ARTICLE AD BOX
السليمانية / سوزان طاهر
زادت الأزمة المالية من معاناة سائقي "التكسي" في مدن إقليم كردستان، فتأخر صرف الرواتب، وارتفاع معدلات البطالة، جعل الآلاف من الموظفين يلجأون للعمل في هذا المجال.
ومنذ أعوام، يعاني ملايين الناس في اقليم كردستان أوضاعا حياتية صعبة للغاية، بسبب تلكؤ وصول المستحقات المالية لأكثر من مليون موظف ومتقاعد بصورة شهرية منتظمة.
ولأن طبيعة الحراك الاقتصادي بشقيه الاستهلاكي والإنتاجي متداخلة ومترابطة إلى حد كبير، فأن "ازمة" الرواتب في الإقليم لم تقتصر وتنحصر في تداعياتها واسقاطاتها على الموظفين والمتقاعدين والفئات الأخرى التي تتقاضى رواتب حكومية، وانما امتدت الى مختلف الشرائح الاجتماعية.
ولم تفلح الحلول والمعالجات الجزئية الترقيعية في احتواء وتطويق "الازمة" ان لم تكن قد زادت من تعقيداتها وتشابكاتها مع مرور الوقت.
سواق "التكسي" واحدة من الشرائح الاجتماعية التي كانت ضحايا للأزمة المالية والاقتصادية، وانخفض معدل عملها، وإيراداتها بشكل كبير.
قرار حكومي
هونر حسين وهو عضو اتحاد النقل في السليمانية أشار إلى أن جملة أسباب كانت وراء تراجع عمل سوق "التكسي" في إقليم كردستان.
وبين في حديثه لـ(المدى) أن "السبب الأول يعود لقرار وزارة الداخلية في إقليم كردستان والذي سمح لكل موظف راتبه أقل من مليون دينار بالعمل كسائق أجرة، وهذا الأمر، أدى لزيادة كبيرة في أعداد السائقين".
وأضاف أن "ارتفاع أسعار الوقود هو الآخر جعل إيرادات مهنة سائق "التكسي" قليلة جدا، مقارنة بما يحصل عليه من دخل يومي، وبالتالي هذه الشريحة هي الأكثر تضرراً".
وكانت حكومة إقليم كردستان قد أصدرت عام 2019، قراراً يخص عناصر البيشمركة وشرطة المرور وجميع قوات الأمن الأخرى، يمنعهم من العمل كسائقي تكسي، اذا تجاوزت رواتبهم 600 ألف دينار.
ثم أصدرت قرارا آخر ينص على أن أي موظف حكومي يتقاضى أقل من مليون دينار يمكن له العمل كسائق سيارة أجرة بشرط وضع شعار المدينة على سيارته. وتتسبب الأزمة الاقتصادية التي يعاني منها إقليم كردستان، في تراجع فرص العمل في مختلف القطاعات، وتفاقم البطالة بين الشباب.
قلة فرص العمل
ويشرح الخبير الاقتصادي عثمان كريم أسباب تزايد معاناة سواق "التكسي" ويؤكد أن أغلبها عائد لسوء التنظيم.
وأوضح في حديثه لـ(المدى) أن "حكومة الإقليم كان عليها منع أي موظف يتقاضى راتبا حكوميا من العمل بمهنة سائق "التكسي" كما أن عليها تخصيص محطات وقود معينة تبيع "البنزين" بأسعار مدعومة حكومية لهم".
وذكر أنه "بسبب البطالة وقلة فرص العمل وتأخر صرف رواتب الموظفين، فإن الآلاف من المواطنين لجأوا إلى شراء سيارات الأجرة، لاستسهال العمل، وكون هذه المهنة لا تحتاج إلى رأس مال كبير، وجهد عالي".
وأردف أنه "مدن الإقليم شهدت خلال العامين الأخيرين زيادة كبيرة في عدد سيارات "التكسي" بنسبة تفوق الـ 25% عن الأعوام السابقة، وهذا بسبب الإقبال الكبير على شراء تلك السيارات، من كل شرائح المجتمع". وحذر مسؤولون ونواب من تبعات استمرار الأزمة المالية في محافظات إقليم كردستان، في ظل تعطل مئات المشاريع الحيوية وإفلاس شركات تجارية، فيما كشف رئيس الحكومة مسرور بارزاني عن أنه يعمل لتأسيس بنية اقتصادية متينة، ستظهر نتائجها في المستقبل القريب على رغم شدة الأزمات. وطالب عدد من سائقي "التكسي" حكومة إقليم كردستان بالنظر إلى معاناتهم ومحاولة إيجاد الحلول لها.
تزاحم على المهنة
داريان وهو سائق أجرة في السليمانية أكد أنه، بسبب التزاحم للعمل في هذه المهنة، فإنه بات من الصعوبة الحصول على الإيرادات اليومية، نتيجة وجود المئات من السائقين الذين يعملون في الشارع. وأشار في حديثه لـ(المدى) إلى أن "ارتفاع سعر الوقود، وخاصة في فصل الصيف، وقل الأشخاص الذين يستخدمون سيارات الأجرة، بسبب الأزمة المالية، ضاعف من معاناتنا".
وتابع أن "الحكومة مطالبة بإصدار قرارات منصفة، ومنها، إيقاف استيراد سيارات "التكسي"، وفرض ضريبة عالية على الاستيراد، ودعمنا بالوقود بأسعار مخفضة، لكي نستطيع العمل، وتوفير قوت يومنا".
فيما طالب دابان محمود بتسجيل جميع سواق "التكسي" في نقابات خاصة بهم، ودفع اشتراكات لتلك النقابة، ومنع العمل العشوائي بهذه المهنة، كي لا تصبح مهنة للجميع".
ويعاني إقليم كردستان من أزمة مالية خانقة منذ سنوات، بسبب الخلافات المستمرة بين الحكومة الاتحادية وحكومة الإقليم على ملف إرسال رواتب الموظفين. هذا الأمر أدى لتأخر صرف الرواتب، والذي يصل أحياناً إلى أكثر من خمسين يوماً، الأمر الذي رفع من معدلات الفقر والبطالة، وزاد من معاناة المواطن الكردي.
The post سائقو "التكسي" ضحايا الأزمة المالية في كردستان appeared first on جريدة المدى.