ARTICLE AD BOX
أعلنت وزارة الصناعة الكورية الجنوبية أن الحكومة عقدت اجتماعا طارئا مع كبرى شركات صناعة الصلب المحلية، اليوم الاثنين، لمناقشة تأثير خطة الولايات المتحدة لمضاعفة الرسوم الجمركية على جميع واردات الصلب إلى 50% في وقت لاحق من هذا الأسبوع. ونقلت وكالة يونهاب الكورية الجنوبية عن مسؤولين في الوزارة قولهم، إن مسؤولين من مجموعة "بوسكو" وشركة "هيونداي ستيل" وغيرها من شركات الصلب الكبرى في البلاد شاركوا في الاجتماع، الذي استضافته وزارة التجارة والصناعة والطاقة.
وجاء اجتماع اليوم الاثنين بعد أن أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب الأسبوع الماضي، أنه سيضاعف الرسوم الجمركية على واردات الصلب الأجنبية لتصل إلى 50% اعتبارا من يوم الأربعاء المقبل. وقالت الوزارة إن مسؤولي صناعة الصلب طلبوا من الحكومة مشاركة المعلومات بسرعة بشأن الإجراءات الجمركية الأميركية ومواصلة التعاون مع القطاع الخاص للرد عليها. وأضافت الوزارة أن الحكومة ستعمل على تقليل أي تأثير سلبي للرسوم الجمركية الأميركية على الصناعة المحلية من خلال المفاوضات التجارية مع واشنطن.
وتعمل شركات صناعة الصلب الكورية الجنوبية على تخفيف تأثير رسوم ترامب الجمركية، حيث تخطط بعض الشركات لزيادة إنتاجها في الولايات المتحدة. وتخطط شركة هيونداي ستيل لاستثمار 5.8 مليارات دولار لبناء مصنع للصلب يعمل بأفران القوس الكهربائي في ولاية لويزيانا بحلول عام 2029، وهو أول منشأة إنتاج لها في الخارج، وفقا لمسؤولي الشركة. وانخفضت صادرات كوريا الجنوبية من الصلب في مايو / أيار بنسبة 12.4% مقارنة بالعام السابق لتصل قيمتها إلى 2.6 مليار دولار، مع انخفاض الشحنات إلى الولايات المتحدة بنسبة 20.6% خلال الفترة المذكورة.
وتراجعت صادرات كوريا الجنوبية إجمالا في شهر مايو/ أيار لأول مرة منذ أربعة أشهر، مع انخفاض الشحنات إلى الولايات المتحدة والصين. وقال وزير الصناعة في كوريا الجنوبية آن دوك-جون أمس الأحد، إن "انخفاض الصادرات إلى كل من الولايات المتحدة والصين، أكبر سوقين، يشير إلى أن إجراءات الرسوم الجمركية الأميركية تؤثر بالاقتصاد العالمي وبصادراتنا".
وجرى تعليق "الرسوم الجمركية المتبادلة" التي فرضها ترامب، بما في ذلك رسوم جمركية بنسبة 25%على كوريا الجنوبية، لمدة 90 يوماً لإجراء مفاوضات، وسط مساع للتوصل إلى اتفاق قبل 8 يوليو/ تموز المقبل.
انتخابات كوريا الجنوبية وسط الانقسام السياسي والأزمة الاقتصادية
في السياق، تنطلق الانتخابات الرئاسية في كوريا الجنوبية غدا الثلاثاء، وسط أزمة اقتصادية وانقسام سياسي، حيث سيواجه الرئيس الكوري القادم طريقا صعبا، ليس فقط لإعادة توحيد الصف الوطني، بل أيضا في ظل بيئة اقتصادية متدهورة على الصعيدين المحلي والدولي. وأبرز المتنافسين في الانتخابات، لي جيه-ميونغ مرشح الحزب الديمقراطي، وكيم مون-سو مرشح حزب سلطة الشعب، ولي جون-سيوك مرشح حزب الإصلاح الجديد.
وتأثر الاقتصاد في كوريا الجنوبية، بالأزمة السياسية، بعد محاولة فاشلة من الرئيس السابق يون سيوك-يول لفرض الأحكام العرفية، ما أدى إلى تراجع إنفاق المستهلكين وإقالته. وشهدت كوريا تراجعا في الإنتاج الصناعي والصادرات في قطاعات التصنيع والتعدين والخدمات والبناء في وقت سابق من هذا العام.
كما خفض بنك كوريا أسعار الفائدة وتوقعات النمو لعام 2025 من 1.5% إلى 0.8%. وعلى الرغم من أن معدل التوظيف العام لا يزال في منتصف النطاق المئوي الثاني، فقد بلغ معدل البطالة بين الشباب 7.5% في مارس/آذار، وهو أعلى مستوى منذ جائحة كورونا.
وتعكس الديناميكيات التجارية الراهنة بين كوريا الجنوبية والولايات المتحدة القلق الأوسع الذي يساور سول بشأن تحالفها مع واشنطن، وتُبرز كيف أن النزعة القومية الاقتصادية التي أعاد ترامب إحياءها قد أعادت تسليط الضوء بقسوة على الاقتصاد الكوري، حيث عمّقت الرسوم الجمركية الشاملة التي أعلن عنها ترامب في 2 إبريل/نيسان، على الواردات من كوريا الجنوبية، الجدل الاقتصادي الدائر في الحملات الانتخابية. ووضعت هذه الرسوم الفائض التجاري الكوري البالغ 66 مليار دولار مباشرة في مرمى إدارة ترامب.
ولطالما واجهت كوريا صعوبة في تحقيق التوازن بين الولايات المتحدة، التي تشكل الضامن الأمني لها، وبين الصين، التي تُعد شريكها الاقتصادي الرئيسي. لكن بعد الضغوط الاقتصادية التي مارستها بكين عقب نشر نظام الدفاع الصاروخي الأميركي "ثاد" في عام 2016، بدأت سول تسعى إلى تقليص اعتمادها الاقتصادي على الصين، مما جعل الحفاظ على علاقات تجارية إيجابية مع الولايات المتحدة أكثر أهمية من أي وقت مضى.
وليست هذه هي المرة الأولى التي يستهدف فيها ترامب العلاقات التجارية بين البلدين، ففي ولايته الأولى، هاجم ترامب اتفاقية التجارة الحرة بين كوريا الجنوبية والولايات المتحدة، التي يصفها خبراء التجارة بأنها "المعيار الذهبي" لاتفاقيات التجارة الحديثة لما تتضمنه من أحكام قوية لحماية الملكية الفكرية والأسرار التجارية، واصفا إياها بأنها "صفقة مروعة"، قبل أن يفرض إعادة التفاوض عليها في عام 2018 لتعديل بعض اللوائح المتعلقة بصناعة السيارات.
وفي خطابه أمام الكونغرس في 4 مارس/آذار من هذا العام، عاد ترامب ليكرر اتهامه لكوريا بممارسات تجارية غير عادلة، قائلا: "الرسوم الجمركية المتوسطة في كوريا أعلى بأربع مرات، تخيلوا ذلك، أربع مرات"، رغم أن معدلات الرسوم الجمركية قد أُزيلت فعليا بموجب اتفاقية التجارة الحرة بين الجانبين وأصبحت أقل من 1%. وصوّر ترامب ما تبقى من الحواجز التجارية باعتبارها إهانة لعقود من الضمانات الأمنية التي قدمتها الولايات المتحدة، قائلا: "نحن نقدم الكثير من المساعدات عسكريا وبطرق عديدة أخرى لكوريا الجنوبية. لكن هذا ما يحدث، من الأصدقاء والأعداء على حد سواء".
وسواء كان الفائز من التقدميين أو المحافظين، فسيرث ليس فقط بلدا منقسما خلّفه يون، بل أيضا إدارة أميركية تتطلع لاختبار مدى صلابة كوريا في ملفات التجارة. وأرسلت كوريا بالفعل فريق تفاوض رفيع المستوى إلى واشنطن، ومهد الأرضية للمفاوضات، إلا أن تحديات مهمة لا تزال قائمة، ولن تُواجه جميعها على طاولة التفاوض.
وبعد اجتماع جانبي لوزراء منتدى التعاون الاقتصادي لآسيا والمحيط الهادئ في 16 مايو/أيار الجاري، حذر وزير التجارة آن دوك-جين من أن سول قد تفوت الموعد النهائي لاتفاق الرسوم الجمركية في يوليو/تموز إذا تدخلت السياسة الداخلية. وتقول وتقول الباحثة دارسي دراودت-فيخاريس في تقرير نشره مجلس العلاقات الخارجية مؤخرا، إن ذلك لا يقل أهمية عن بناء علاقة شخصية وثيقة من النوع الذي يقدره ترامب.
ويمكن لكوريا أن تستلهم العبرة من اليابان، وتحديدا من النموذج الذي مثله رئيس الوزراء السابق شينزو آبي، الذي أسفر تقاربه الشخصي مع الرئيس ترامب، والذي نُسج خلال جولات الغولف المشتركة، عن إنجازات دبلوماسية ملموسة. غير أن كلا من لي جاي-ميونغ وكيم مون-سو، وهما سياسيان بنيا نفسيهما من خارج النخبة، يمثلان تناقضا حادا مع القادة المتعلمين من النخبة الذين اعتاد ترامب التعامل معهم. ومن يجلس مقابل ترامب على طاولة القمة، سيتعين عليه تحويل شرعيته الانتخابية إلى موقف تفاوضي ناجح.
(أسوشييتد برس، العربي الجديد)
