دونالد ترامب ناطقاً باسم الحرب الإسرائيلية على إيران

14 hours ago 2
ARTICLE AD BOX

لا شيء أوقف بنيامين نتنياهو عن ضرب إيران، بعد انتهاء مهلة الشهرَين بالتمام التي منحها الرئيس الأميركي دونالد ترامب لإيران من أجل إتمام صفقة نووية. هذا ما حاولت إدارة ترامب، الإيحاء به، تزامناً مع العدوان الإسرائيلي واسع النطاق الذي استهدف إيران، فجر أمس الجمعة، وظلّ متواصلاً طوال يوم أمس، والذي لاقته الإدارة الأميركية تباعاً بخلع قناع "الحياد" سريعاً، بعد محاولات لعب على حبل التسريبات المتناقضة والنأي بالنفس، لم تهدأ منذ انطلاق المفاوضات مع إيران في 12 إبريل/نيسان الماضي. سريعاً جداً، أصبح ترامب، الذي كان انسحب من الاتفاق النووي في 2018، وفرض أقسى العقوبات على إيران، يوم أمس، متحدثاً باسم العدوان، محمّلاً طهران مسؤولية إفشال عملية تفاوض لم تنجز أكثر من 5 جولات، ظلّت عالقة أساساً في فخّ الضغوط الإسرائيلية التي تماهى معها صقور واشنطن، مقابل رفض القيادة في طهران تفكيك برنامجها النووي.

منح ترامب إيران "فرصة" إنقاذ ما كان "إمبراطورية إيرانيّة

فرصة أخيرة

ومع منح ترامب، أمس، إيران "فرصة أخيرة" لإنقاذ "ما كان يعرف سابقاً بالإمبراطورية الإيرانية"، وعدم إخفائه شماتته برحيل "المتشدّدين" بعدوان إسرائيل، يرتسم مشهد جديد مع استعراض القوة العسكرية والاستخبارية الإسرائيلية، غير مسبوق في الشرق الأوسط وفي سمائه وأجوائه، وضع كلّه في إطار "العمل الاستباقي" ضد إيران بذريعة اقترابها من امتلاك القنبلة النووية، لكن تل أبيب ترى في عدوانها مكّملاً ضرورياً لمشروع الهيمنة منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023. كلّ ذلك، جعل أقلّ ما يقال عن القراءات الإعلامية في واشنطن، أمس، التي أبقت على الموقف الأميركي في إطار "المتشتت" والخاضع للمشيئة الإسرائيلية، بأنها "بدائية"، إذا لم تكن تضليلية موصوفة، إذ يستحيل إلغاء فكرة الضوء الأخضر الأميركي من القاموس، ناهيك عن جسر السّلاح الضروري والخبرة والدعم الاستخباري طويل الأمد. العدوان، الذي استمر أمس دون بوادر لجم أميركي، بل تهديد بـ"الأسوأ"، يطرح تساؤلات حول المدى الذي من الممكن أن يصل إليه "النهم" الأميركي الإسرائيلي بشأن إيران، في ظلّ تناغم تام بين الفريقَين الحاكمَين في واشنطن وتل أبيب، اليوم، حول شعار "السّلام من خلال القوة".

ولا يمكن فصل العدوان الإسرائيلي أمس، على إيران، عن شعار إدارة دونالد ترامب واستراتيجية فريقه للأمن القومي ووزارة الدفاع (بنتاغون) "السلام من خلال القوة"، وعن جملة تفاصيل سبقت العدوان، ومن بينها حملة التسريبات التي ظلّت مواكبة لسير عملية التفاوض غير المباشر بين واشنطن وطهران، التي عبّرت جميعها عن رغبة ترامب بإبرام صفقة مع إيران، وسعيه لتجنيبها عدواناً إسرائيلياً ظلّ شبحه مهيمناً فوق غرف التفاوض في مسقط أو روما. وبغض النظر عن حملة "التمويه" الأميركية التي سبقت الضربات الإسرائيلية واسعة النطاق، إذ إنّه رغم قرار الإدارة إجلاء دبلوماسيين من العراق، وتحذير الدبلوماسيين الأميركيين للحد من تحركاتهم في الأراضي المحتلة، كانت التسريبات والتصريحات تتوالى بأن العدوان ليس حتمياً بالضرورة، وأن المبعوث الأميركي ستيف ويتكوف سيتوجه الأحد (يوم غد) إلى مسقط، لعقد جولة سادسة من المفاوضات مع وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي، إلّا أن ترنح عملية التفاوض بشدّة أخيراً، والتي أصبحت اليوم في مهب الريح، جعل الغلبة داخل إدارة ترامب، تنحو بشدة لصقورها المتوافقين مع تل أبيب، على أن الفرصة سانحة وقد لا تتكرر كما هي اليوم لضرب إيران، ما جعل ترامب يجاهر بأن العدوان قد يسّهل عملية التفاوض بشروط واشنطن الأقرب إلى الاستسلام، أو يفجرّها. وحتى لو كان الرئيس الأميركي دونالد ترامب شخصياً، قد أبدى انفتاحاً لمنح المفاوضات وقتاً، أو تلييناً لبعض الشروط، إلّا أن تكتلاً قوياً سياسياً وعسكرياً داخل إدارته، وتصميماً إسرائيلياً على "استكمال المهمة" سريعاً، كانت لهما الغلبة في نهاية المطاف.

دونالد ترامب: القادم أسوأ

وكتب الرئيس الأميركي دونالد ترامب على منصته تروث سوشال، إنه حذّر إيران مسبقاً من الخيار العسكري الذي وصلت إليه، وقال إنّه أخبرها بأن "الولايات المتحدة تصنع أفضل وأكثر المعدات العسكرية قوة وفتكاً في أي مكان حول العالم، وبفارق كبير، وأن إسرائيل تملك الكثير منها، وهناك الكثير الذي سيصلها بعد، وهم يعرفون كيف يستخدمونه"، واعتبر أن "الوقت حان لإنهاء هذا الوضع مع الأخذ في الاعتبار أن الهجمات المقبلة المخطط لها بالفعل ستكون أكثر عدوانية"، ورأى أنه يتوجّب على إيران "التوصل إلى اتفاق قبل أن يذهب كل شيء وإنقاذ ما كان عرف سابقاً بالإمبراطورية الإيرانية"، وبرّر ترامب العدوان قائلاً: "لقد منحت إيران فرصة بعد فرصة لإنجاز اتفاق. لقد أخبرتهم، بأقوى الكلمات، بأن ينجزوا صفقة، ولكن بغضّ النظر عن مدى محاولتهم، أو قربهم من ذلك، فإنهم لم يتمكّنوا من إنجازها. لقد أخبرتهم أن (العدوان) سيكون أسوأ من أيّ شيء عرفوه سابقاً. بعض المتشدّدين في إيران تحدثوا بشجاعة، ولكنّهم... ماتوا جميعهم اليوم، والأمور ستسوء. لقد حصل حتى الآن دمار وموت كبيران، ولكن لا يزال هناك وقت لوقف هذه المذبحة"، مضيفاً "افعلوا ذلك قبل فوات الأوان".
وكانت شبكة فوكس نقلت عن ترامب، الخميس، أن "الولايات المتحدة ستدافع عن نفسها وستساعد في الدفاع عن إسرائيل إذا احتاجت للمساعدة"، وذلك بعد بدء العدوان، وأكّد ترامب لـ"فوكس" أنه كان على علم بموعد العدوان، وأنه ينتظر ليرى ردّ فعل إيران، وأنه يرغب في استكمال المفاوضات معها "لكنّه ينتظر خصوصاً أن هناك قادة لن يكونوا موجودين"، كما نقلت عنه "فوكس" أن "إيران لن تمتلك قنبلة نووية"، وقالت إنه "أبلغ الحلفاء في الشرق الأوسط بالهجوم، وإنّ الولايات المتحدة لن تكون مشاركة"، ونقلت عن مصادر رفيعة أن واشنطن جدّدت مخزون صواريخ القبة الحديدية الإسرائيلية أخيراً.

شنّ الديمقراطيون في واشنطن هجوماً على موقف إدارة ترامب

من جهته، تجنّب وزير الخارجية ماركو روبيو، إبداء الدعم المباشر للعدوان، قائلاً "إن إسرائيل اتخذت موقفاً أحادياً ضدّ إيران، وإن الولايات المتحدة ليست مشاركة في الضربات"، مضيفاً أن "الأولوية الأولى هي حماية القوات الأميركية في المنطقة"، وأضاف أن إسرائيل أبلغت الولايات المتحدة أنها "تعتقد أنّ هذا الإجراء ضروري للدفاع عن نفسها".

وشنّ الديمقراطيون في واشنطن، هجوماً على موقف إدارة ترامب، واعتبروه "متهوراً"، وقال السيناتور كريس مورفي إنّ "هجوم إسرائيل على إيران الذي يهدف بوضوح إلى إجهاض مفاوضات إدارة ترامب مع إيران، تهدّد باندلاع حرب إقليمية ستكون على الأرجح كارثية على أميركا، ويظهر على نحوٍ إضافي كم أن القوى العالمية بما فيها حلفاؤنا، تبدي للرئيس ترامب القليل جداً من الاحترام"، وأضاف: "إيران لم تكن لتصبح قريبة من امتلاك قنبلة نووية، لو لم يجبر ترامب ونتنياهو الولايات المتحدة على الانسحاب من الاتفاق النووي الذي كان جعل أوروبا والصين وروسيا تقف جميعها خلاف بلادنا لاحتواء طموحات إيران النووية"، وختم بأنها "كارثة من صنع ترامب ونتنياهو".

وفي تعليق له على مآلات الملف الإيراني، اعتبر بريت بروين، وهو مستشار سابق للسياسة الخارجية للرئيس الأسبق باراك أوباما، في حديث لوكالة رويترز، أن "دبلوماسية ترامب هي إحدى أولى ضحايا الهجمات الإسرائيلية"، لافتاً إلى إيران "بدت أنها صاحبة أكثر ملف واعد لتحقيق نجاح، وأفسده نتنياهو"، لكن بحسب الوكالة فإن "بعض حلفاء ترامب يقرّون سرّاً بأن جهوده الدبلوماسية متعثرة بالفعل حتى من قبل العدوان.

وبينما يمكن لإسرائيل على الأرجح أن تلحق ضرراً واسعاً بإيران، إلّا أن الخبراء يعتبرون أن تنفيذ عدوان بأثر أكثر استمراراً ليس ممكناً من دون الدعم الأميركي. وكان الإعلام الإسرائيلي لم يتوقف عن شرح موقف قائد القيادة المركزية الأميركية مايكل كوريلا، المقتنع بصوابية ضرب إيران حالياً، والذي أكد قبل أيام فحسب أنّ خطط الضربات جاهزة، ما أطاح طموحاتِ دونالد ترامب بوصفه "صانع سلام".

Read Entire Article