علي الشايب.. رائد أعمال عربي يرسم المستقبل من كندا إلى "الجزيرة"

1 day ago 2
ARTICLE AD BOX

في عالم ريادة الأعمال الذي تهيمن عليه النماذج الغربية، يبرز اسم علي الشايب وجهًا شابًا استطاع أن يبني لنفسه مكانة بين المبتكرين في مجال الذكاء الاصطناعي، جامعًا بين جذور عربية أصيلة ونشأة كندية منفتحة. لم يكن طريقه تقليديًا، فهو لم يكتفِ بوظيفة مستقرة في مؤسسة مصرفية، بل اختار المسار الأصعب: تأسيس شركات تقنية تنمو على رؤى استباقية وتفكير خارج الصندوق.

ولد الشايب في كندا، لكن نشأته كانت عربية خالصة بفضل والدته، مدرسة اللغة العربية التي غرست فيه حب اللغة والثقافة منذ الصغر. هذا التعدد اللغوي والثقافي بين العربية والفرنسية والإنكليزية شكّل شخصيته ومنحه، كما يقول، "منظورًا أوسع للعالم". درس علي تخصصي المالية ونظم المعلومات في جامعة "يورك" في تورونتو، وبدأ رحلته الريادية قبل التخرج عبر مشاريع صغيرة لم تنجح لكنها منحته دروسًا مبكرة. بعد تجربة قصيرة في وحدة الابتكار الرقمي لدى بنك "آر بي سي" (RBC)، قرر أن يبدأ مشروعه الخاص ليؤسس أولى شركاته التقنية.

الانطلاق في عالم الذكاء الاصطناعي

عام 2017، أسس علي شركته "ناغيت إيه آي" (Nugget AI) بهدف تحسين عملية التوظيف باستخدام الذكاء الاصطناعي مع التركيز على الوظائف غير التقنية. جمعت الشركة بين أدوات تقنية متقدمة وفريق من علماء النفس ومدققي البيانات لتقديم نماذج دقيقة تسرّع عملية التوظيف وتزيد من جودتها. وقد عملت "ناغيت" مع مؤسسات معروفة مثل "تيم هورتونز" (Tim Hortons) و"لورينتيان بنك" (Laurentian Bank)، قبل أن تُباع في عام 2021.

وبعد بيع "ناغيت"، لم يتوقف علي، فقد أسس شركته الثانية "آيلاند" (Island) أو الجزيرة، التي بدأت مكتبًا استشاريًا تقنيًا باسم "بروداكت ستوديو" (Product Studio)، ثم تحوّلت إلى "فنتشر استوديو" (Venture Studio) يطوّر منتجات رقمية خاصة به. يعمل في "آيلاند" اليوم أكثر من 50 موظفًا موزعين بين كندا وباكستان والبرازيل ومصر، ضمن ثقافة عمل عن بُعد بالكامل. اسم الشركة، كما يقول، مستوحى من حلم قديم راوده منذ الطفولة: تأسيس شركة على "جزيرة". واليوم، يعيش الفريق هذا الحلم فعليًا عبر تنظيم "ريتريت سنوي" في جزيرة مختلفة، من بالي إلى البرازيل، بوصفه جزءًا من فلسفة العمل المرن والداعم للإبداع.

ولم تكتف "آيلاند" بتقديم الخدمات، بل طوّرت منتجات رقمية تستخدم فعليًا حول العالم، منها:

- "إنغايدج" (Engage): أداة نمو على "لينكد إن" (LinkedIn)، تساعد المستخدمين على تعزيز تفاعلهم وانتشارهم. جرى تطويرها في أسبوع واحد، وحققت 10 آلاف دولار في أول أيام الإطلاق.

- "كيو إيه فلو" (QAflow): أداة اختبارات ذكية بالذكاء الاصطناعي، تختبر البرمجيات وتكشف عن الأخطاء تلقائيًا، وتستخدمها شركات فعلية.

- "تايم كابسول" (Time Capsule): أداة لتتبع الوقت موجهة للوكالات الرقمية، تساعد على تنظيم ساعات العمل وتحليل الأداء.

علي الشايب: المؤسس المناسب قبل كل شيء

يرى علي الشايب أن نجاح أي مشروع لا يتوقف فقط على مدى ملاءمته السوق (Product-Market Fit)، بل على ما يسميه Founder-Market Fit، أي أن يكون المؤسس هو الشخص الأنسب لتنفيذ هذه الفكرة من حيث الفهم العميق للمشكلة والعلاقات والخبرة الفعلية في المجال. ورغم مكانتها المتقدمة، لا يجد الشايب أن كندا بيئة مثالية لرواد الأعمال الباحثين عن تمويل. فحتى البرامج الحكومية، مثل SHRED لدعم البحث والتطوير، تبقى غير كافية، فيما يتسم رأس المال الاستثماري هناك بالتحفظ والميل إلى الربحية السريعة.

ويشير علي الشايب إلى أن بيئة التمويل في وادي السيليكون (كاليفورنيا) أكثر ديناميكية، إذ يمكن لرواد الأعمال جمع جولات تمويلية خلال أسبوعين، وهو ما لا يحدث في كندا التي تتعامل مع الاستثمار باعتباره قرضًا لا شراكة في المخاطرة.

رؤية عربية وطموح إقليمي

رغم عمله في بيئة عالمية، لم تغب المنطقة العربية عن رؤية علي. فهو يؤمن بوجود طاقات كامنة في العالم العربي تحتاج إلى منظومة داعمة تشمل الجامعات والمستثمرين والشركات لتشجيع الابتكار وتطوير حلول محلية. ويحلم علي بتأسيس منظمة غير ربحية تُعنى بتعليم الأطفال العرب مبادئ الريادة والذكاء الاصطناعي في سن مبكرة لتنشئة جيل يبتكر من أجل مجتمعه، لا فقط بحثًا عن الاستقرار أو المردود المادي.

وبرأي الشايب، فإن العناصر الأساسية موجودة: العقول، الشغف، والخيال. لكن ما ينقص هو: سياسات محفّزة وواضحة، رؤوس أموال جريئة تقبل المخاطرة، مساحات للتجريب والمسرّعات، ودعم حكومي لمشاريع غير تقليدية. ويضرب مثالًا بما يحدث في كندا نفسها من تنافس بين المقاطعات على التمويل الفيدرالي للابتكار متسائلًا: "لم لا يحدث شيء مماثل في عالمنا العربي؟".

في ختام حديثه، يوجّه علي الشايب رسالة إلى الشباب العربي، خصوصًا ممن يعيشون في المهجر: "احمل رؤيتك بلغتين، وثقافتين، وكن الجسر بين العالمين. العالم لا ينتظر أحدًا، لكن إن بنيت شيئًا حقيقيًا، بفريق قوي ورؤية واضحة، فسيصل صداه، سواء في تورونتو أو في الدوحة أو في الدار البيضاء."

Read Entire Article