علاقة بغداد وأربيل تتأزم قبيل عيد الأضحى بسبب الرواتب

1 week ago 3
ARTICLE AD BOX

<p class="rteright">قرار إيقاف تمويل رواتب موظفي إقليم كردستان يثير ردود فعل قوية (أ ف ب)</p>

تلوح أزمة جديدة في الأفق قد تعيد رسم ملامح العلاقة بين المركز والإقليم، إذ رفع موظفون من إقليم كردستان دعوى أمام المحكمة الاتحادية العليا للمطالبة باستمرار صرف رواتبهم، بينما تستمر الحكومة الاتحادية في تعليق التمويل وسط اتهامات سياسية متبادلة، في مشهد يعكس عمق الخلافات بين بغداد وأربيل.

وتعود جذور هذه الأزمة لأعوام طويلة من الخلافات حول تقاسم الموارد المالية بين بغداد وأربيل، خصوصاً ما يتعلق بتصدير النفط وعائداته، ومنذ عامين مع توقف تصدير نفط الإقليم عبر ميناء جيهان التركي، أصبحت بغداد تحوّل الرواتب على شكل سُلف في ظل عدم حسم ملف النفط والإيرادات.

وعلى رغم صدور قرار المحكمة الاتحادية في فبراير (شباط) الماضي الذي ألزم الحكومة الاتحادية بدفع الرواتب مباشرة، لكن الخلافات السياسية والاتهامات المتبادلة استمرت من دون حلول جذرية.

دعوى قضائية

وفي خطوة لافتة رفع عدد من موظفي إقليم كردستان دعوى قضائية أمام المحكمة الاتحادية العليا مسجلين شكواهم تحت الرقم (104/اتحادية/2025) للمطالبة باستمرار تمويل رواتبهم التي جرى إيقافها أخيراً من قبل وزارة المالية الاتحادية، وجاءت استناداً إلى القرار السابق للمحكمة الاتحادية (224/2023)، الصادر في الـ 21 من فبراير 2024، والذي ألزم الحكومة الاتحادية بصرف رواتب موظفي الإقليم مباشرة من دون وسيط حكومة الإقليم.

وأوضح بيان المحكمة الاتحادية أن المدعين طالبوا بإصدار أمر ولائي يلزم وزارة المالية الاتحادية بصرف الرواتب، مؤكداً أن المحكمة ستبت في الطلب "بأقرب وقت".

تباين سياسي حاد

وأثار قرار إيقاف تمويل رواتب موظفي الإقليم ردود فعل قوية، أبرزها من "الحزب الديمقراطي الكردستاني"، الذي وصف الخطوة بأنها "انتهاك للدستور واستغلال سياسي لقوت المواطنين"، وأكد المكتب السياسي للحزب أن هذا الملف سيكون محوراً رئيساً لاجتماع اللجنة المركزية، ملوحاً باتخاذ موقف حازم إذا لم تصرف المستحقات قبل عيد الأضحى.

بدوره أصدر "حزب الإصلاح التركماني" بياناً أعرب فيه عن أسفه لاستمرار ما سماه "سياسة العقاب الجماعي بحق مواطني الإقليم"، داعياً الأطراف السياسية إلى تجاوز الخلافات الداخلية وتوحيد الصفوف لتأمين الحقوق الدستورية والمالية المشروعة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

مبادرة لحل موقت

وفي خضم الأزمة أعلنت "كتلة الاتحاد الوطني الكردستاني" النيابية مبادرة لصرف رواتب مايو (أيار) الماضي عبر سُلفة من الحكومة الاتحادية إلى الإقليم قبل عيد الأضحى، وأكد مقرر الكتلة كاروان يارويس أن قرار المحكمة الاتحادية يمنع اعتبار الأموال المرسلة قروضاً، بل تعتبر جزءاً من حصة الإقليم من الموازنة، كما أشار إلى تشكيل لجنة بعد العيد لمراجعة الاتفاقات المبرمة بين بغداد وأربيل وتنفيذ البنود العالقة.

اتهامات متبادلة

وفيما أوضح عضو مجلس النواب رائد المالكي أن وزارة المالية الاتحادية أوقفت التحويلات بسبب عدم التزام حكومة الإقليم بتسديد الإيرادات المستحقة، فقد وصف وكيل وزارة المالية السابق ريباز حملان القرار بأنه سياسي بحت وموجه ضد الإقليم، متهماً الحكومة الاتحادية باستخدام الملف المالي كورقة ضغط انتخابية على حساب مواطني كردستان، ومؤكداً أن قرار عدم صرف الرواتب "ليس له أي مسوغ قانوني أو إداري"، مشيراً إلى أن الحكومة الاتحادية لم تسدد حتى الآن كامل حصة الإقليم البالغة 11.5 تريليون دينار لعام 2025 (نحو 8 مليارات دولار أميركي)، بل اكتفت بدفع 3.8 تريليون فقط (نحو 3 مليارات دولار).

أزمة هيكلية تحتاج إلى تسوية شاملة

وللوقوف على أبعاد هذه الأزمة، ذكر المراقب للشأن العراقي علي عبدالقادر أن "الأزمة الراهنة ليست وليدة اليوم بل هي نتيجة صراع طويل ومعقد بين المركز والإقليم حول تقاسم السلطة والثروات"، مضيفاً أن "قرارات المحكمة الاتحادية وعلى رغم أهميتها القانونية، لكنها لا تكفي وحدها لحل الأزمة، لأن التنفيذ يتوقف على الإرادة السياسية للأطراف، وهناك معادلة تجعل من الملف المالي أداة ضغط وتفاوض بدلاً من كونه حقاً دستورياً لموظفي الإقليم".

وأكد عبدالقادر أن الحل الحقيقي يتطلب تسوية شاملة تبدأ بترتيب ملفات النفط والإيرادات والالتزام المتبادل بين الطرفين، مع إنشاء آلية شفافة ومستقلة لضمان تنفيذ الاتفاقات بعيداً من الحسابات الانتخابية والتجاذبات الحزبية.

تداعيات اقتصادية واجتماعية

إيقاف أو تأخير صرف الرواتب، حتى وإن جاء كحل موقت عبر سُلفة، يزيد الضغوط المعيشية على المواطنين في الإقليم، والذين يعانون أصلاً أوضاعاً اقتصادية صعبة، فهذه الأزمة تؤثر سلباً في البيئة الاستثمارية داخل الإقليم، وتزيد هشاشة الاستقرار الاجتماعي والسياسي وسط تحذيرات من تفاقم الاحتجاجات.

مسار الأزمة مفتوح والحل بعيد المنال

وعلى رغم الحديث عن قرب صرف سُلفة قبل العيد وتشكيل لجنة لمراجعة الاتفاقات، لكن الأزمة تبدو بعيدة من الحل النهائي، فقرار المحكمة الاتحادية المنتظر قد يقدم مخرجاً موقتاً لكنه لن ينهي الأزمة التي تتطلب إرادة سياسية حقيقية واتفاقاً شاملاً يعيد ترتيب العلاقة بين بغداد وأربيل، ويضمن حقوق المواطنين بعيداً من الصراعات السياسية، بحسب عبدالقادر.

subtitle: 
تشكيل لجنة لمراجعة الاتفاقات المبرمة وتنفيذ البنود العالقة
publication date: 
الاثنين, يونيو 2, 2025 - 16:30
Read Entire Article