ARTICLE AD BOX
رحل ظهر اليوم الخميس الشاعر العراقي موفق محمد، عن عمر ناهز 77 عامًا، بعد صراع مع أزمة صحية ألمّت به خلال الأسابيع الأخيرة. وكان محمد قد أُدخل المستشفى قبل نحو شهر، حيث خضع للعلاج المكثف دون أن تسعفه محاولات الأطباء، ليرحل اليوم تاركًا إرثًا شعريًا عميقًا في الذاكرة العراقية.
ولد موفق محمد عام 1948 في مدينة الحلة بمحافظة بابل، ويعدُّ من أبرز شعراء المحافظة والعراق عمومًا. بدأت رحلته مع الكتابة في الصحف العراقية منذ ستينيات القرن الماضي، وتميّزت قصائده بمزج الألم الوطني بالهمّ الإنساني، ما أكسبه لقب "شاعر الوجع العراقي". برزت أهميته في الشعر العراقي عبر تواصله المستمر بين حاجة المجتمع للأدب من جهة، وبين توثيق هموم الفقراء من جهة أخرى، فكان لسان الشعب والمهمشين.
وكان الاتحاد العام للأدباء والكتّاب في العراق قد نعى الشاعر الراحل في بيان رسمي، مؤكدًا أن "موفق محمد كان رائدًا من روّاد كتابة الحزن العراقي، وواحدًا من الأصوات التي جسّدت واقع الوطن بكل صدق ومرارة". وأضاف البيان أن "الراحل مثّل الجسر الذي ربط بين حاجة المجتمع للأدب، وبين هموم الفقراء والمهمشين، فكان صوتهم ولسان حالهم في مواجهة القهر والتجاهل".
تميّزت تجربة موفق محمد الشعرية بمزاوجة نادرة بين الفصيح والشعبي، وبين السخرية والوجع، وبين البساطة والعمق، مما جعلها قريبة من الناس، لا سيما أولئك الذين أنهكتهم الحروب والتحولات السياسية في العراق. لم يتوانَ عن نقد الواقع، ولم يتصالح مع القبح، بل فضح تناقضاته شعريًا بكلمات تشبه الطلقات، ولهذا بقي محطّ احترام الأجيال المتعاقبة من الأدباء والمتذوقين.
ترك صاحب "عبديئيل" (2000) العديد من الأعمال الشعرية، من أبرزها: "بالتربان ولا بالعربان" (2005)، و"غزل حلي" (2007)، و"سعدي الحلي في جنائنه" (2016)، إضافة إلى مجموعة قصصية بعنوان "مُشتاق" (2018). ويُذكر أن للراحل تمثالًا شُيّد تكريمًا له وهو على قيد الحياة في مدينة الحلة، وهو حدث نادر في الثقافة العراقية، يجسّد مكانته الكبيرة في قلوب أبناء مدينته.
