني يمثل خطوة علمية مهمة من شأنها أن تحسّن دقة التشخيص الطبي، وتساعد الأطباء في التفريق بين التغيرات الطبيعية المرتبطة بالتمارين المكثفة والمؤشرات المبكرة إلى وجود أمراض قلبية محتملة لدى النساء، وفقاً للمؤلف الرئيسي للدراسة هارالد يورستاد، استشاري أمراض القلب في المركز الطبي بجامعة أمستردام في هولندا. يقول يورستاد، في تصريحات لـ"العربي الجديد": "لسنوات طويلة، كانت النساء ممثَّلات بضعف في أبحاث القلب، لا سيما في فرع القلب الرياضي. ولكن من خلال تعاوننا مع اللجنة الأولمبية الهولندية، تمكّنّا أخيراً من جمع بيانات دقيقة عن التكيّفات القلبية لدى النساء الرياضيات على مستوى النخبة".
أجرى الفريق البحثي تحليلاً لقلوب 173 امرأة رياضية من خلال التصوير بالرنين المغناطيسي، ما أتاح فحص بنية القلب بالتفصيل حتى على مستوى الأنسجة، ثم قارن الفريق هذه البيانات مع بيانات نساء لا يمارسن الرياضة الاحترافية. "ما لاحظناه أن حجرات القلب لدى النساء الرياضيات كانت أوسع مما لدى غيرهن، بينما لم يكن هناك سمك كبير في جدران القلب، وبدت الأنسجة طبيعية تماماً. على العكس من ذلك، فإن قلب الرجل الرياضي يظهر عادة عضلة أكثر سمكاً، وهي سمة قد تشبه ما نراه في بعض أمراض القلب"، يشرح المؤلف الرئيسي للدراسة.
يحمل هذا التفريق بين التغيرات الطبيعية وتلك المرتبطة بالأمراض أهمية بالغة، إذ إن الخطأ في التفسير قد يؤدي إلى عواقب غير مرغوب فيها. فمثلاً، قد تُمنع رياضية سليمة تماماً من الاستمرار في مسيرتها إذا جرى تشخيص قلبها خطأ بأنه يعاني من مرض ما، أو بالعكس، قد تُهمل أعراضٌ حقيقية لمرض قلبي خطير بسبب اعتبارها طبيعية ناتجة عن التمارين. يضيف يورستاد أنه من المهم أن نعرف ما يُعتبر طبيعياً في قلوب الرياضيين والرياضيات، حتى يتمكن الباحثون من تمييز الحالات التي تحتاج إلى متابعة دقيقة أو تدخل طبي. وفقاً للباحث، فإن هذا النوع من المعرفة يمكن أن يقي من مشكلات قلبية خطيرة، خاصة لدى النساء.
إلى جانب الفروقات بين الجنسين، تطرقت الدراسة أيضاً إلى الفروقات الناتجة عن نوع الرياضة نفسها. يوضح استشاري أمراض القلب أن المتخصصات في رياضات التحمّل، مثل ركوب الدراجات، يظهر لديهن أكبر حجم لحجرات القلب وأعلى كتلة لعضلة القلب، مقارنة برياضيات القوة مثل الجمباز. يقول يورستاد: "يدل هذا على أن طريقة تكيّف قلب الرياضية مع المجهود تعتمد أيضاً على طبيعة التدريب. فرياضات التحمّل تحدث تغيّرات أوسع نطاقاً مقارنة برياضات القوة".
تؤكد هذه النتائج أهمية مراعاة الجنس البيولوجي وتاريخ التدريب الرياضي عند تقييم صحة القلب، سواء للرياضيين المحترفين أو للهواة من أصحاب النشاط البدني العالي؛ فالمعايير التشخيصية الموحّدة التي تعتمد على نماذج الذكور فقط قد تؤدي إلى تشخيصات خاطئة لدى النساء. يختم يورستاد بالقول: "الهدف في النهاية هو توفير رعاية صحية دقيقة وآمنة للنساء الرياضيات. عندما نعرف كيف يتغير القلب لدى المرأة نتيجة الرياضة، نتمكن من تقديم استشارات أفضل، وتفادي حرمانها من ممارسة الرياضة من دون مبرر، أو تفويت فرصة الكشف المبكر عن مشكلات حقيقية. هذه المعرفة تحمي حياة النساء، وتدعم أداءهن الرياضي، سواء كن محترفات أو ممارِسات للرياضة باعتبارها جزءاً من نمط الحياة".
