طلبة "التوجيهي" في غزة... خسارة عام دراسي جديد

2 weeks ago 7
ARTICLE AD BOX

حرم العدوان الإسرائيلي الآلاف من طلبة الثانوية العامة "التوجيهي" في قطاع غزة، من الاختبارات النهائية بعدما أُجبرت وزارة التربية والتعليم على تأجيلها مرّات عدّة نتيجة تدهور الأوضاع الإنسانية والأمنية، إضافة إلى تدمير الاحتلال البنية التعليمية في القطاع، ما يهدّد بضياع مستقبلهم.
وكانت وزارة التربية والتعليم قد حدّدت موعد 13 إبريل/ نيسان الماضي، لتقديم الاختبارات النهائية لطلبة الثانوية العامة، لكنها أعلنت تأجيل الموعد لاحقاً عقب استئناف الاحتلال الإسرائيلي عدوانه على غزة في 18 مارس/ آذار الماضي، لتعمّ حالة من اليأس والإحباط بين طلبة التوجيهي.
ومنذ اندلاع الحرب في السابع من أكتوبر/ تشرين الأول 2023، جعل جيش الاحتلال المؤسّسات التعليمية هدفاً للقصف والاقتحام، في مشهد يعكس تعمده تجهيل الشعب الفلسطيني، وحرمت الحرب أكثر من 785 ألف طالب وطالبة في غزة من التعليم، ودمّرت 132 مدرسة وجامعة كلياً، كما لحقت أضرار متباينة بـ348 مدرسة وجامعة أخرى، في حين تحولّت مئات المدارس إلى مراكز إيواء للنازحين.
تسيطر حالة من الإحباط على الطالب أحمد تيسير، الذي كان يفترض أن يُنهي المرحلة الثانوية في العام الماضي، لكنّ استمرار العدوان وقف عائقاً أمام تحقيق حلمه في الالتحاق بالجامعة، ويقول لـ"العربي الجديد": "اُجِّلت الامتحانات ثلاث مرّات، وكان آخرها الشهر الماضي، ما انعكس سلباً على حالتي النفسية، خصوصاً في ظل عدم وجود موعد محدد للامتحانات".
يضيف: "تحديت كل الظروف التي مرّت بها عائلتي في مدينة غزة لمواصلة الدراسة، إذ قُصف منزلنا، ونزحنا مرات عدّة خلال الحرب، لكن كثرة تأجيل الامتحانات يهدّد حلم استكمال دراستي الجامعية. لو اجتزت التوجيهي في الوقت الطبيعي، لكنت الآن أنهيت عامَين من الجامعة".
تعيش الطالبة ندى صلوحة ذات الواقع الصعب، إذ إن تأجيل الاختبارات مرات عدّة أفقدها شغف مواصلة دراستها، تقول لـ"العربي الجديد": "كنت متحمسة جداً، وتحديت كل الظروف لمواصلة الدراسة رغم القصف والدمار الذي طاول منزلنا. كنت أريد دراسة الهندسة في الجامعة، لكن الآن تُسيطر عليّ حالة من اليأس. تأجيل موعد امتحان الثانوية ثلاث مرّات قلص رغبتي في الدراسة، وكلما بدأت مراجعة المنهاج، أتذكر الواقع المؤلم الذي أعيشه، فتصيبني حالة من الإحباط ولا أستطيع استكمال المراجعة. مستقبلنا يضيع بينما ننتظر تقديم الامتحانات النهائية، والتوجيهي سنة مهمة إذ تتبعُها الجامعة، وأتمنى أن تنتهي الحرب قريباً حتى أتمكن من تقديم الامتحانات".

اعتادت الطالبة نور محمد التفوقَ في دراستها خلال السنوات السابقة، وتقول لـ"العربي الجديد": "بذلت مجهوداً كبيراً للتفوق في دراستي وصولاً إلى الثانوية العامة، ولم أتوقف عن الدراسة منذ بداية العدوان على غزة، رغم نزوحي مع عائلتي إلى جنوب القطاع، والعيش لأشهر عدّة داخل خيمة، أملاً في إنهاء مرحلة التوجيهي، لكنّني اصطدمت بواقع تأجيل الاختبارات عدّة مرات، مع عدم وجود أي أفق للحل في هذه المرحلة".
وأعلنت وزارة التربية والتعليم العالي الفلسطينية جدول امتحانات شهادة التوجيهي لعام 2025، على أن تبدأ في 21 يونيو/ حزيران القادم، ومن المتوقع أن يشمل طلبة قطاع غزة. يقول الطالب وسام عبد القادر: "أعيش منذ إعلان موعد الامتحانات حالة من عدم الاستقرار خشية تكرار سيناريو تأجيل الاختبارات كما حصل السنة الماضية، ما يهدد مستقبلي التعليمي".
ويوضح عبد القادر لـ"العربي الجديد": "الأوضاع المعيشية الصعبة التي نمرّ بها، وتكرار تأجيل الامتحانات خلفت لديّ حالة من العزوف عن الدراسة، أشعر أنني أبذل جهداً كبيراً بينما سيكون مصير الامتحانات التأجيل، ونأمل أن تنتهي الحرب ونتمكن من إنهاء العام الدراسي ثم الالتحاق بالجامعة".
فيما يقول الطالب كرم جبر: "لم أتوقف عن دراسة المناهج التعليمية التي أقرّتها الوزارة، رغم عدم تمكني من الذهاب إلى أي مدرسة، فقد تحولت جميع المدارس إلى مراكز إيواء، واضطررت لتلقي دروس في أحد المراكز التعليمية على نفقتي الخاصة. أخشى أن يذهب هذا التعب هدراً، فتكرار التأجيل يعني ضياع مستقبلي التعليمي، ولا تملك أسرتي القدرة على دفع مبالغ أخرى لتلقي دروس خصوصية في حال تأجيل الاختبارات مجدداً".
من جانبه، يقول مدير مدرسة المنفلوطي الثانوية في دير البلح، حسام صلاح، لـ"العربي الجديد"، إن "الأوضاع التعليمية في قطاع غزة وصلت إلى درجة بالغة الصعوبة في ظل استمرار العدوان الإسرائيلي، وتكرار تأجيل امتحانات الثانوية العامة. كنّا نأمل أن يتقدم طلبة الثانوية للامتحانات في منتصف إبريل الماضي، لكن استئناف الحرب منع ذلك، ولا تزال هناك ضبابية حول موعد الاختبارات، وفي حال توقفت الحرب قد يجري دمج دفعتين لتقديم الامتحانات معاً، لكنّ ذلك مرهون باستقرار الأوضاع وتوفر بيئة تعليمية".

ويبين صلاح أن "الوضع الراهن في قطاع غزة لا يسمح بإجراء أي ترتيبات في البنية التعليمية، سواء تهيئة قاعات الدراسة أو المدارس، والطواقم الإدارية غير قادرة على العمل، خصوصاً أن غالبية المدارس الحكومية تحولّت إلى مراكز إيواء، وهي غير مهيأة حالياً لاستقبال الطلبة، الذين تسبب التأجيل المتكرر في إحباط كبير بينهم، لا سيّما أن التهدئة الأخيرة لم تدم طويلاً، ما جعل أمل العودة إلى التعليم يتلاشى سريعاً، وما يزيد القلق هو عدم وجود موعد أو أفق لإجراء الامتحانات".
بدوره، يقول الوكيل المساعد لوزارة التربية والتعليم، محمود مطر، لـ"العربي الجديد": "العملية التعليمية تعاني من شلل شبه تام نتيجة استمرار العدوان الإسرائيلي، ولا يوجد موعد محدد لاختبارات التوجيهي. الوضع الميداني في غزة لا يسمح بعقد الامتحانات، أو حتّى تحديد موعد لها، وهناك لجنة مختصّة تتابع الأمر، لكن لا توجد أي تفاصيل واضحة أو قرارات نهائية. هناك أعداد من الطلبة يواصلون تعلّم الرزم التعليمية المُقرّرة من الوزارة داخل النقاط والخيام التعليمية، إضافة إلى التعليم عن بُعد عبر المنصات الإلكترونية، لكن الأوضاع الميدانية في غزة استثنائية، والمدارس غير مهيأة للدراسة أو الامتحانات، ونأمل أن تحمل الأيام القادمة حلولاً لطلبة الثانوية".

Read Entire Article