شبح "بارس الجنوبي" ومضيق هرمز.. اقتصاد العراق في اختبار جديد

7 hours ago 3
ARTICLE AD BOX

 المدى / محمد العبيدي

تتجه الأنظار في العراق إلى تداعيات التصعيد العسكري المتسارع بين إسرائيل وإيران، وسط تحذيرات من أن تتحول المنطقة إلى بؤرة ضغط اقتصادي غير مسبوق على الأسواق المحلية، في ظل اعتماد بغداد شبه الكلي على استقرار تدفقات النفط، وإمدادات الغاز القادمة من طهران، إلى جانب الهشاشة التي تميز السوق النقدية العراقية مع كل توتر إقليمي.
وأثار الإعلان الإيراني عن دراسة خيار إغلاق مضيق هرمز، الذي يمر عبره نحو خُمس تجارة النفط العالمية، مخاوف كبيرة في الأوساط الاقتصادية العراقية من أن تفتح هذه الخطوة باباً جديداً من الأزمات قد يتجاوز نطاقه حدود ارتفاع أسعار النفط ليصل إلى اضطراب سلاسل التوريد وارتفاع تكاليف الشحن والتأمين على ناقلات الخام العراقي.
في هذه الأثناء، سجل سعر برميل النفط قفزة بنسبة تجاوزت 7% منذ الساعات الأولى للهجوم الإسرائيلي على أهداف داخل العمق الإيراني، بينما عاودت الأسواق الداخلية في العراق التقاط إشارات الخطر بسرعة، مع تحركات سريعة من المضاربين وأصحاب المصالح لتضخيم الخوف من نقص المعروض، ما أدى إلى ارتفاع في أسعار بعض المواد الغذائية والدولار على حد سواء.

اعتقالات وملاحقات
وفي محاولة لاحتواء الموقف، أعلنت وزارة الداخلية العراقية القبض على 660 شخصًا بتهمة استغلال الوضع الإقليمي عبر التلاعب بالأسعار ونشر الشائعات حول الدولار، في حملة وصفت بالأوسع منذ بداية العام الجاري.
بدوره، قال عضو غرفة تجارة بغداد، سرمد الشمري، إن "التوترات الجارية وضعت الأسواق العراقية أمام اختبارات صعبة، إذ شهدنا خلال الأيام الماضية موجة مضاربات أثرت بشكل مباشر على أسعار بعض السلع الأساسية، فضلًا عن عودة الدولار إلى الواجهة".
وأضاف لـ(المدى) أن "غرفة التجارة تتابع عن كثب تطورات الوضع الإقليمي وتأثيره على حركة الاستيراد، وهناك تواصل مستمر مع الجهات الحكومية لضبط السوق ومنع بعض التجار من استغلال الظروف".
وخُلص الشمري إلى إن "التحدي الأكبر أمام العراق ليس فقط في الحفاظ على الإيرادات النفطية وسط هذه العواصف الجيوسياسية، بل في تحييد الأسواق الداخلية عن المضاربات، وضمان استقرار سعر الصرف، وتوفير البدائل عند أي طارئ في إمدادات الغاز أو حركة الملاحة".
ويعتمد العراق بشكل شبه تام على عائدات النفط التي تشكل أكثر من 90% من موارد الموازنة العامة، كما يستورد الغاز من إيران لتشغيل عدد من محطات الطاقة، وهو ما يزيد من حساسية الموقف، خاصة بعد أن طال القصف حقل "بارس الجنوبي" الذي يصدر الغاز إلى العراق.

أزمة مضيق هرمز
وبحسب تقارير ميدانية، فإن أي تضرر في هذا الحقل الستراتيجي أو الحقول المجاورة له من شأنه أن يضاعف أزمة الغاز في العراق، خاصة في ذروة موسم الصيف، مع تكرار انقطاع الإمدادات في كل أزمة سياسية أو فنية بين بغداد وطهران.
ويرى خبراء أن التهديدات الإيرانية المتكررة بإغلاق مضيق هرمز لم تُنفذ تاريخيًا رغم تكرارها في 2011 و2012 و2018، إلا أن هذه التهديدات تبقى كافية لدفع الأسواق نحو رفع "علاوة المخاطرة" على أسعار الخام، ما يعني بالنتيجة زيادة الفوائد المالية لدول الخليج المُصدرة لكن مقابل ضغوط على الإستيراد والعمليات اللوجستية.
ويُعرب خبراء الأسواق عن قلقهم من أن استمرار التصعيد العسكري قد يحرم العراق من أي فائدة حقيقية من ارتفاع أسعار النفط إذا رافقه ارتفاع مماثل في كلف النقل والتأمين، إلى جانب تراجع ثقة المستثمرين في بيئة العمل داخل البلاد، مع خشية عودة العمليات العسكرية على أراضيه أو عبر أجوائه.
بدوره، أوضح الخبير في شؤون الطاقة محمد هورامي أن "أي تهديد لإمدادات النفط من الخليج، وخصوصاً عبر مضيق هرمز، قد يؤدي إلى صدمة في أسواق النفط العالمية، إذ إن إغلاق المضيق - إذا حدث - سيعيق نحو 20% من الإمدادات العالمية، وهو ما سينعكس على اقتصادات كبرى مثل الصين والهند وأوروبا ودول آسيوية أخرى، متسبباً في تقلبات كبيرة بأسعار الطاقة".
وأضاف هورامي لـ(المدى) أن "الدول التي تعتمد على الوقود الأحفوري، مثل العراق، قد تواجه تضخماً في أسعار الكهرباء والوقود، كما أن النزاعات المسلحة غالباً ما تؤدي إلى تأخير في الاستثمارات بالبُنى التحتية، بما في ذلك مشاريع الطاقة النظيفة كالطاقة الشمسية والرياح".
وبيّن أن "حالة عدم الاستقرار السياسي تدفع المستثمرين للعزوف عن تطوير قطاع الطاقة في العراق والمنطقة، ومن المرجح أيضًا أن تتجه بعض الدول نحو تعزيز قدراتها النووية لأغراض سلمية في مجال الطاقة، وهو ما قد يزيد حالة التوتر بشكل عام".

The post شبح "بارس الجنوبي" ومضيق هرمز.. اقتصاد العراق في اختبار جديد appeared first on جريدة المدى.

Read Entire Article