ARTICLE AD BOX
تكثر المقارنات، مع تواصل العدوان الإسرائيلي على إيران، في الإعلام، بين الحرب المندلعة حالياً في الشرق الأوسط، والغزو الروسي لأوكرانيا. ويشمل ذلك تفاصيل كثيرة، من هجوم المسيّرات الأوكراني الكبير الذي استهدف أخيراً الداخل الروسي، وصولاً إلى ضرب أربع قواعد جوية روسية، إلى السيطرة الإسرائيلية على السماء الإيرانية، وهو "إنجاز" لم تتمكن روسيا من تحقيقه في حرب أوكرانيا المتواصلة منذ فبراير/شباط 2022، بحسب تقرير لصحيفة وول ستريت جورنال الأميركية، الاثنين.
وكتبت الصحيفة، أنه في غضون 48 ساعة فقط من بداية الهجوم، حققت إسرائيل التفوق الجوي فوق غربي إيران، بما فيها طهران، وبدأت تنفذ هجماتها وتلقي قنابلها من السماء الإيرانية، بدل الاعتماد على الصواريخ بعيدة المدى المكلفة. ورأت أنه إنجاز "لم تتمكن القوة الجوية الروسية العملاقة من تحقيقه خلال ثلاث سنوات ونصف السنة (تقريباً) من حرب أوكرانيا.
وقال الجيش الإسرائيلي أمس الاثنين إنه دمّر "ثُلث" منصات إطلاق صواريخ أرض-أرض الإيرانية، مع دخول التصعيد يومه الرابع. وقال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي إيفي ديفرين في تصريح متلفز، إن "أكثر من 50 طائرة وطائرة حربية نفذت غارات دمرت أكثر من 120 منصة إطلاق صواريخ أرض-أرض". وبحسب دفرين "هذا يشكل ثُلث منصات إطلاق الصواريخ التي يمتلكها النظام الإيراني"، مؤكداً تحقيق الجيش تفوقاً جوياً كاملاً في أجواء إيران.
حرب أوكرانيا مقابل حرب إيران
وبحسب الصحيفة، فإن الحربين الإسرائيلية الإيرانية والروسية الأوكرانية "مختلفتان في أوجه عدة"، منها أنه لا يوجد "مكون الحرب البرّية التقليدية بالنسبة للحملة الإسرائيلية"، ولكن وفق "وول ستريت جورنال"، فإن "هذين الصراعين، اللذين تراقبهما المؤسسات العسكرية حول العالم عن كثب، يؤكدان نظرية واضعي الخطط الحربية منذ عقود: السيطرة على الجو هي كل شيء، إذا أمكن الفوز بها".
اعتمدت إيران طويلاً على الردع الصاروخي وردع وكلائها
وبحسب الجنرال الأميركي المتقاعد ديفيد ديبتولا، وهو عميد معهد ميتشل للدراسات الجو - فضائية، فإن "الحملتين تظهران بشكل أساسي، أهمية التفوق الجوي، من أجل النجاح في تحقيق أهداف الحرب الإجمالية". ولفت في حديثه للصحيفة إلى أنه "في حالة الحرب الروسية الأوكرانية، فإننا رأينا ما يحصل عندما لا يملك أي طرف التفوق الجوي: جمود وانتقال إلى حرب الاستنزاف".
أما في الحرب الإسرائيلية على إيران، فإنها سمحت لإسرائيل بحرية التحرك والهجوم في المناطق التي لديهم فيها تفوق جوي". ونفذت الضربات الجوية الإسرائيلية بطائرات "أف 35" من الجيل الخامس، والتي أدخلت عليها إسرائيل تعديلاتها. وبعد تحييد معظم الدفاعات الجوية الإيرانية، انضمت مقاتلات أقدم، من طراز أف 15 وأف 16، إلى العدوان الإسرائيلي. وبحسب الصحيفة، فقد بدأت إسرائيل بإلقاء قنابل "جدام" (إنتاج بوينغ) و"سبايس" (إنتاج شركة رافاييل الإسرائيلية) الموجهة، وذات التكلفة المنخفضة، والتي لديها تأثير مدمر كبير.
وبرأي الماريشال البريطاني المتقاعد من سلاح الجو، مارتن سامبسون، والذي يدير حالياً مكتب الشرق الأوسط في المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية، فإن "الإسرائيليين لديهم حالياً القدرة على استخدام كل حزمة أسلحتهم الهجومية، بدرجة كبيرة وبكفاءة أكبر". وبحسب قوله للصحيفة، فإنه "من وجهة نظر إسرائيلية، فإن الهدف (من الحملة)، التدمير وإضعاف (القدرات النووية والباليستية والعسكرية لإيران)، أما إيران فليست لديها القدرة على فعل المثل (لإسرائيل)".
الثقافة الحربية عموماً، والتدريب المتقدم، والتجدد والابتكار مع دمجه بالقدرات الاستخبارية والسيبرانية، كل ذلك يقف وراء نجاح الإسرائيليين
واعتبرت صحيفة وول ستريت جورنال أن الإسرائيليين تعلموا من دون شكّ من دروس حرب أوكرانيا ومن الإخفاقات الروسية والنجاحات الأوكرانية، عندما خططوا لحملتهم، ولكن "بحسب المسؤولين العسكريين والمحللين، فإن أهم درس حتى الآن هو أن القوة الجوية الإسرائيلية هي بشكل جوهري قادرة أكثر من نظيرتها الروسية، كما أن أوكرانيا تتفوق على إيران بمسألة الدفاع".
تعلّم الطيران لا يكفي
من جهته، اعتبر الماريشال البريطاني المتقاعد، إدوارد سترينغر، الذي قاد الحملة الجوية على ليبيا في 2011، وقاد عمليات أخرى لصالح وزارة الدفاع البريطانية، في حديث للصحيفة، أن "الثقافة (الحربية) عموماً، والتدريب المتقدم، والتجدد والابتكار (في سلاح الجو) مع دمجه بالقدرات الاستخبارية والسيبرانية، كل ذلك يشكل السبب الأساسي وراء نجاح الإسرائيليين مقابل إخفاق الروس". وأضاف ساخراً: "كل ما لدى الروس، طيارون. يعلّمونهم قيادة المقاتلات، وهذا هو كل شيء".
نقطة أخرى جديرة بالمتابعة، وهي الاستثمار في الأنظمة الدفاعية. فبحسب صحيفة وول ستريت جورنا، فإنه "كما أوكرانيا، لا تملك إيران مقاتلات جوية قادرة على القتال مع العدو في الجو، لكن بخلاف أوكرانيا، فإن إيران أخفقت بشكل مثير في تنظيم دفاعات أرض – جو بطريقة كان بإمكانها إعاقة عمل طيران الخصم فوق أراضيها". وهذا الأمر، وفق "وول ستريت جورنال"، يعود بشكل أساسي إلى سوء الحسابات السياسية، فخلال عقود، لم تستثمر طهران جيداً في الدفاعات الجوية واعتمدت على عنصر الردع في قوتها الصاروخية وقوة وكلائها في المنطقة. وذكرت الصحيفة أن إيران لديها خليطاً غير متجانس مكون من أنظمة أس 300 وبطاريات صينية وأنظمة دفاع جوي مصنوعة محلياً، مشيرة إلى أن الدفاعات الجوية الأوكرانية، والتي كانت تعتمد بالأساس على أنظمة أس 300 وبوك السوفييتية الصنع، بدت أكثر متانة واندماجاً بكثير في عام 2022، مقارنةً بما ظهر عليه أداء الدفاعات الإيرانية بعد تعرضها لهجوم إسرائيلي.
