ARTICLE AD BOX
وصل الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى السعودية الثلاثاء في زيارة تستغرق أربعة أيام لمنطقة الخليج، وهي أول زيارة خارجية رئيسية له منذ توليه منصبه إن استثنينا سفره القصير إلى الفاتيكان للمشاركة في دفن بابا الكاثوليك، فرنسيس قبل أسبوعين. ويركز ترامب خلال جولته على عقد صفقات اقتصادية يطمح بأن تكون بتريليونات الدولارات، بينها تريليون دولار من السعودية كان قد طالب بهاعلى هيئة استثمارات خلال مداخلته في منتدى دافوس الاقتصادي في مطلع العام الحالي، بعدما عرض ولي العهد محمد بن سلمان مبلغ 600 مليون دولار من الاستثمارات.
وعلى وقع هذا التصور، حل ترامب برفقة نخبة من قادة الأعمال الأميركيين المؤثرين في الرياض، مقر منتدى الاستثمار السعودي الأميركي. ووصف الرئيس الأميركي ولي العهد السعودية بالصديق، وأشاد باستثمارات المملكة في الولايات المتحدة، مؤكدًا أنها ستخلق فرص عمل. وقال ترامب مازحا إن الـ600 مليار دولار التي تعهد بها ولي العهد يمكن أن تصل إلى تريليون دولار. وأضاف ترامب "أعتقد حقًا أننا نحب بعضنا البعض كثيرًا".
وقع ولي العهد السعودي والرئيس الأميركي "وثيقة الشراكة الاقتصادية الاستراتيجية" بين البلدين، إضافة إلى اتفاقيات أخرى في مجالي الطاقة والدفاع، أبرزها اتفاقية بين وزارتي الدفاع في البلدين بشأن تطوير وتحديث قدرات القوات المسلحة السعودية. كما وقعا مذكرة تعاون في مجال التعدين والموارد التعدينية بين وزارة الصناعة والثروة المعدنية في المملكة ووزارة الطاقة بالولايات المتحدة.
ويحتل الطيران والدفاع مكانة بارزة في جدول أعمال ترامب في الرياض، حيث من المتوقع أن تشتري السعودية معدات عسكرية أميركية الصنع بمليارات الدولارات. وقد وافقت الولايات المتحدة بالفعل على بيع أسلحة للمملكة بقيمة تُقدر بـ 3.5 مليارات دولار، بما في ذلك صواريخ وأنظمة توجيه. وتستفيد السعودية من صفقة مع الولايات المتحدة عبر الوصول إلى أشباه الموصلات المتقدمة، مما يمهد الطريق لزيادة سعة مراكز البيانات في الدولة الخليجية، وفقًا لوكالة "بلومبيرغ".
وقد أدى نبأ الصفقة الثلاثاء إلى محو خسائر أسهم شركة إنفيديا، والرئيس التنفيذي للشركة، جينسن هوانغ، أحد قادة الأعمال الذين كانوا حاضرين في منتدى الرياض. وصرّح الرئيس التنفيذي لأرامكو السعودية، أمين الناصر، بأن الشركة تخطط لإنفاق 3.4 مليارات دولار لتوسيع مصفاتها في الولايات المتحدة. وأضاف الناصر أن الشركة تسعى أيضًا إلى التوسع في مجال الغاز الطبيعي المسال في الولايات المتحدة. كما يسعى صندوق الثروة السيادية السعودي إلى شراء 30 طائرة أحادية الممر من شركة بوينغ.
ويخطط صندوق الاستثمارات العامة لشراء طائرات 737 ماكس من شركة تأجير الطائرات "أفيليس". وتأمل المملكة العربية السعودية أن يبدأ المستثمرون الأجانب قريبًا بلعب دور أكبر في مشروع رؤية 2030. لا تبحث المملكة عن رأس مال لمساعدتها على تحمل عبء الإنفاق الضخم فحسب، بل تحتاج أيضًا إلى دخول الشركات الأجنبية، ومشاركة خبراتها، وتدريب الكوادر المحلية في الصناعات التي لا تزال في طور الانطلاق. والهدف الرسمي للمملكة هو جذب أكثر من 100 مليار دولار سنويًا من الاستثمارات الأجنبية بحلول بداية العقد المقبل.
وكان ثلاثة من المديرين التنفيذيين قد قضوا معظم وقتهم في الحديث مع دونالد ترامب وولي العهد السعودي محمد بن سلمان هم إيلون ماسك، وجون إلكان، رئيس مجلس إدارة شركة ستيلانتيس، وجيري إنزيريلو، صاحب الفنادق المولود في بروكلين والذي عمل سابقًا في صناعة الألعاب. وقال وزير الاستثمار السعودي خالد الفالح في افتتاح المنتدى: "في حين تظل الطاقة حجر الزاوية في علاقتنا، فإن الاستثمارات وفرص الأعمال في المملكة توسعت وتضاعفت مرات عديدة".
وأضاف قبل وصول ترامب أنه "نتيجة لذلك، عندما يتعاون السعوديون والأميركيون تحدث أشياء جيدة للغاية، وفي أغلب الأحيان تحدث أشياء عظيمة عندما تتم هذه المشاريع المشتركة". وانطلق منتدى الاستثمار السعودي الأميركي بعرض فيديو يظهر النسور والصقور المحلقة ويحتفل بالتاريخ الطويل بين الولايات المتحدة والمملكة.
وفي مقدمة قاعة فخمة جلس لاري فينك الرئيس التنفيذي لشركة بلاك روك، وستيفن شوارتزمان الرئيس التنفيذي لشركة بلاكستون، ووزير الخزانة سكوت بيسنت، ووزير المالية السعودي محمد الجدعان والفالح.
في حديثه خلال ندوةٍ نُظمت بمناسبة وصول ترامب إلى الرياض، قال فينك إنه زار السعودية أكثر من 65 مرة على مدار 20 عامًا. وأضاف أن المملكة كانت تابعةً له عندما بدأ زيارته، لكنها الآن "تسيطر" على الوضع وتُوسّع اقتصادها بالاعتماد على النفط.
وركز ولي العهد السعودي على فطام اقتصاد المملكة عن الاعتماد على الهيدروكربونات في برنامج إصلاحي كبير أطلق عليه رؤية 2030 والذي يتضمن "مشاريع عملاقة" مثل نيوم، وهي مدينة مستقبلية بحجم بلجيكا. وقال الجدعان، خلال المنتدى، إن حجم الاستثمارات السعودية في الولايات المتحدة مذهل ويعكس قوة العلاقات الاقتصادية بين البلدين. فيما شددت سارة السحيمي، رئيس مجلس إدارة مجموعة تداول السعودية القابضة، على أن رؤية 2030 حولت السعودية إلى وجهة استثمارية يمكن الاعتماد عليها، وهذا ما تثبته الأرقام. وأكد لاري فينك، الرئيس التنفيذي لشركة بلاك روك، أن السعودية تحولت إلى مركز عالمي مهم لاستقطاب الاستثمارات، إذ انتقلت من كونها اقتصادًا مُصدّرًا لرؤوس الأموال إلى وجهة جاذبة لها، مبينا أن الجميع أصبح يتخذ فيها مقرات إقليمية.
وقال ستيفن شوارزمان الرئيس التنفيذي لمجموعة بلاكستون، إن المجموعة أبرمت صفقة مع صندوق الاستثمارات العامة وتوقعت تحقيق معدل عائد تقليدي يصل في المتوسط إلى 9% على الاستثمار في البنية التحتية إلا أن العائد تضاعف وحصلت على 17.5%. وقال جيمس ديلوكا الرئيس التنفيذي لشركة سير، إن الشركة تقوم بإطلاق صناعة كاملة للسيارات الكهربائية في السعودية، ولديها شراكات مع مؤسسات عالمية ضمن عملياتها في السعودية.
وشرح مارك وينترهوف، الرئيس التنفيذي المكلّف لشركة لوسيد، أن هناك جهودًا كبيرة تُبذل ضمن برامج مشتركة مع صندوق الاستثمارات العامة لتأهيل الكوادر الوطنية، من خلال تدريبهم على اتلعمل في المصانع داخل المملكة، بالإضافة إلى إرسالهم إلى الولايات المتحدة الأميركية لفترات تدريبية تستمر لستة أشهر قبل عودتهم للعمل محليًا، مبينا أن أكثر من 65% من موظفي شركة لوسيد في المملكة مواطنون سعوديون.
