سورية: "الخوذ البيضاء" تحلّ نفسها وتنضم إلى وزارة الطوارئ

5 days ago 5
ARTICLE AD BOX

كشفت مصادر مطلعة لـ"العربي الجديد"، اليوم الاثنين، أن مؤسسة الدفاع المدني السوري، المعروفة باسم "الخوذ البيضاء"، قررت حلّ نفسها والانضمام إلى وزارة الطوارئ والكوارث في الحكومة السورية، وهي الخطوة التي تعني نهاية واحدة من أبرز المؤسسات الإنسانية التي برزت خلال سنوات الثورة السورية.

تعود البدايات الأولى لـ"الخوذ البيضاء" إلى أوائل عام 2012، بعد نحو عام من انطلاق الحراك الشعبي السلمي المطالب بالتغيير في سورية. ومع تصاعد العمليات العسكرية التي شنّها النظام المخلوع وسحب الخدمات الحكومية من المناطق الخارجة عن سيطرته، بدأت مبادرات فردية يقودها مدنيون بهدف إنقاذ وإغاثة ضحايا القصف. بدافع المسؤولية المجتمعية والفطرة الإنسانية، شرع هؤلاء في تنفيذ عمليات إنقاذ وإسعاف بسيطة لمساعدة مجتمعاتهم المحلية. ومع تصاعد الحاجة وتوسع رقعة المناطق المتضررة، بدأت جهود تطوعية أكثر تنظيماً بالتبلور، حتى أُعلن رسمياً عن تأسيس مؤسسة الدفاع المدني السوري عام 2013. ضمت المؤسسة متطوعين من مختلف الخلفيات والانتماءات، وكان هدفها الأساسي ملء الفراغ الذي خلّفه انسحاب أجهزة الدولة الرسمية، خاصة خدمات الإطفاء والرعاية الصحية.

الخوذ البيضاء وسنوات من العمل الاستثنائي

على مدار سنوات عملها، باتت "الخوذ البيضاء" اسماً بارزاً في مجال الاستجابة الإنسانية في سورية. وبحسب الموقع الرسمي للمؤسسة، تضم اليوم نحو 3300 متطوع ومتطوعة، كانوا يعملون في المناطق الخارجة عن سيطرة النظام المخلوع سابقاً، لا سيما شمال غربي سورية قُبيل توسعها وانتشارها في المحافظات السورية كافة عقب سقوط بشار الأسد في الثامن من ديسمبر/ كانون الأول العام الفائت 2024، وقد تمكنت الفرق من إنقاذ أكثر من 128 ألف شخص من تحت الأنقاض أو خلال الكوارث، فيما فقدت المؤسسة 308 متطوعين أثناء تأدية مهامهم، وأُصيب أكثر من 900 آخرين.

وحتى عام 2018، كانت فرق الدفاع المدني السوري تعمل في تسع محافظات سورية، إلا أن العمليات العسكرية الواسعة التي نفذها النظام السابق وروسيا، والتي ترافقت مع استهداف مباشر للمتطوعين، أدت إلى انحسار عمل المؤسسة واقتصاره على مناطق شمال غربي البلاد. وتعمل الفرق حالياً في أكثر من 954 بلدة ومدينة، بالإضافة إلى أكثر من 1400 مخيم، حيث تقدم خدمات الإسعاف والإخلاء والتوعية المجتمعية، وتدريب السكان على الاستجابة.

مؤسسة نالت احتراماً دولياً

حظيت "الخوذ البيضاء" بتقدير دولي واسع، وكانت مرشحة لجائزة نوبل للسلام لثلاث سنوات متتالية (2016، 2017، 2018). كما نالت جائزة نوبل البديلة عام 2017 تقديراً لشجاعتها في إنقاذ المدنيين، وجائزة الحرية العالمية من المجلس الأطلسي عام 2016. في العام نفسه، حصلت المؤسسة على وسام الشجاعة من جهاز الإطفاء الألماني، والذي تسلمه مدير الدفاع المدني السوري السابق رائد الصالح، بالإضافة إلى جائزة الأم تيريزا للسلام من الحكومة الهندية. كذلك مُنحت جائزة "غاندي للسلام" عام 2020 لمتطوعة في المؤسسة، تكريماً لدور متطوعي الدفاع المدني في الاستجابة الإنسانية تحت القصف.

ويأتي قرار حل مؤسسة الدفاع المدني السوري وضمّها إلى وزارة الطوارئ والكوارث، بعد نحو ستة أشهر من سقوط نظام بشار الأسد، وتشكيل الحكومة السورية الجديدة برئاسة أحمد الشرع، في ظل تغييرات واسعة شملت هيكلة المؤسسات العامة والمنظمات المدنية التي نشأت خلال سنوات النزاع. ويُنظر إلى هذه الخطوة على أنها جزء من عملية إعادة توحيد مؤسسات الدولة، خاصة تلك التي نشأت كبديل عن الخدمات التي انسحب منها النظام خلال سنوات الحرب، حيث سعت الحكومة الجديدة إلى دمج البنية الإنسانية والخدمية في إطار مؤسسي موحّد يتبع لإدارة مركزية مدنية، مع الاحتفاظ بالكفاءات والخبرات التي راكمتها تلك المؤسسات.

وكان وزير إدارة الطوارئ والكوارث السوري الحالي رائد الصالح قد شغل منصب مدير مؤسسة الدفاع المدني السوري منذ تأسيسها عام 2013 وحتى تسلمه المنصب الوزاري الجديد، وقد خلفه في إدارة المؤسسة نائبه السابق منير المصطفى، الذي تولى الإشراف على فرق المتطوعين خلال السنوات الأخيرة، وارتبط اسمه بإدارة ميدانية فعالة شمال غربي سورية. ويُعد انضمام "الخوذ البيضاء" إلى الهيكل الحكومي الجديد تحولاً مفصلياً في مسيرتها، إذ تتحول من منظمة مجتمع مدني مستقلة إلى كيان رسمي، ضمن وزارة الطوارئ والكوارث التي باتت تضطلع بدور محوري في الاستجابة الإنسانية وإعادة الإعمار في مرحلة ما بعد الأسد.

Read Entire Article