ARTICLE AD BOX
ربما لأن كل شيء مرّ بسرعة هائلة بين عامي 1978 و1987، بدا أن حياة الأرجنتيني خورخي كارلوس تشيكي (62 عاماً)، استقرت أخيراً عندما قرر، وهو في الثالثة والعشرين فقط، توديع مسيرته الكروية الخاطفة، وبدء العمل حارس مبنى في حيّ بيلغرانو بالعاصمة بوينس آيرس، وهي المهنة التي يزاولها منذ 38 عاماً، في المبنى نفسه ومن دون انقطاع.
وبحسب تقرير خاص لموقع قناة "تي واي سي" الأرجنتينية، فإن ما يجعل قصته استثنائية، أنه رغم قصر تجربته في الملاعب، فقد بلغ قمة المجد الكروي. ففي ديسمبر/ كانون الأول 1980، وبينما كان لا يزال لاعباً في رديف نادي بوكا جونيورز ولم يظهر بعد في الفريق الأول، تلقى تشيكي دعوة مفاجئة إلى المنتخب الأرجنتيني الأول، وشارك في مباراة ودية أمام الاتحاد السوفييتي، وكان عمره آنذاك 17 عاماً وستة أشهر و19 يوماً، ليصبح ثاني أصغر لاعب في التاريخ الحديث يمثل المنتخب الأول بعد دييغو مارادونا، الذي كان قد فعل ذلك وعمره 16 عاماً فقط. وحتى لاعب ريفر بليت الحالي، النجم الصاعد فرانكو ماتستانتونو، لن يتمكن من كسر هذا الرقم، إذ سيكون عمره 17 عاماً وتسعة أشهر و20 يوماً حال مشاركته في مباراته الأولى مع الأرجنتين أمام تشيلي. ورغم أن إرنستو براون كان أصغر من تشيكي بستة أيام حينما لعب للأرجنتين عام 1902، فإن اختلاف العصور يعزز من تفرد إنجاز تشيكي.
وقال تشيكي، في تصريحات للمصدر ذاته: "في عام 1978، كنت ألعب في فريق الناشئين بنادي سوميسا في سان نيكولاس، مدينتي. وفي 1979 انتقلت إلى فريق الشباب في بوكا جونيورز وفزنا بالبطولة، ثم في 1980، وبعد مشاركتي في بعض مباريات الرديف، استُدعيت إلى المنتخب الوطني، الذي كان بطل العالم آنذاك. كنت الأصغر بعد مارادونا وماتستانتونو". وشارك تشيكي لأول مرة في مباراة غير مصنفة "دولية أ" ضد فريق محلي في جنوب مندوزا، قبل أن يخوض مباراته الدولية الرسمية الأولى يوم 4 ديسمبر/كانون الأول 1980 أمام الاتحاد السوفييتي، وكان وقتها لاعباً مغموراً لم يحضر حتى في دكة بدلاء الفريق الأول لبوكا. شارك في تلك المباراة بجانب ثمانية من أبطال العالم 1978، ومجموعة من نجوم منتخب الشباب المتوج في اليابان عام 1979، أبرزهم مارادونا. وارتدى القميص رقم 7 ولعب 73 دقيقة قبل استبداله، فيما انتهت المباراة بالتعادل 1-1 وسجل مارادونا الهدف الأرجنتيني.
وفي 16 ديسمبر/كانون الأول 1980 أيضاً، خاض مباراته الدولية الثانية والأخيرة ضد سويسرا في قرطبة، حيث شارك بديلاً وأسهم في فوز الأرجنتين 5-0. ثم عاد إلى صفوف منتخب الشباب، وشارك في بطولتين مهمتين، هما كأس أميركا الجنوبية تحت 20 عاماً في الإكوادور، وكأس العالم للشباب في أستراليا، بعدما سجل هدفاً في مرمى الكاميرون، ليصبح أول لاعب أرجنتيني يهز شباك منتخب أفريقي.
ومع بوكا، شارك لأول مرة في الفريق الأول في 4 إبريل/ نيسان 1981، أمام إنديبندينتي، وكان بديلاً لهوغو بيروتي. ظهر في 12 مباراة رسمية وأربع وديّات بقميص بوكا، دون أن يسجل أي هدف، وشارك في موسم الفريق البطولي بقيادة مارادونا، الذي تُوّج ببطولة المتروبوليتانو 1981، لكنه لم يحصل على فرص حقيقية، إذ تنقّل بعدها بين عدة أندية: تمبرلي في 1983، ألميرانتي براون، إل بوفينير، ألدوسيفي، وأخيراً تيغري، حيث لعب آخر مباراة له يوم 2 مايو/ أيار 1987، قبل أيام من بلوغه سن الرابعة والعشرين. وأردف تشيكي أيضاً: "كان كل شيء يسير بشكل رائع، لكن فجأة، وأنا لم أبلغ العشرين بعد، استغنى عني بوكا، دون حتى أن يشرح أحد السبب. لم أستوعب الأمر. لم أسعَ للبحث عن فرصة أخرى، رغم أنني كنت أمتلك صوراً مع مارادونا. أعتقد أنني وُلِدتُ في الزمن الخطأ".
وبعد تجربة قصيرة مع أندية من الدرجتين الثانية والثالثة، وتسجيله ما مجموعه ستة أهداف فقط في مسيرته الاحترافية، قرر اعتزال كرة القدم. وعن هذه الفترة يقول: "في عام 1986، فشلت صفقة انتقالي إلى نادي ليون المكسيكي، وكانت فرصة ممتازة. بعدها تلقيت عرضاً للعمل حارس مبنى، براتب جيد ومنتظم، فوافقت. كان العمل بدوام كامل، حتى في عطلات نهاية الأسبوع، فاختفيت تماماً عن عالم الكرة. أنشأت أسرة، لديّ ثلاثة أبناء، ولا أشكو من حياتي. لكن كروياً، كنت في نفق مغلق". ورغم أن مشواره انتهى مبكراً، فإن تشيكي لا يزال يحتفظ بعلاقات مع رفاقه القدامى من منتخب الشباب الأرجنتيني، مثل خوسيه باتيستا، كلاوديو غارسيا، أوسكار روجيري، خيراردو "تاتا" مارتينو، وكارلوس تابيا، ويقول إن بعضهم كانوا احتياطيين حينها. اليوم، يستعيد تلك الذكريات في لقاءات ودية، وغالباً ما يسمع منهم العبارة ذاتها: "لا يمكننا تصديق ما جرى لك".
