ARTICLE AD BOX
اللقاء الذي جمع الرئيسين الأميركي دونالد ترامب والسوري أحمد الشرع في العاصمة السعودية الرياض، في 14 أيار/مايو الجاري، برعاية ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، كان الخطوة المفتاحية الأساسية لمسار تطور العلاقات بين واشنطن ودمشق، التي يبدو أنها تسير نحو انفراجات مهمة، سيكون لها تأثير إيجابي سياسياً واقتصادياً وأمنياً، إذا أحسنت الحكومة السورية التعامل معها.
فقد أصدر مكتب "مراقبة الأصول الأجنبية" التابع لـوزارة الخزانة الأميركية فجر السبت 24 أيار "الترخيص العام رقم 25 لسوريا، وذلك لتخفيف العقوبات المفروضة عليها فوراً، تماشياً مع إعلان الرئيس الأميركي وقف كل العقوبات المفروضة عليها"، وذلك وفق بيان نشرته الوزارة في موقعها الرسمي. ويسمح الترخيص العام رقم 25 بإجراء المعاملات المحظورة بموجب لوائح العقوبات المفروضة على سوريا، ما يرفع العقوبات المفروضة عليها فعلياً.
هذا البيان رحّبت به سوريا التي التقى رئيسها أحمد الشرع، يرافقه وزير خارجيته أسعد الشيباني، المبعوث الخاص للولايات المتحدة إلى سوريا توم باراك، وذلك على هامش زيارة الشرع لتركيا، في زيارة غير معلن عنها مسبقاً، هي الثالثة للشرع منذ توليه السلطة بدايات العام الجاري.
الشرع التقى الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، وكان لافتاً أن الاجتماع كان بمعية شخصيات تركية رفيعة: وزير الخارجية هاكان فيدان، ووزير الدفاع يشار غولر، ورئيس الاستخبارات إبراهيم قالن، ورئيس هيئة الصناعات الدفاعية خلوق غورغون؛ وهي إشارة إلى أهمية الموضوعات التي جرى نقاشها، والتي يجري التنسيق حولها بين أنقرة ودمشق، خصوصاً أن تركيا كانت داعمة أساسية لـ"هيئة تحرير الشام"، أثناء فترة معارضتها نظام الرئيس السوري السابق بشار الأسد.
بالعودة إلى لقاء الشرع المبعوث الأميركي، فإنه وفقاً لبيان الرئاسة السورية، جاء اللقاء "ضمن جهود إعادة بناء العلاقة الاستراتيجية مع واشنطن"، مشيراً إلى أنّ "أبرز الملفات التي بحثها الجانبان متابعة تنفيذ رفع العقوبات الأميركية المفروضة على سوريا".
هذا الحراك السياسي – الاقتصادي، رغم أهميته، يحتاج إلى استكمال، وبناء ثقة، وهي الثقة التي تحتاج إلى خطوات عملية، كان صريحاً فيها الرئيس الأميركي، عندما قال مخاطباً الحكومة السورية: "أرونا شيئاً عظيماً".
إذن، هنالك خريطة طريق أميركية، تعتقد واشنطن أنها ضرورية لبناء الثقة، ولكي تنال سوريا مزيداً من الدعم، وأوضحتها السكرتيرة الصحافية للبيت الأبيض كارولين ليفيت، يوم 14 أيار، في منشور لها عبر منصة X، عددت فيه خمس نقاط رئيسية، من أبرزها التوقيع على اتفاقيات أبراهام مع إسرائيل، ومغادرة جميع الإرهابيين الأجانب سوريا، وترحيل المسلحين الفلسطينيين الذين وصفتهم بـ"الإرهابيين"، إضافة إلى مساعدة الولايات المتحدة في منع عودة ظهور "داعش"، كما تحمّل مسؤولية مراكز احتجاز "داعش" في شمال شرق سوريا.
هذه النقاط واضحة جداً، ولكنها ليست يسيرة التطبيق، وتحتاج إلى توافق وطني، وإرادة داخلية، والنظر أيضاً إلى المصالح السورية قبل كل شيء، وفق ما يحقق الأمن والاستقرار ولا يعرّض الداخل لاضطرابات واشتباكات مسلحة، قد تقود إلى الفوضى أو الاقتتال الأهلي!
موقع "العربية.نت"، في تقرير نشره حديثاً، أشار إلى أن مسؤولاً إسرائيلياً كشف لـ"العربية"، عن أن الرئيس السوري أحمد الشرع "قدّم لفتات حسن نيّة"، وأنها "ستُقابل بالمثل"، مضيفاً أن سوريا "دولة مهمّة، ودخولها في اتفاقيات أبراهام سيغيّر الوضع في المنطقة".
هذه المبادرة تجاه إسرائيل، على الأرجح اتخذتها سوريا وعينها على الولايات المتحدة، ساعيةً من خلال ذلك إلى بناء الثقة أكثر مع واشنطن؛ والسؤال: كيف سيترجم ذلك عملياً في المستقبل القريب؟!