ARTICLE AD BOX

<p>لاعب خط الوسط الإنجليزي في مانشستر سيتي جاك غريليش (أ ف ب)</p>
أحياناً، يمكن قياس المسيرة الكروية بما يحدث خلال فصول الصيف. ففي صيف 2021 أصبح جاك غريليش أغلى لاعب إنجليزي في التاريخ، وأغلى صفقة في تاريخ الدوري الإنجليزي الممتاز، الرجل صاحب الـ100 مليون جنيه استرليني (135.75 مليون دولار).
وفي صيف 2023 كان أحد الفائزين بالثلاثية، وبدت احتفالاته في مدينة إيبيزا وكأنها أصبحت جزءاً من الأساطير. أما في صيف 2024 فقد فوجئ باستبعاده من قائمة إنجلترا لبطولة أمم أوروبا "يورو 2024"، وفي صيف 2025 لن يكون من المستغرب كثيراً إذا استُبعد من قائمة مانشستر سيتي المشاركة في كأس العالم للأندية.
قد ينظر إلى ذلك كصعود وهبوط في مسيرة غريليش، وقد يقال إنه يقف عند مفترق طرق، لكن أحد التفسيرات يشير إلى أنه وصل إلى طريق مسدود، في الأقل في ما يتعلق بمانشستر سيتي.
غريليش، البالغ من العمر 29 سنة، بدأ مباراة واحدة فقط في الدوري الإنجليزي الممتاز خلال 2025، وشارك مدة أربع دقائق فقط في آخر سبع مباريات للفريق، ولم يوجد حتى على دكة البدلاء في مباراة الفوز الأخيرة على فولهام.
وصرح بيب غوارديولا بأنه لا يحب استبعاد اللاعبين من قائمة يوم المباراة، وأن على النادي واللاعبين إيجاد "أفضل طريقة" للمضي قدماً، فهو يرغب في تقليص حجم القائمة، وفي الوقت ذاته يبرم تعاقدات جديدة، لذا فلا بد من وجود توازن، ولا بد من أن يرحل بعضهم.
ترك غريليش في مانشستر عند سفر الفريق إلى أميركا سيكون تلميحاً واضحاً إلى أنه الضحية الأبرز. أما الاستغناء عنه نهائياً، فقد يكون مساراً أطول. لدى غريليش عامان متبقيان في عقده، وأجره المرتفع يمثل عائقاً أمام معظم الأندية، وربما يتطلب الأمر من سيتي أن يدفع جزءاً كبيراً من راتبه حتى في حال خروجه على سبيل الإعارة، والجواب السهل هو اقتراح عودته إلى ناديه المحبب أستون فيلا. لكن فيلا سيحرم من إيرادات دوري أبطال أوروبا في الموسم المقبل، ويمتلك حالياً خيارات أكثر إقناعاً في مركز الوسط الهجومي، فغريليش بنسخته في العامين الماضيين يعد أقل جودة من مورغان روجرز وجايكوب رامزي وجون ماكجين.
يملك غريليش شهرة واسعة وسعر انتقال مرتفعاً، لكن مردوده كان منخفضاً. ويبدو أنه مدرك حجم الانتقادات الموجهة إليه. ففي منشور على وسائل التواصل الاجتماعي هذا الأسبوع، دافع غريليش عن نفسه قائلاً إنه سجل أهدافاً في آخر ثلاث مباريات شارك فيها لمدة لا تقل عن 45 دقيقة. غير أن هذا الادعاء ليس دقيقاً تماماً – فقد تجاهل مباريات كأس الاتحاد الإنجليزي أمام ليتون أورينت وبليموث ونوتينغهام فورست – لكنه كان محاولة لتغيير الصورة الذهنية عنه.
إلا أن هذه الصورة الذهنية تعكس الواقع، فلدى غريليش هدف واحد فقط في الدوري الإنجليزي منذ 2023، ولم يسجل أي هدف مع سيتي في أي بطولة خلال 2024، ولم يقدم في الموسمين الأخيرين سوى خمس تمريرات حاسمة بالمجمل.
غريليش في مانشستر سيتي يستطيع كسب الأخطاء والحفاظ على الاستحواذ – فقد بلغت نسبة تمريراته الناجحة في الدوري الإنجليزي الموسم الماضي 91 في المئة – لكن ربما تعكس هذه النسبة كيف جردت المخاطرة والحماسة من أدائه.
وحتى غوارديولا، الذي لا يميل عادة إلى تقييم اللاعبين بناءً على عدد الأهداف، ربما أدرك متأخراً أن غريليش لا يسهم بما يكفي منها، فقد تألق فعلاً في مانشستر سيتي فقط عندما كان الآخرون يسجلون ويصنعون الأهداف التي لم يصنعها هو، فمن بين أربعة مواسم، لم يكن ناجحاً على الصعيد الفردي سوى في موسم واحد.
ففي موسم (2022 - 2023) قدم كيفين دي بروين عدداً استثنائياً من التمريرات الحاسمة بلغ 29 تمريرة، وسجل إيلكاي غوندوغان أهدافاً حاسمة، وعلى رغم أن جوليان ألفاريز وفيل فودين ورياض محرز لم يبدأوا نهائي دوري أبطال أوروبا، فإن كلاً منهم سجل 15 هدفاً في الأقل خلال الموسم.
لا يزال من غير المعروف كيف سيكون شكل الفريق في مرحلة ما بعد دي بروين، ومن سيكون ضمن المجموعة الداعمة وخط الإمداد لإيرلينغ هالاند.
ومع ذلك وبعدما سجل مانشستر سيتي أقل عدد من الأهداف في الدوري الإنجليزي الممتاز خلال عهد غوارديولا، يبدو أن هناك إدراكاً لضرورة وجود لاعبين قادرين على زيادة الفاعلية الهجومية.
الوافد الجديد في يناير (كانون الثاني) الماضي، عمر مرموش، سجل 28 هدفاً العام الماضي، 20 منها بقميص آينتراخت فرانكفورت الألماني، ومن بين صفقتين محتملتين في خط الوسط، سجل تيجاني رايندرز 15 هدفاً مع ميلان الموسم الماضي، فيما قدم ريان شرقي 20 تمريرة حاسمة مع ليون، من بينها أعلى عدد من التمريرات الحاسمة في الدوري الأوروبي (ثماني تمريرات).
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ثم هناك غريليش، الذي بات مراوغاً أكثر تحفظاً، فقد أزاحه كل من جيريمي دوكو وسافينيو من مركز الجناح، حين أصبحا هما من يهاجمان المدافعين مباشرة.
وفي الوقت نفسه من المرجح أن تؤدي التعاقدات الجديدة في خط الوسط إلى إنهاء تجارب غوارديولا القصيرة – أمام نوتينغهام فورست ويوفنتوس – بإشراك غريليش في دور أعمق في وسط الملعب.
وهكذا يبدو غريليش وكأنه الغريب عن التشكيلة. ومرة أخرى، لا ينبغي أن يكون ذلك مفاجئاً، فمنذ فوز مانشستر سيتي بدوري أبطال أوروبا، لم يبدأ غريليش سوى 17 مباراة من أصل 76 في الدوري.
وقد جاء في المركز الـ19 من جهة عدد دقائق اللعب في الدوري الإنجليزي الموسم الماضي بين لاعبي سيتي، متخلفاً حتى عن القادمين في يناير، نيكو غونزاليس وعمر مرموش.
ولكي يحصل غوارديولا على التشكيلة المدمجة التي يريدها فهو في حاجة إلى لاعبين يتمتعون بالجاهزية البدنية، في حين عانى غريليش موسمين متقطعين بسبب الإصابات.
في الوقت الحالي، وربما بصورة دائمة، يبدو أن علاقة الود بين غوارديولا وغريليش قد انتهت. لقد كانا دائماً ثنائياً غريباً، المدرب المثقف الصارم، والشاب المرح المتهور. وفي مانشستر سيتي هناك عديد من الأمثلة على بساطة غريليش وتواصله الحقيقي مع الجماهير، لكن حبه للسهر والخروج ربما بدأ يحتسب ضده.
وربما كان ذلك ليمر من دون عقاب لو كان يؤتي ثماره على أرض الملعب، لكنه لم يفعل ذلك خلال العامين الماضيين، وهي حقيقة تتفاقم بفعل سعره المرتفع، فقد جعله ذلك نوعاً من الترف في نظر بعضهم، إذ إن معظم تعاقدات مانشستر سيتي – وأفضلها على مدى العقد الأخير – كانت بين 35 مليون جنيه استرليني (47.51 مليون دولار) و65 مليون جنيه استرليني (88.24 مليون دولار)، أما غريليش فقد كلف النادي أكثر من ذلك بكثير، مما يعني أن سيتي يواجه خسارة مالية أكبر عند رحيله.
وأي نادٍ يفكر في شرائه أو استعارته سيجب عليه أن يأخذ في الحسبان فترة تأقلم ضرورية، للإجابة عن السؤال: هل يستطيع غريليش أن يعود إلى اللاعب الذي اشتراه سيتي؟ لأنه في نهاية المطاف من يحتاج إلى لاعب وسط هجومي لا يسهم بصورة فعالة في تسجيل أو صناعة الأهداف؟
سيحتاج غريليش إلى عملية "تفكيك لغوارديولا"، إن صح التعبير، ليعود إلى روحه الحرة التي كان يتمتع بها قبل أن تعاد برمجته في مانشستر سيتي. وسابقة كالفن فيليبس لا تبعث على كثير من التفاؤل، فذلك الإنجليزي المحبوب الآخر لم يستطع استعادة الصفات التي جعلته يتألق قبل انضمامه إلى سيتي.
غريليش، في الأقل، عاش مجد الثلاثية، لكن ذلك المجد جاء على حساب تحوله إلى لاعب أكثر رتابة، وبعد عامين وبينما يمر بصيف شخصي مليء بالخيبة يبدو من الصعب تحديد المكان الذي قد يلائمه الآن.