دونالد ترامب يحذر من أنه “سيفرض إجراءً” إذا لم يبادر الاحتياطي الفيدرالي إلى خفض معدلات الفائدة، لكنّ بقاء باول (Powell) في منصبه يظل محفوظاً

17 hours ago 2
ARTICLE AD BOX
الرئيس الأمريكي دونالد ترامب متحدثاً خلف المنصة الرئاسية وفي الخلفية العلم الأمريكي

صعَّد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لهجة نزاعه العلني مع رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول (Jerome Powell) بعد وصفه “بالأحمق”، لكنه تعهد -في ذات الوقت- بعدم إقالته من منصبه رغم شعوره بإحباطٍ متزايد نتيجة إحجام الفيدرالي عن خفض معدلات الفائدة؛ فخلال حديثه في البيت الأبيض أمس الخميس، وجَّه ترامب أقصى انتقاداته للسياسة النقدية التي يتبعها باول، مدّعياً أن خفض معدلات الفائدة بمقدار 1% فقط سيوفر للولايات المتحدة 300 مليار دولار سنوياً، فيما يُمكن لخفضها بمقدار 2% لتوفير قرابة 600 مليار دولار.

لماذا يريد ترامب “فرض إجراءٍ ما”؟

يُمثل آخر اعتداءات ترامب اللفظية ثالث استهدافٍ علني من قِبلِ إدارته لباول خلال يومين، وقد سبقته انتقاداتٌ مشابهة من وزير التجارة هاوارد لوتنيك (Howard Lutnick) ونائب الرئيس جي دي فانس (JD Vance)، واللذين اتهما الفيدرالي “بسوء إدارة السياسات النقدية”.

The president has been saying this for a while, but it's even more clear: the refusal by the Fed to cut rates is monetary malpractice. https://t.co/HqUjWxwcHs

— JD Vance (@JDVance) June 11, 2025

وتنبع حملة الضغط المنسق من نفاد صبر إدارة ترامب تجاه استقلالية الفيدرالي، وبخاصةٍ مع اقتراب مواجهة الرئيس لضغوط انتخابات التجديد النصفي وسعيه لاستعراض قدراته الاقتصادية، لكن ترامب توقف عن التهديد بإقالة باول من منصبه على الرغم من تكرار وصفه بصاحب القرارات “المتأخرة” وتساؤله عن سبب إثارة قرار طرده من رئاسة البنك المركزي للجدل، مشيراً -بدلاً من ذلك- إلى “إمكانية فرض إجراءٍ ما” إذا لم يبدأ إطلاق سلسلة خفض معدلات الفائدة قريباً.

ويبدو أن توقيت انتقادات ترامب يحمل بُعداً إستراتيجياً نظراً للبيانات الجديدة الخاصة بالمؤشرات الاقتصادية، والتي تكشف عن تباطؤ معدلات التضخم وتراجع أسعار الطاقة الأحفورية نتيجة اتباع نهج مواصلة التنقيب كجزء من سياساته المتعلقة بالطاقة، والمُسمّاة “استمروا بالحفر”.

مخطط بياني شهري يوضح تراجع معدلات التضخم الأمريكي على أساس شهريبيانات معدل التضخم الأمريكي، المصدر: TradingEconomics

يُذكر أن ولاية باول الحالية ستنتهي في شهر أيار/مايو 2026، وقد لمَّح ترامب إلى اقتراب تصريحه عن إعلان مهم حول مرشحه لتولي الولاية التالية، ويرى خبراء هارفارد القانونيون أن ترامب لديه الصلاحية الدستورية لإقالة باول، لكن هذه الخطوة قد تعصف بالأسواق وتضعف موثوقية الاحتياطي الفيدرالي باعتباره الجهة المَنوطة بمكافحة التضخم، ما قد يفضي إلى ازدياد معدلات الفائدة على المدى الطويل حتى لو تم خفضها مبدئياً.

حملة الضغط الرئاسي تفاقم الجدل حول استقلالية الفيدرالي

تُمثل المواجهة المتصاعدة بين ترامب وباول صداماً مؤسسياً متعلقاً بمدى استقلالية الاحتياطي الفيدرالي وما يترتب عليه من تبعاتٍ دستورية واقتصاديةٍ عميقة، وينبع إحباط ترامب من إيمانه بأن معدلات الفائدة الحالية تتسبّب بتبعاتٍ يُمكن تجنبها متعلقة بتكلفة الاقتراض، خاصةً في ظل ما تواجهه الحكومة من التزامات الاستدانة قصيرة الأمد، والتي أقرتها إدارة بايدن.

بيانات تظهر استمرار تراجع معدلات الفائدة في دول الاتحاد الأوروبيبيانات خفض معدلات الفائدة الأوروبية، المصدر: المصرف المركزي للاتحاد الأوروبي

من ناحيته، ذكر ترامب -في جداله- مبادرة الدول الأوروبية إلى خفض معدلات الفائدة 10 مراتٍ دون اتباع الاحتياطي الفيدرالي هذا النهج ولو لمرة واحدة رغم تشابه الظروف الاقتصادية وتراجع مؤشرات التضخم؛ ويرى الخبراء أن قانون الاحتياطي الفيدرالي لعام 1913 يسمح بتنحية حاكم المصرف المركزي الأمريكي “لسبب وجيه”، لكن القرارات الحديثة للمحكمة العليا أزالت تدريجياً عبارة “لسبب وجيه” التي استمرت الوكالات المستقلة بحمايتها لمدة 85 عاماً.

حول ذلك، تحدث خريج كلية القانون في جامعة هارفرد والعضو السابق بمجلس إدارة الاحتياطي الفيدرالي دانييل تارولو (Daniel Tarullo) عن تلميح ثلاثة قضاة محافظين إلى إمكانية معاملة الاحتياطي الفيدرالي بشكلٍ مختلفٍ عن بقية الوكالات، وربّما وضع استثناء مُستوحًى من تاريخ المصرف المركزي الذي بدأ منذ عهد المَصرَفين الأول والثاني للولايات المتحدة.

غير أن آليات السوق قد تتكفل بحماية باول أكثرَ من القانون؛ إذ يُمكن لطرده إثارة ردود فعل فورية وعنيفة في الأسواق قد تعيق أهداف ترامب الاقتصادية، ويشكل هذا التقلب المتوقع رادعاً قوياً في وجه الرئيس الحالي، خاصةً مع سعي وزير الخزانة سكوت بيسنت (Scott Bessent) إلى الحفاظ على عوائد سندات الخزانة مُستحقة الدفع لأجل 10 سنواتٍ مستقرة، ما يُعد ضرورياً لاتخاذ القرارات الاستثمارية والاقتصادية.

وتدعم البيانات الأخيرة للمؤشرات الاقتصادية توجه ترامب لاتباع نهج التيسير النقدي بشكل فوري؛ إذ تكشف بيانات التضخم استقراراً مستمراً للمعدلات وانخفاضاً لتكاليف الطاقة بفضل توسع استخراج النفط محلياً.

مخطط بياني شهري يظهر تراجع تكاليف استخراج الطاقة محلياً
بيانات التضخم المتعلقة بتكاليف الطاقة الأمريكية، المصدر: TradingEconomics

في النهاية، ساهمت قراءات مؤشر أسعار المنتجين (PPI) لشهر أيار/مايو بتهدئة المخاوف المتعلقة بإمكانية ازدياد التضخم بشكلٍ حاد نتيجة حرب الرسوم الجمركية، ولعلَّ ذلك ما شجع الإدارة كي تضغط على الاحتياطي الفيدرالي وسط ترقب الأسواق بدء سلسلة خفض معدلات الفائدة لاحقاً هذا العام.

The post دونالد ترامب يحذر من أنه “سيفرض إجراءً” إذا لم يبادر الاحتياطي الفيدرالي إلى خفض معدلات الفائدة، لكنّ بقاء باول (Powell) في منصبه يظل محفوظاً appeared first on Cryptonews Arabic.

Read Entire Article